أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة اليوم الأحد 11 مايو    السيطرة على حرائق المستودعات النفطية في بورتسودان    بعد وقف إطلاق النار.. ترامب: أمريكا ستزيد التبادل التجاري مع الهند وباكستان    الرئيس الأمريكى يُشيد بالمحادثات التى جرت بين بلاده والصين فى سويسرا    برشلونة يستضيف ريال مدريد في كلاسيكو الأرض    أخبار مصر: حظر تشغيل الموظف أكثر من 8 ساعات، ذروة الموجة الحارة اليوم، أولمرت: غزة فلسطينية، نجل فنان شهير يدهس موظفا بسيارته    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين بقضية خلية النزهة الإرهابية    مواعيد عرض مسلسل أمي على منصة شاهد    هل تصح طهارة وصلاة العامل في محطة البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    استقالة مستشار الأمن القومى السويدى بعد يوم من تعيينه بسبب صور فاضحة    مع استئناف جلسات «قانون الايجار القديم»: خبير عقاري يشرح فوائد إعادة فتح الشقق المغلقة    تشكيل ريال مدريد المتوقع ضد برشلونة اليوم في الليجا    حظك اليوم الأحد 11 مايو وتوقعات الأبراج    تشكيل ليفربول المتوقع ضد آرسنال اليوم.. موقف محمد صلاح    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    لأول مرة.. نانسي عجرم تلتقي جمهورها في إندونيسيا 5 نوفمبر المقبل    أسعار الذهب اليوم الأحد 11 مايو في بداية التعاملات    اليوم.. انطلاق التقييمات المبدئية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 11-5-2025 مع بداية التعاملات    إخلاء سبيل ضحية النمر المفترس بالسيرك بطنطا في بلاغ تعرضه للسرقة    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    بالتردد.. تعرف على مواعيد وقنوات عرض مسلسل «المدينة البعيدة» الحلقة 25    في ظل ذروة الموجة الحارة.. أهم 10 نصائح صحية للوقاية من ضربات الشمس    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 11 مايو 2025    «جودة الحياة» على طاولة النقاش في ملتقى شباب المحافظات الحدودية بدمياط    هاني رمزي: من المبكر تقييم النحاس مع الأهلي.. وأتوقع فوز بيراميدز على الزمالك    تامر أمين بعد انخفاض عددها بشكل كبير: الحمير راحت فين؟ (فيديو)    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    وزيرة التضامن: خروج 3 ملايين أسرة من الدعم لتحسن أوضاعهم المعيشية    بوتين: أوكرانيا حاولت ترهيب القادة القادمين لموسكو لحضور احتفالات يوم النصر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    الأرصاد تكشف موعد انخفاض الموجة الحارة    كارثة منتصف الليل كادت تلتهم "مصر الجديدة".. والحماية المدنية تنقذ الموقف في اللحظات الأخيرة    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    سامي قمصان: احتويت المشاكل في الأهلي.. وهذا اللاعب قصر بحق نفسه    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    المركز الليبي للاستشعار عن بعد: هزة أرضية بقوة 4.1 درجة بمنطقة البحر المتوسط    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    «أتمنى تدريب بيراميدز».. تصريحات نارية من بيسيرو بعد رحيله عن الزمالك    خالد الغندور: مباراة مودرن سبورت تحسم مصير تامر مصطفى مع الإسماعيلي    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدمير الزراعة في مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 04 - 2013

أصبحت مصر( ذات الوادي الخصيب) تستورد طعامها لأول مرة في التاريخ.لقد تم تفتيت نشاط الزراعة وتوزيع مسئولية رعايته والمحافظة علي الرقعة الزراعية بين ست وزارات.
بالإضافة إلي المحافظات والمحليات والجمعيات الزراعية وأكثر من عشرين هيئة عامة وجهازا وصندوقا لها شخصيات اعتبارية مستقلة بصورة جعلت الجميع يعملون في اتجاهات متنافرة, ويفسدون أعمال بعضهم البعض. بحيث أصبحت مهمة التنسيق بينهامعقدةبصورة انعكست سلبا علي النشاط الزراعي برمته, وأوصلتنا إلي ما نحن فيه.
أصدرت حكومة الثورة قانون الإصلاح الزراعي عام1954 الذي فتت الملكية بصورة سببت انهيار الإنتاجية واضطرت معها إلي فرض نظام الدورة الزراعية, حيث حددت زمامات كبيرة نسبيا لزراعة نفس المحاصيل لتحسين الإنتاجية. لكن وزارة الزراعة ألغت الدورة عام1992 تحت مسمي تحرير الزراعة, مما أدي لتدهور الإنتاج وزيادة مشكلات توفير المياه والبذور والسماد والميكنة, وإنهاك التربة بزراعات متكررة سعيا وراء أقصي عائد.
