عشت تجربة صديق لي مع زوجته فطار النوم من عيني, وأصبحت أسير التفكير في المثل القائل إتق شر المرأة ولو طالت عشرتها, فقد كان لي صديق يعمل مديرا في تسويق السيارات بإحدي دول الخليج, وكان ناجحا جدا في عمله. وكانت زوجته تعمل مدرسة للألعاب الرياضية, وسافرا معا منذ أكثر من عشرين عاما, وقضيا هناك ثمانية عشر عاما, وذاع صيت زوجته في المجال الذي تعمل به لدرجة أن الأميرات وسيدات المجتمع في البلد الذي يعملان به كن يطلبنها للعمل معهن في الصالات الرياضية بالقصور والفيلات التي يقمن فيها وبمرتبات خيالية. واتفق صديقي وزوجته علي فتح حساب مشترك في البنك يضعان فيه راتبهما بانتظام وظلا علي هذا المنوال علي مدي ثمانية عشر عاما, انجبا خلالها ثلاثة أبناء, ثم عادا الي الاسكندرية, وتعرفت أنا وزوجتي عليهما, فقد كانا تقريبا بلا أصدقاء لغيابهما عن الوطن تلك السنوات الطويلة. وربطتنا علاقة قوية خلال فترة وجيزة, وإنضمت إلينا عائلتان أخريان.. وصرنا نقضي معظم أوقاتنا معا.. وأصبحت أعرف كل شيء عن صديقي, وهو الآخر كذلك. والحقيقة أنني وجدته إنسانا طيب القلب, ولا يحمل ضغائن لأحد.. وقد افتتحت زوجته مشروعا, كما افتتح هو معرضا للسيارات برأسمال كبير.. وأكرمه الله كرما كبيرا بعد ان كان خائفا من فشل المشروع, وباع عددا كبيرا من السيارات عن طريق سيدة تعمل في شركة أدوية, حيث تعاقدت معه علي ثلاث صفقات لأنه يبيع بسعر يقل عن السوق كثيرا.. ويكتفي بهامش الربح البسيط.. وانحصرت علاقته بها في العمل فقط, وكانت تتردد عليه في مقر عمله لمناقشته فيما يستجد من أمور.. لكن زوجته شكت في أمره وراحت تتجسس عليه, وتدخل المكتب بغير استئذان, ومع تكرار هذا التصرف الذي يحرجه أمام العاملين معه, حكي لي عما تفعله, وحاولنا افهامها حقيقة مايربطه بهذه السيدة لكنها اصرت علي أن يقطع علاقته بها,فرفض لأنه لا يري مبررا لهذا التصرف الهمجي.. فتركته وانصرفت الي غرفتها, ولم تفاتحه في شيء طوال اليوم, وفي اليوم التالي ذهب الي البنك لاضافة مبلغ جديد من المال فإذا به يفاجأ بأن رصيد حسابه المشترك مع زوجته هو خمسون ألف جنيه لا غير.. فكاد يغمي عليه من هول المفاجأة, حيث أبلغه الموظف بأن زوجته سحبت معظم مدخراتهما, وعاد الي المنزل بصعوبة بالغة, واستفسر منها عما حدث فأكدت له انها فعلت ذلك من أجل الحفاظ علي مبلغ لأبنائهما ينفعهم في المستقبل, فلقد تأكد لديها انه سوف يسحب هذه الأموال من أجل السيدة التي تربطه علاقة بها, وأكدت له أنها لن تتركه يضيع شقاء السنين هباء حتي لو أنها تعرضت للقتل علي يديه, وقالت له إنه عندما يصرف المبلغ الذي تركته له في الحساب فسوف تمنحه مبلغا آخر. واجتمعنا معهما من جديد لكن العناد تمكن منها, فلم يلن لها جانب, وخشينا أن يصيبه مكروه فأخذناه معنا للمبيت عندنا, فإذا به تنتابه حالة هيستريا, حيث أخذ يهذي بكام غير مفهوم وفجأة سقط مغشيا عليه فحملته الي المستشفي المجاور لمنزلي, وتبين انه اصيب بجلطة في المخ, أدت الي اصابته بشلل نصفي, وظل في المستشفي عشرة أيام كاملة لا ينطق بكلمة واحدة, وذهبت زوجته الي زيارته لكنه ما أن رآها حتي انتكست حالته من جديد, وفارق الحياة بعد أقل من أسبوعين كمدا وحسرة علي ماحدث له. وهنا تذكرت المثل الذي ذكرته لك في بداية رسالتي عن ضرورة أن يتقي كل منا شر المرأة, وإن طالت عشرتها, فهل هذا صحيح؟.. صدقني ياسيدي فقد وجدتني موسوسا جدا تجاه زوجتي, وأصبح كل من حولي يفكرون بنفس منطقي.. وهو تفكير قد يكون خاطئا أو نادر الحدوث لكني وجدته واقعا أمام عيني, ووجدتني أحذر من حولي من أن يقعوا فريسة لمثل ما حدث لصديقي الراحل, ولا أدري ان كانت هواجسي في محلها أم أن ما فعلته زوجة صديقي استثناء, والقاعدة هي الحساب المشترك للزوجين؟! { ليس صحيحا أن يتم تصنيف حالة صديقك بأنها استثناء أو قاعدة, فالأصل أن الذمة المالية للزوجين يجب أن تكون منفصلة تماما, فقد يهب الزوج زوجته مالا, أو يمنحها أي هدايا مادية أو ذهبية أو غيرها ولكن لايعني ذلك دمج الأموال في بعضها بهذا الشكل الذي ورد في رسالتك.. وما حدث هو تصرف خاص بصديقك وفقا لما عايشه من أحداث وظروف عمل وغيرها, حيث إن زوجته كانت تحصل علي أموال طائلة نظير عملها مع الأميرات وسيدات المجتمع علي حد تعبيرك وبذلك قد يكون جانبا كبيرا من ثروتها المشتركة مع زوجها من عملها, وربما يكون ذلك هو الدافع وراء الحساب المشترك الذي افتتحاه معا. أما التصرف الطبيعي فهو أن يكون لكل من الزوجين ذمته المالية المستقلة مع استمرار المشاركة بينهما في كل شئون الحياة, ولتكن هناك عقود مكتوبة يتم العمل بموجبها عند اللزوم.. ولا يعني ذلك أن تكون هذه النصوص جامدة, فما دامت الأمور تسير طبيعية يمكن للطرفين إدارة دفة السفينة في سهولة ويسر, ولا ننسي المودة والرحمة التي يجب أن تتوافر بين الزوجين. وليعلم الطرفان أن المسئولية المشتركة للأسرة لا تعني أبدا انصهار أموالهما معا, فلا يعلم أحد تقلبات الزمن, ولا ما يمكن أن يترتب علي الميراث فيما بعد, إذا تم دمج ثرواتهما ومدخراتهما. فإهدأ بالا ياسيدي, ولتأخذ العبرة مما جري لصديقك, واسأل الله لأسرته الستر, ولأرملته حسن التصرف في تربية أولادها, والله المستعان.