أبكى.. أنزف.. أموت.. وتعيشى يا ضحكة مصر.. وتعيش يا نيل يا طيب.. وتعيش يا نسيم العصر.. وتعيش يا قمر المغرب.. وتعيش يا شجر التوت.. أبكى.. أنزف.. أموت.. وتعيشى يا ضحكة مصر... من منّا لم تدمع عيناه عند رؤية هذا المشهد العبقرى من فيلم «أغنية على الممر»، ومن منّا لم تهز كيانه كلمات الأغنية ومنظر جنود الجيش الذين يصرون على الموت تحت جنازير دبابات العدو ولا تطأ أقدامهم أرض مصر.. أول مرة شاهدت فيها هذا الفيلم كنت فى التاسعة من عمرى وكان يوم إجازة احتفالات حرب 6 أكتوبر.. يومها اقشعر جسدى ولم أستطع التحكم فى دموعى، وتمنيت أن أكون فى قلب هذا المشهد حقيقة لأدافع عن مصر.. وعندما سألتنى والدتى عن سبب دموعى قلت لها «محمد أخوية ضربنى»، وكان أخى يسخر من دموعى ويعرف لماذا أبكى.. فأخذ هو «علقة» من والدتى وشاهدت أنا باقى أحداث الفيلم وحدى. ذكرنى مشهد جنودنا أمام مجلس الوزراء بهذا المشهد السينمائي، والفرق بينهما شاسع، وأحزننا جميعا وزاد حزننا وخوفنا أكثر عندما شاهدنا الجيش يقوم ب«مرمطة» المعتصمين، لا يفرق بين أنثى وطفل أو عجوز أو صبى، وهو الحضن الدافى الواقى لنا فى أحلك الظروف وأشدها قسوة.. ماذا يحدث؟! حديث ساخن جرى مع زميل لى فى إحدى الوكالات الصحفية، وجدته يشير إلى أن هناك مؤامرة تم التخطيط لها، بدأت خطوتها الأولى ب(أكلة حواوشى).. وأشار فى غيظ إلى أن هناك جهات من مصلحتها زعزعة استقرار الدولة، ولن تتوانى عن التضحية ليس بخمسين شخصًا تقدم لهم طعامًا مسمومًا من أجل إشعال الموقف، بل على استعداد للتضحية بأضعاف هذا العدد في سبيل الوصول إلى أهدافهم.. وقال محتدا سأذهب معك إلى أن الجنود الموجودين فوق المبنى أخطأوا في ردود فعلهم، لكن لكل فعل رد فعل، وإذا كانت هناك نية لفض الاعتصام بهذه الطريقة فلماذا لم يتم قبل ذلك؟! ومتى حدث هذا الموقف؟! حدث في اليوم الذي تلا انتهاء المرحلة الثانية من الانتخابات.. وهذا يذكرنا بما حدث في نهاية اليوم الأول في المرحلة الأولى من الانتخابات.. لو حاولنا ربط الحدثين، بالإضافة إلى الحدث الثالث الذي قد يحدث مع نهاية أو بداية المرحلة الثالثة في الانتخابات.. مع بعضها سنخرج بنتيجة من وجهة نظرنا تقول من المستفيد ومن وراء ما يحدث كله.. كل المؤشرات تدل على أن الأمور لا تسير بعشوائية، وإنما بفعل منظم ومدروس، واختيار من قاموا بالمهمة تم بعناية لضمان نجاحها، فلا يمكن بأى حال أن تكون هذه أخلاق الجيش.. إنه يمثل قيمة للشعب والدولة فكيف يكون بهذه «السفالة» والوحشية! إنها إساءة للشعب كله وليس للجيش فقط، وحتى لو افترضنا أن هناك متظاهرين «سفلة» فلا يجب الرد عليهم؛ لأن دور الجيش هو الحفاظ على أرواح الشعب وكرامة الأرض والعرض وقد أقسم على هذا.. بغض النظر عن وجود بعض النماذج السيئة فى الشعب.. ما حدث مصيبة كان حلها الحوار والتهدئة وليس ب«أكل مسمم» أو فض اعتصام بالقوة والضرب والقتل والإهانة.. كفانا سفكا لدماء أبنائنا.. وكفانا تمزيقا فى ثوب مصر الجميلة.. إننا ندنس وجه وسمعة مصر.. وبدلا من أن نرى فى وجهها ضحكة نرى فى عيونها دمعة!!! لحظة: هل يعرف الجنود الذين أطلقوا الرصاص الحى على المعتصمين أنهم ليسوا فى حرب مع عدو؟! المزيد من مقالات على جاد