ساقت لنا الأحداث في أسبوع واحد واقعتين تستحقان التأمل. إحداهما لوكيل نيابة مركز مطاي بالمنيا الذي قرر جلد مواطن80 جلدة لأنه شرب الخمر. وقد اهتز الرأي العام للواقعة, مما إضطر النائب العام للتدخل وإخلاء سبيل المتهم بعد أن ألغي عقوبة الجلد التي قررها وكيل النيابة. ومع أن عقوبة الجلد غير موجودة في القانون إلا أن وكيل النيابة أمر بها استلهاما مما جاء في الدستور الذي تقضي مادته الثانية بأن مباديء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. ولو أخذنا بفكر وكيل النيابة الشاب(25 سنة), لفاجأنا آخر بقطع يد سارق وثالث برجم زانية.. وهذه المادة الثانية بالدستور ومواد أخري تخاطب المشرع الذي يصدر القوانين, ولهذا اعتبر وكيل النيابة أنه تجاهل القانون وأصدر من تلقاء نفسه تشريعا عمل به, مما يعد خروجا علي القاعدة التي يعمل علي أساسها رجل القضاء وهي تطبيق القانون لا تشريعه. وعلي عكس ثورة الرأي العام لواقعة مخالفة وكيل النيابة للقانون, كانت هناك ثورة أخري تزعمتها جماعة الإخوان المسلمين التي سيرت مؤيديها للتظاهر ضد القضاة بعد القرار الذي أصدرته المحكمة بإخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين تنفيذا للقانون الذي يحتم إخلاء سبيل المحبوس احتياطيا علي ذمة قضية إذا استوفي الفترة المحددة للحبس. وقد خرج قادة الجماعة وكتابها يطالبون بتطهير القضاء الذي أخلي سبيل مبارك وقبل ذلك أفرج عن عدد من قادة النظام الذين جمعهم ليمان طرة دون مراعاة أن ثورة الشعب هي التي خلعت مبارك ونظامه وأنه كان يجب أن يستلهم القضاة روح الثورة ويحكمون بما تريد لا بما يقضي القانون. والذين يريدون للمحاكم ذلك هم الذين يتهربون من مسئولياتهم التي تفرض عليهم إصدار التشريعات التي تحقق متطلبات الثورة. أما مطالبة القضاة بأن يفعلوا ذلك دون ضابط, فالنتيجة المؤكدة لذلك خلل في الأحكام, وصدورها حسب المزاج الشخصي لرجل القضاء ورؤيته, كما حدث مع عقوبة الجلد التي ثار الرأي العام عليها! [email protected] لمزيد من مقالات صلاح منتصر