عقوبة الجلد .. عندما نسمع تلك الكلمة يتبادر الى اذهاننا صوره لشخص مكبل الى قطعه من الخشب، عارى الجذع ويسيل الدم من ظهره وهو ما يختلف عن واقع تنفيذ عقوبة الجلد في المملكة العربية السعودية،الذي ينفذ في احد الاماكن العامة ويكون عبارة عن ضربات ضعيفه متتاليه في اماكن متفرقه من الضهر مهينه أكثر منها مؤلمة، والذي يختلف أيضاً عن تنفيذ الجلد في الشريعة الإسلامية فالعقوبات في الشريعة الاسلامية تشمل ثلاثة أنواع هي " حد الزنى، القذف، وشرب الخمر". أما الجلد في المملكة العربية السعودية فهو قانون دولة، فالقانون السعودي ينص علي تنفيذ حكم الجلد علي المحكوم عليه مالم يكن مريض، فإذا أثبت مرضه بتقرير طبي تعاد محاكمته، بالأضافه الى أن هناك تعليمات من المجلس الأعلي للقضاء السعودي بأن عقوبة الجلد تشدد اذا كانت القضية تتعلق بحق عام أو بمبالغ ماليه ضخمة عجز المتهم عن سدادها . وقد وضع القانون السعودي قائمة بمن لا يتحملوا الجلد وهم أصحاب الأجسام الضعيفه حتي تقوي بنيتهم الجسمانية، المريض حتي يشفي الا إذا كان مرضه لا شفاء منه، فاذا كان مرضه يسمح له بتحمل الجلد يجلد،السكران حتي يفيق، والحامل حتي تضع حملها، والنفساء حتي ينتهي نفاسها، والمحموم حتي تزول عنه الحمي، والمريض الذي يؤذيه الجلد ويؤثر علي حياته، علي أن يتم الجلد في مكان عام " سوق أو مسجد " حتي يتحقق الردع علي أن يكون الجلد متوسط القوه فلا يكون شديد يهلك ولا ضعيف لا يؤلم، مع ضروره التشهير بالمتهم فيجلد الرجل خارج السجن، علي أن يشهده مجموعه من الناس ومندوب عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومندوب عن المحكمة مع اللجنة المنفذه للحكم مع قراءه تهمه الرجل وسبب جلده، أما بالنسبة للنساء فيجلدوا داخل السجن. وينفذ الجلد في النهار طوال ايام العام ماعدا شهر رمضان الذي تنفذ فيه العقوبة بعد صلاة التراويح وتكون أداة الجلد عبارة عن " سوط " ليس جديد فيتسبب في خروج الدم ولا قديم لا يؤلم وليس به عقده، أو عصا " خيزران" شرط ان لا تكون سميكة تكسر العظام ولا دقيقة لا تحقق العقاب المنشود، ويجلد الرجل واقفاً، مرتدياً ملابسه، يقيد في حاله رفضه تنفيذ الحكم فقط، أما المرأة فتجلد جالسه مرتديه ملابسها المعتادة ولا يجوز أن تنفذ العقوبة في مكان عام . وبعد أن اثارت قضية المصرية نجلاء وفا، المعتقلة بالسجون السعودية والمحكوم عليها بالسجن خمس سنوات و 500 جلده غضب واعتراض رجال الدين في مصر. قال أحمد محمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن التشريع الجنائي الإلامي جزء من الشريعة الإسلامية ويتناول الحدود السبعة وهم "الزنا، القذف، السرقة، الحرادة، البغي، الردة، وتعاطي المسكرات وجرائم الاعتداء على النفس البشرية بالقتل أو ما دون القتل "وهذة الجرائم لها عقوبات مقدسة حددها الشرع الحكيم . وأضاف كريمة أن هناك جرائم أخري ليست مقدرة كالغش والإضرار بالغير فيما يعرف بالتعزير التي تصل العقوبات فيها حسب رؤية القاضي في الجرائم التي يحكم فيها ولكن لايصل العقوبة فيها إلي عدد كبير من الجلد حيث يعد مخالف للشريعة الإسلامية، موضحا أن جريمة الزاني البكر يحصل علي 100 جلدة وجريمة قذف الناس ونفي النسب بدون دليل وتعاطي المسكرات 80 جلدة . وأشار كريمة أن الجلد الذي يعلو 100 جلدة مخالف للشريعة الإسلامية حتي لو كانت الدولة التي تطبق الشريعة الاسلامية في شروطها أو قوانينها ،مؤكدا أن الإدعاء بأن الشريعة الاسلامية مطبقة بكاملها في المملكة العربية السعودية غير صحيح ،كما تسائل كيف يتم تطبيق عقوبة جلد تصل إلي 500 جلدة علي السيدة المصرية "وفا" أيا كانت جريمتها لا بالشريعة ولا السنه. واستنكر كريمة قائلا المسلمون يبتدعون شريعة الله ،مشيرا أنه لابد أن يحاكم السفير المصري سواء كان علي علم بالقضية من بدايتها لعدم قيامه بعمله ومساعدتها في الحصول علي حقها القانوني وإذا كان لا يعلم عن القضية فهذة مصيبه اكبر،متسائلا أين كانوا المصريون والمسئولون فى قضية المجلودة المصرية في السعودية قديمة . وأوضح كريمة أن السفراء المصريين في الخارج مغيبون تماما ويعملون لمصالحهم فقط ،معربا عن اسفه علي الشعب المصري الضائع حقه داخل وطنه وخارجه،متسائلا هل أفقر دول العالم يتم انتهاك حقوق شعبها كما يحدث مع الشعب المصري، قائلا المعتصم عندما نادته مرأة وقالت "وامعتصماه" هب لنجدتها أين انت يامصر. وفي نفس السياقيقول الدكتورمحمدرأفتعثمان،عضومجمعالبحوثالإسلامية، لا يوجد في الإسلام ما يسمى بال 500 جلدة، وأضاف ان التهمه التي وجهت للمتهمه بالجلوس مع رجل غريب بدون محرم لا يمكن محاسبتها عليها وذلك لأن الشريعة الأسلامية ترفض هذا الأمر ولكن لم تجرمه فلا وجود لأي نص صريح يفرض عقوبة علي هذا الفعل. وأضاف عثمان أنالعقوبات في الشريعة الاسلاميةالخاصة بالجلدهي ثلاثة أنواع، حد الزنى ، والقذف ، وشرب الخمر، مضيفاً إنه لا وجود لمثل هذا العدد من الجلدات في الدين الأسلامي ولا أي من الشرائع السماويه فأقصي عقوبة معروفة هي الزنا لغير المحصنة وهي 100 جلدة فقط، حتي في نظام التعزير الذي يعطي القاضي الحق في زيادة عدد الجلدات أذا ما كان الجرم غير مسبوق فالشرع يقول أن عدد الزياده لا تتخطي العشرة جلدات بأي حال من الأحوال وهذا يعني أن هناك سبب أخر وراء التنكيل بمن صدر ضدها تلك العقوبة ،كما أن لتنفيذ العقوبة بعض الضوابط الشرعية أهمها أن لا يكون هناك إسراف في التعذيب،موضحاً ان العقوبة لم توضع للتعذيب ولكن لتعزيره أمام الناس حتي يكون عبره ويتعظ من يكون شاهداً علي تنفيذ العقوبة، وأشار الى أن جلد نجلاء 500 جلدة هو أمر مبالغ فيه ويبدو في الحكم المجاملة اكثر من العدل.