الأردن أحد أهم حصون الشرق العربي والجزيرة العربية لكن الاضرابات والفوضي الدائرة في كل من العراق وسوريا الآن, وتحت مظلة نظرية المركز والهامش, تنبئ بانعكاسات وتداعيات علي أثر سقوط نظام بشار الاسد, وما يليها من احتمال نشوب حرب أهلية بين فصائل المعارضة السورية وإطالة أمد الفترة الانتقالية التي تعقبها والتي ستطول الي حين غير منظور, كما أن نتائجها ستكون بالغة التعقيد في ظل الحالة العشائرية القبلية الطائفية الممتدة علي طول ما سمي بالهلال الخصيب. يري البعض أن الأردن في مأزق حقيقي نتيجة تدفق السلاح والنازحين وأنماط عديدة للخارجين علي القانون تحت لواء الجهاد حسب زعمهم!! وكذلك طول أمد الازمة في سوريا يعني تحول النازحين في الأردن الي لاجئين, ثم مقيمين ليشهد المجتمع الأردني تغيرا جذريا في تركيبته السكانية و الحزبية والسياسية. ولقد تحركت بعض دول الخليج ومنظمات المجتمع المدني لمؤازرة الأردن في ادارة الازمات المتلاحقة الناجمة عن تردي الاوضاع وهو تحرك محمود لكنه محدود, ويري الخبراء أن زيارة أوباما الاخيرة للمنطقة كانت في إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد الاسد, وخاصة في مجال الترتيبات الامنية, للحفاظ علي دولة الاردن, سواء بالدعم المادي أو اللوجستي وصولا للتعاون العسكري المباشر ووفقا لطبيعة تدهور الاوضاع, عقب سقوط الاسد. وواقع الحال ينذر بسوء المآل حيث إن تداعيات الأحداث مع حضور اطماع الاطراف الاقليمية التي تبحث عن موطئ قدم علي خريطة المتغيرات الدائرة والقائمة علي الساحة الأردنية, فهناك جذور تاريخية لما يدور علي السطح منها جبهة النصرة واجنحتها العسكرية وهي عائدة بعد مشاركتها المسلحة في سوريا, والتي يشير العديد من الخبراء إلي صلتها بتنظيم القاعدة في العراق, وغير بعيد ان يكون هناك تنسيق مرحلي مع كتائب الحرس الثوري في العراق وسوريا.. هذه البيئة الداخلية تنذر بتغيرات حادة علي الساحة الأردنية و تنعكس بشكل مباشر علي أمن دول الخليج باعتبار ان الأردن هو العمق الاستراتيجي الطبيعي لها.. إن أدارة الازمات المقبلة علي الساحة الأردنية اكبر من الحاجة الي دعم مادي, بل في حاجة الي موقف سياسي عربي موحد يبني علي استراتيجية عربية لمؤازرة الأردن سياسيا وعسكريا واقتصاديا.. لأن تحول الأردن الي ساحة للنشاط الارهابي, علي غرار ما يدور في العراق والمحتمل ان يستمر في سوريا انما هو تهديد مباشر لمشروع تحول مجلس التعاون الخليجي الي اتحاد, ومن هذا المنطلق فإن الراصد للأحداث يجد نفسه أمام سيناريوهين علي أثر سقوط بشار الأسد, الاول تشاؤمي وهو مالا نريد الوصول اليه لمخاطره الاقليمية, والثاني تفاؤلي. السيناريو التشاؤمي هو دخول الأردن في دوامة الفوضي غير الخلاقة, وما يستتبعه من تداعيات سلبية مؤثرة علي المشرق العربي ككل وتهدد امن الخليج العربي, كما تفقد القضية الفلسطينية فاعلية طرف استراتيجي مؤثر لتغيب قضية قدسنا الشريف في ضبابية ومتاهات العولمة... الي حين قد يطول أمده!! السيناريو التفاؤلي, هو ان يبقي الأردن قويا مستقرا ودرعا للمشرق العربي.. في مواجهة تهديدات قادمة لا محالة أولها تهديد مدنية الدولة وليس آخرها الارهاب بل قد يصل الي التدخل الاجنبي في مراحله اللاحقة. قد لا أكون مبالغا إذا ما أطلقت مناشدة عربية لمؤازرة الاردن سياسيا واقتصاديا وعسكريا, وحتي لا تصل بنا تداعيات الاحداث الي ما يسمي في أدبيات الامن القومي تهديدات حق البقاء لدولة عربية!!. لمزيد من مقالات د. عبد الغفار عفيفى الدويك