أثار حكم وكيل نيابة مطاي حسين عنان بجلد شخص يدعي محمد عيد رجب تم ضبطه وهو في حالة سكر ثمانين جلدة ردود فعل قوية خاصة أن هذا الحكم يصدر لأول مرة في مصر التي تطبق الأحكام القانونية الوضعية وليست حدود الشريعة الإسلامية. ناقش §§المساءالديني §§ علماء الأزهر والقانون في هذا الحكم وكانت هذه آراؤهم:الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يقول إن عقوبة شارب الخمر في الشريعة الإسلامية هي جلد الشارب أربعين جلدة وزيدت في زمان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي ثمانين حينما علم باستهانة الناس بهذه العقوبة.. ولهذا فإن عليا كرم الله وجهه كان يقول §§ ما من أحد يموت في حد فأحد- أي أحزن عليه- إلا شارب الخمر فإنه إذا مات وديتة-أي دفع ديته- لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يسنه- أي لم يسن الزيادة علي الأربعين. ولما كانت الشريعة الإسلامية في الدساتير المتعاقبة هي المصدر الرئيسي للتشريع وكانت هذه العقوبة منصوصا عليها في الشريعة ومطبقة في زمن النبي وفي زمن خلفائه كانت العقوبة المنصوص عليها في القانون ليست من قبيل الحد وإنما هي عقوبة تعزيزية وليست حدية لذلك يري د. إدريس أن ما أمر به وكيل النيابة من جلد شارب الخمر ثمانين جلدة لم يتجاوز العقوبة المقررة قانونا خاصة أن العقوبة التعزيزية المنصوص عليها في القانون يجوز لولي الأمر تقديرها بالنسبة لحال مرتكبها وحال المجتمع الذي وقعت فيه الجريمة بمعني أنه إذا كان قد أمر بتوقيع الجلد وليس في القانون عقوبات حدية معمول بها فهذه العقوبة هي من قبيل العقوبات التعزيزية شأنها في ذلك شأن الحبس ونحوه مما يحكم به في مثل هذه الجريمة. ولهذا سواء من ناحية القانون أو من ناحية الشريعة فإن وكيل النيابة في رأيي لم يخالف القانون بمفهومه الواسع.. أما إذا كان قد أصدر حكمه تطبيقا لشرع الله سبحانه وتعالي فإنه أيضا لم يخالف القانون المعمول به لأن الغرض ان القانون ينبغي أن يكون مستمدا من الشريعة الإسلامية كما هو منصوص عليه في الدستور المصري. يقول الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر إن جلد شارب الخمر هذا أمر مقرر في التشريع الإسلامي علي مذهب الإمام مالك وقد قال البعض إن الحد أربعين جلدة وزيادة تعزيزا ولكن الذي يحكم بتطبيق العقوبة هو القاضي ليس المحقق وبالتالي فإن الذي يأمر بالتنفيذ هو ولي الأمر لأن الحدود لا تنفذ إلا به. أضاف أنه كان من المفترض أن يفطن وكيل النياية إلي هذا لأن دوره وحدوده إجراء التحقيق أما إصدار الحكم فالقاضي والموافقة علي التنفيذ ترجع للحاكم أو من يفوضة من المؤسسات ذات العلاقة خاصة أن الحدود لم تطبق في مصر. يري د. كريمة أن هذا الحكم يعتبر مزايدة علي الإسلام لانه سيضع المجتمع في حرج لأنه لو فرضنا أن هذا حكم قضائي كيف ينفذ وبالتالي فإن هذا سيفتح جدلا ويثير فتنا لأن هذه الأمور يجب أن ترجأ إلي حين تنفيذ تطبيق حدود الشريعة الإسلامية. ثقة في الأحكام الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق يري أن وكيل النيابة لم يخطئ بل عنده ضمير وثقة في الاحكام الشرعية التي لو طبقت كما أمر الله لأصبح المجتمع نظيفا من الأوبئة الفتاكة بالأخلاق والقيم.. لأنه من المعروف أن حد شارب الخمر هو ما طبقه وكيل النيابة لأن المخمور إذا شرب هذي وإذا هذي افتري.. وعلية فإن سؤالا قد يرد هل نحن نطبق أحكام الشريعة؟.. والاجابة بالطبع أنه من حق أي قاض أو وكيل نيابة أن يقيم حد الله والسبب أن رئيس الدولة أوكل إليهم أن يقيموا العدل بين الناس ويحكموا بينهم بالمساواة فإذا ما رأي القاضي أن قانون الله افضل من قانون البشر وطبقه في حدود دائرة اختصاصاته فلا جناح عليه. ولنا أن نتساءل أيضا هل من حق جبهة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلا أن تقيم حد الله؟ الإجابة لا.. لأن هناك فرقا بين جماعة وهيئة وقاض يحكم بين الناس فلو كان الآمر بالمعروف معه صفة الضبطية القضائية وخوله الحاكم في أن يقيم العقوبة كما يراها كما هو الحال مع القضاة لجاز له ذلك علما بأن وكيل النيابة عندما أمر بإقامة الحد علي المخمور فإنه أراد أن يحمي المجتمع من ضرر لاحق وخطر واقع لأن المخمور قد يسئ إلي الأبرياء ويعتدي علي الشرفاء.. من هنا فإن من حق وكيل النيابة أن يؤدب بالحبس أو السجن أو حتي الإعدام إذا رأي ذلك.. فالأحكام تدور أمامه وهو من وظيفته الأساسية أن يحافظ علي بنيان المجتمع وقيمه الأخلاقية وآدابه الاجتماعية ولعل في هذا زجرا لمن تسول له نفسه بأن يشرب الخمر ويمشي في الشوارع. رأي القانون يري عادل عمر المحامي بالاستئناف العالي أنه لا توجد مادة في القانون تقر لوكيل النيابة جلد شارب الخمر فهذه الحدود تسري في البلاد التي تطبق حدود الشريعة الإسلامية مثل السعودية وبعض الدول الأخري.. أما عندنا في مصر فيجب أن تخضع الأحكام لولي الأمر وولي الأمر لم يقر عقوبة الجلد وبالتالي فإنه ليس من حق القضاء أن يصدر مثل هذه الأحكام. وينص الدستور المصري علي أن الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ولا يجرم القانون تجارة لكنه يحظر شرب الخمر في الطريق علانية ويعاقب كل من يضبط في مكان عام في حالة سكر بين بالحبس الذي لا تقل مدته عن أسبوعين ولا تزيد علي ستة أشهر أو غرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولاتتجاوز جنيهاً ويجب الحكم بعقوبة حبس في حالة العودة.