ثمة تطورات مرتقبة ربما ستشهدها عملية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية, وفقا للشروط الإسرائيلية, بدأت تلوح مؤشراتها بعد زيارة أوباما الأخيرة للمنطقة, والتي أكد خلالها علي تضامنه مع إسرائيل. وذلك إنطلاقا من دور متوقع لتركيا بعد المصالحة التي تمت برعاية الرئيس الأمريكي مع إسرائيل, فضلا عن الأردن الذي سيكون له دورا رئيسيا في إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, وقد تجلي ذلك في ضوء الاتفاق الذي تم بين الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس يوم31 مارس, والذي فوضت فلسطين بمقتضاه( رسميا) الأردن رعاية الأماكن المقدسة, وذلك بعد أن كان ذلك التفويض شفويا, منذ قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية في1988/7/31, وذلك بعدما كانت الضفة الغربية جزءا من الأردن منذ مؤتمر أريحا عام1949 حتي حرب.1967 و منذ فك الارتباط عام1988 وحتي توقيعها علي اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية( وادي عربة) في26 أكتوبر1994 ظلت الاردن مسئولة عن الإشراف علي المقدسات الإسلامية والمسيحية الفلسطينية مع السيطرة الأمنية لإسرائيل عليها. وذلك تأكيدا علي الرغبة الإسرائيلية في حرمان وتجريد القدس من أي إشراف فلسطيني. وقد سبق ورفض الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات تنازل السلطة الفلسطينية( رسميا) للأردن عن إدارة تلك الأماكن المقدسة. وعلي الرغم من تأكيد الرئيس الفلسطيني عباس بأن الاتفاق لا يحمل الجديد وأنه مجرد تأكيدا علي المؤكد تاريخيا, فلماذا يوصف( بالتاريخي) من قبل الموقعين عليه, إلا إذا كان يحمل في مضمونه نتائج تتعلق بالترتيبات المتعلقة بعملية التسوية. وهناك تساؤلأ أخر عن الكيفية التي سيلتزم بها العاهل الأردني بتعهده بالوقوف إلي جانب الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة, خاصة وأنه علي أرض الواقع لا توجد ملامح فعلية لتلك الدولة المرتقبة, في ظل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية, وما هي الحلول السحرية التي سيستطيع من خلالها التصدي لحكومة نتنياهو الجديدة التي تعد استيطانية بالدرجة الأولي؟ حيث أن غالبية أعضاء الكينيست في تحالف الليكود بيتنا يؤيدون الاستيطان, ومن أبرزهم ليبرمان( المحجوز له وزارة الخارجية), فضلا عن نفتالي بينيت رئيس البيت اليهودي, الذي سبق واقترح ضم الضفة الغربية, والأخطر من ذلك حصول ذلك الحزب علي وزارة الاسكان والمسئول عنها أوري أريئيل وهو أحد قادة المستوطنيين, والذي شدد علي أنه بين النهر والبحر لن تكون سوي دولة واحدة هي إسرائيل استنادا علي التوسع الاستيطاني. والسؤال الأخر هو لماذا فوض عباس الأردن رسميا, خاصة وأنها لم تستطع حتي الان الحفاظ علي تلك المقدسات من الانتهاكات الإسرائيلية, واقتحامات الاقصي المستمرة, هذا في ضوء العديد من الفتاوي الإسلامية التي تحرم زيارته, والتي ساهمت في تحقيق الرغبة الإسرائيلية في عزل القدس والأقصي عن روابطه العربية( المسيحية والإسلامية). وهل من المتوقع أن تستخدم الأردن ذلك التفويض الرسمي للتصدي للمخططات الإسرائيلية عبر المحافل الدولية, وذلك في مقابل التنازل عن مصالحها المتشابكة والمترامية مع كل من واشنطن وإسرائيل؟. كما أثارت تلك الاتفاقية مخاوف من إذابة الهوية الفلسطينية في ظل وجود تسريبات حول مشروع الكونفدرالية بين الأردن والضفة الغربية, خاصة وأن التاريخ يسطر لنا فصول من طموحات أردنية من أجل إعادة السيطرة علي الضفة الغربيةوالقدس, وكان الرادع الوحيد لتحقيق تلك الطموحات إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية في العام1964, باعتبارها الكيان الذي يمثل كل الفلسطينيين, واعتراف الدول العربية بعد قمة الرباط عام1974 بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. وقد تجددت تلك المطالب مؤخرا, في ظل الجدل الذي أثير بشأن الوضع القانوني للأردنيين من أصل فلسطيني, وظهور دعوات بضم الضفة الغربية إلي الأردن. ومن ثم فإن تلك التخوفات بحاجة إلي النفي من خلال إثبات العكس علي أرض الواقع, بمعني إثبات حسن النوايا من وراء تلك الاتفاقية, من خلال موقف أردني واضح ضد الخطط الاستيطانية في القدس, وتهويد الأقصي, وإن لم يتحقق ذلك فإن القضية الفلسطينية مقبلة علي تسويات غير مطمئنة, سيقدم الطرف الفلسطيني فيها تنازلات علي مرأي ومسمع الدول العربية, وبمباركة أمريكية إسرائيلية أوروبية.