وصرح وزير الزراعة لجريدة الأهرام في22 فبراير2013 بأن التعاون الزراعي المصري الإسرائيلي توقف نهائيا, وذلك ردا علي تساؤلات عن استمرار انعقاد اجتماعات اللجنة الزراعية المشتركة المشكلة عام1981 ضمن معاهدة كامب ديفيد إلي وقتنا الحالي. وقد أوصت اللجنة بعدم زراعة الحاصلات الاستراتيجية غير المربحة, كالفول والقمح والعدس والذرة, وزراعة الحاصلات المربحة كالخضراوات والفاكهة وتصديرها, وشراء ما تحتاجه مصر من حاصلات استراتيجية كالقمح بثمنها, مع إلغاء الدورة الزراعية وإلغاء نظام التوريد الإجباري للحاصلات الاستراتيجية لمصلحة الدولة! وهكذا لم تعد هناك خطط تتبناها وزارة الزراعة للمحاصيل الاستراتيجية وتوفر لها البذور والتقاوي, بما أثر علي نوعية البذور المتاحة وفتح الباب تماما لتفشي فلسفة المتاجرة ودخول الجميع فيها علي حساب المزارع. وبسبب تفتت الملكية وتنوع الزراعات المتجاورة بعد إلغاء الدورة الزراعية, زادت تكلفة الميكنة الزراعية بصورة صعبت استخدامها بدرجة كبيرة.
كما تم فصل شركات الكراكات العامة عن وزارة الري التي اقتصر دورها علي تطهير الترع الرئيسية بمقاولين, ونقلت مسئولية تطهير المساقي لجمعيات التعاون الزراعي وعلي حساب المزارعين مما أثر بشدة علي كفاءة المساقي والمصارف وعلي إمداد الزمامات المفتتة ذات الزراعات المتباينة بالمياه بالكميات المطلوبة وفي المواعيد المناسبة. ومع فوضي الزراعات المفتتة ذات الاحتياجات المتباينة للسماد في مواعيد مختلفة, استفحلت مشكلات توافر السماد وأسعاره, خصوصا أن مصانع السماد المملوكة للدولة أصبحت تفضل تصديره بالعملة الصعبة وبالأسعار العالمية علي إعطائه للفلاح بالأسعار المحلية. وتنافس التجار في الحصول علي حصص من السماد المخصص للسوق المحلية بكل الوسائل غير القانونية وبيعها للفلاح بأسعار مضاعفة.
كما اضطر المزارعون للبناء علي أرضهم لأبنائهم وبصورة عشوائية, وقام التجار بتبوير الأرض وعمل مشروعات الإسكان الأهلية حول المدن والمراكز, وذلك لقصور مشروعات الإسكان والتعمير العامة عن تلبية احتياجات الناس, فتآكلت الرقعة الزراعية وانتشرت العشوائيات. وأصبح كثير من التجمعات السكنية دون صرف صحي حيث تغطي الشبكات العامة12% فقط من القري والكفور. فانتشر الصرف الصحي في المصارف الزراعية بل الترع, خصوصا مع تهالك الشبكات الموجودة وقصور جهود صيانتها. ومع ضعف البذور وعدم إراحة الأرض, زادت الحاجة إلي المبيدات, وانتشر استيراد واستخدام المبيدات غير المناسبة والمسببة للأمراض لضعف الرقابة وتفشي فلسفة المتاجرة علي حساب المزارع, مما زاد من تلوث التربة والمحاصيل وخصوصا الخضراوات.كما أصبح الفاقد في كل مراحل الزراعة والحصاد والتخزين والتوريد كبيرا, يصل في بعض التقديرات إلي نحو25% من المحصول. فالإنتاج صغير وموزع علي مساحات متناثرة ويحتاج لنقل مسافات أطول, مع تدهور حالة شون تخزين المحاصيل لدي وزارة التموين.
وهكذا ترك المزارع فريسة لقوي السوق والتجار التي لاترحم, وكثيرا ما وجد نفسه تحت رحمة تسعير منخفض لمحصوله يعلن بعدما يتورط في زراعته, يبقيه شبه معدم بدخل قد يقل عن300-400 جنيه للفدان في الشهر, في حين يتم دعم الزراعة في كل الدول الغربية وأمريكا. وحتي تكتمل ملحمة معاناة المزارع, يقوم بنك التنمية والائتمان الزراعي بإقراضه بفائدة للقيام بنشاط الزراعة الحيوي للوطن( لاستحالة أن يدخر شيئا بسبب تدني دخله) لكي يتمكن من توفير البذور والسماد والرعاية والحصاد, ليكتشف أنه بعد سداد ديونه المتوالدة في ظل الارتفاع المستمر لتكلفة كل عوامل الزراعة( حسب الأسعار العالمية الملعونة) إما يستمر معدما علي حاله, أو يفقد بعض حيازته أو منزله أو حريته وفاء لمطالب المرابي الذي لايرحم.
ويتم الإجهاز علي النشاط الزراعي بالاستيراد العشوائي للمحاصيل الاستراتيجية بواسطة وزارة التموين والتجارة الداخلية وعن طريق مستوردين معدودين كثيرا ما تصل شحناتهم في وقت حصاد المحصول المصري. ومع جهود التفلت من المواصفات التي كثيرا ما يكتب لها النجاح, يتم الاستيراد بأسعار متدنية تسهم في القضاء علي نشاط الأجداد منذ عهد الفراعنة وصرف المزارع عن الزراعة. فإذا بقي في الجسد رمق من حياة, تكفل الاستيراد العشوائي بواسطة جحافل المستوردين لأي شيء وكل شيء من العالم وفي أي وقت وبترخيص من وزارة الصناعة والتجارة الخارجية بالقضاء عليه. فعايشنا المصريين يأكلون الثوم والبصل والفول والعدس المستورد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لمزيد من مقالات د. صلاح عبد الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.