هل مازال الجيل الجديد من الامهات ينتظر قبلة ووردة وهدية في عيد الأم, ام ان احتياجاته اختلفت وتخطي تلك المظاهر الانسانية والمشاعر الجميلة التي لايمكن لاحد ان يقلل من شأنها؟ الاجابة عن هذا التساؤل تفرض التأمل في ظروف هؤلاء الامهات خاصة العاملات منهن واللاتي اصبح ثمن الامومة باهظا بالنسبة للكثيرات منهن ممن فرضت عليهن ظروف المجتمع وماحدث به من تغييرات التضحية بعملهن, وفي حوار مع بعض الامهات الشابات تمنين الخروج عن الاطار التقليدي لعيد الام واختصاره في مظاهره التي استمرت لاكثر من50 سنة وانحسارها في علاقة الامهات والابناء وان يمتد الاحتفال بعيد الأم ليصبح مناسبة لبحث مشاكل الامهات التي اعتاد الجميع علي ان تتحملها وحدها حيث اصبحت الامومة للمرأة العاملة محاطة بالعديد من الصعوبات مثل السكن في مناطق متطرفة والعمل لساعات طويلة وارتفاع تكلفة دور الحضانة التي تمتد لهذه الساعات, والحرمان من مساعدة الجدات في تربية الابناء لان بعض هؤلاء الجدات عاملات, وغيرها من المستجدات التي لم تترك للأم احيانا اي اختيار سوي الاستسلام والتضحية بعملها. غير ان المتخصصين يرفضون هذا الاستسلام بل ينصحون بالتكيف مع الظروف والبحث عن البدائل والحقوق وألا يكون ترك الام لعملها اول اختياراتها, فالأمر يتطلب اعادة ترتيب الاولويات وتوزيع المسئوليات وتفعيل القوانين حتي لاتصبح الأم هي الشخص الوحيد المطالب بالتضحية استسلاما لظروف حدثت نتيجة سياسات خاطئة كما تقول عفاف السيد رئيس ادارة مؤسسة هي لتنمية المرأة وكان نتيجتها ازمات مثل السكن والبطالة والتي غالبا ما تكون ضحيتها المرأة, رغم جديتها وقبولها بالمتاح والتكيف مع الظروف في محاولة منها لاثبات ذاتها, فتنجز وتتفوق في عملها, وتبدأ في الحصول علي الوضع المناسب لقدراتها ومؤهلاتها, ولكن ايضا في إطار تكييفها مع الواقع وقبول المتاح تقبل الزواج والسكن في احدي المدن أو الاحياء الجديدة البعيدة والتي يقع عبء بعدها علي المرأة ايضا ويصبح اسهل الحلول كما يري البعض هو تركها لعملها الذي طالما جاهدت من أجله حتي لو فاق مرتبها مرتب زوجها. ويحدث هذا رغم وجود مزايا كفلها القانون للمرأة تقديرا لأدوارها الاجتماعية المهمة حيث منحها القانون الحق في اجازة ثلاثة اشهر باجر بعد الوضع, والحق في اجازة رعاية طفل لمدة سنتين لكل طفل بحد اقصي ثلاث مرات, والزام كل مؤسسة أو جهة عمل تضم مائة سيدة( أوجهتين قريبتين معا) بعمل دار حضانة, إلا أنها غالبا لا تتمكن من الحصول علي الحقوق خاصة اذا كانت تعمل بالقطاع الخاص أوبعقد مؤقت, لذا تلجأ إلي ترك العمل ولو لفترة حتي يكبر الابناء, غير ان ذلك له العديد من السلبيات, بدايتها الاقصاء الاجتماعي, حيث تبتعد المرأة عن محيطها الحيوي ويتراجع مستواها الثقافي ومستوي خبراتها ومعلوماتها اذا لم تتح لها فرصة الاطلاع والتواصل في مجال عملها, كما ان تركها العمل يحرمها من الدخل المادي الذي يمثل قوة اقتصادية تجعلها شريكة في القرار فتفقد جزءا من حقوقها, وتضيف: المجتمع يدين المرأة التي تستسلم بالعودة للمنزل في حين انه لم يساعدها! اما د. نادية حليم استاذ علم الاجتماع والمستشارة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فتؤكد انه يجب بداية النظر إلي العمل علي انه حق وليس رفاهية وينبغي اعادة النظر في مسئولية العمل باعتبارها اعباء مشتركة وعلي كل من الزوجين دفع الآخر للتقدم في عمله وليس التخلي عنه, ومن جهة اخري يجب تفعيل القوانين التي كفلت للمرأة العديد من الحقوق ودعمها ببعض الاجراءات التي تدعم وجودها في العمل مثل تشجيع القطاع الخاص علي تشغيل النساء بمنحه بعض المميزات مثل خصم تكلفة انشاء دار حضانة من الوعاء الضريبي لاي منشأة, ومنح مزيد من الاعفاءات وتقديم الامتيازات للجهات التي تعمل بها سيدات, وهذا الشأن كما تقول هو اتجاه عام للدولة حاليا. من جهة أخري علي الزوجين اعادة ترتيب نظام حياتهما بتقاسم المسئولية في رعاية الاطفال حتي يكون ترك العمل هو اخر اختيار يمكن ان تلجأ إليه المرأة.