بلد خاض حرباً مثل حرب أكتوبر وانتصر انتصاراً مثل نصر 1973 ويمتلك قصصاً وحكايات وبطولات مثل تلك التي خاضها أبطالنا وشهداؤنا علي الجبهة.. وأكمل حربه دبلوماسياً حتي حرر آخر ذرة تراب من أرض سيناء الجميلة في 1982.. كل تلك المشاهد وكل تلك الدراما وكل هؤلاء الأبطال لم تجد فيهم السينما المصرية حتي الآن ما يستفزها أو يغريها لعمل فيلم محترم يليق بعبقرية الحدث وبحلاوة النصر، بينما نجحت نكسة 67 بكل أحزانها وانكساراتها في إخراج الفيلم المصري الجميل الذي نستطيع اعتباره فيلماً عن الحرب بجد.. «أغنية علي الممر».. الذي أنتجته «جماعة السينما الجديدة» وأخرجه «علي عبدالخالق» في 1972 (في عز اليأس والإحباط والانكسار وفقدان الأمل في خوض الحرب).. إذن نحن أمام انتصار عسكري غير مسبوق لم يسفر سوي عن مجموعة من الأفلام مثل «الرصاصة لا تزال في جيبي» و«بدور» وتلك القطعية من الأفلام الكوميدية الحربية.. وأمام هزيمة ونكسة وانكسار شعبي أسفر عن معزوفة سينمائية جميلة مثل «أغنية علي الممر».. وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي أننا شعب حزين بالفطرة.. شعب حزين وغلبان وطيب وعنده مشاكل بالهبل وغير قادر علي الحياة تقريباً في بلده، لكنه يحبها ويعشقها وساعة العوء سوف تجدونه مثله مثل الكتيبة التي استمرت تدافع عن الممر علي الرغم من انتهاء الحرب وإعلان الهزيمة.. واستشهد من أفرادها 28، بينما استمر الاثنان المتبقيان منها قابضين علي بنادقهما في مواجهة الدبابات الإسرائيلية، بينما تتردد في الأجواء كلمات مثل تلك .. «أبكي .. أنزف.. أموت .. وتعيشي ياضحكة مصر.. وتعيش يانيل ياطيب .. وتعيش يانسيم العصر.. وتعيش ياقمر المغرب.. وتعيش يا شجر التوت.. أبكي .. أنزف.. أموت.. وتعيشي ياضحكة مصر»!