الجيوش بطبيعتها لها وضع خاص لارتباط عملها بحماية الأمن القومي للدول, ولذلك فمن الجائز الافصاح عن بعض ما تقوم به من أنشطة وخطط للتدريبات والتسليح, ولكن من الضروري إبقاء بعض من تلك الأنشطة سريا حفاظا علي أمن البلاد. والجيش المصري ليس استثناء من تلك القاعدة, بل إنه يتميز بخصوصية أخري وهي إدارة شئونه بدرجة من الاستقلالية منذ ثورة يوليو52 التي وضعت أسسا لإدارة البلاد ربما تشهد تغيرات بعد ثورة25 يناير. ومن الممكن أن نتفق أو نختلف مع أسلوب إدارة شئون القوات المسلحة في مصر ولكن يجب أن ندرك أن هذا أمر واقع ومستمر من6 عقود وليس من السهل تغييره بين عشية وضحاها حفاظا علي استقرار الجيش. هذه المقدمة ضرورية للرد علي من يطالبون بوضع تفاصيل ميزانية القوات المسلحة أمام الجميع استنادا لنظريات سياسية قد تكون ملائمة لدول ما ولكن لا تناسب مصر في الوقت الحالي علي الأقل. ويغيب عن هؤلاء أن النظريات مكانها قاعات البحث والدراسة أما السياسة الواقعية فترتبط بظروف كل دولة, وما يصلح في مكان ما وزمان ما لا يناسب بالضرورة دولة آخري في وقت مختلف. نحن الآن بصدد إعادة تنظيم الدولة المصرية بشكل ديمقراطي, وصولا لانتخاب رئيس للبلاد بحلول منتصف العام القادم, وهو هدف استراتيجي, وأعتقد أن حسم قضية علاقة الجيش بالدولة ضرورة لاستكمال بناء الدولة الجديدة بسهولة ويسر. علي السياسيين أن يدركوا الأبعاد الحقيقية لهذه القضية ولا يطالبوا بما يصعب تحقيقه, فلابد وأن يحظي الجيش بوضع ملائم لا يهدد استقراره أو قدراته علي الدفاع عن أرض الوطن, ولكن تحت إشراف جهة ما يحددها, ويرأسها رئيس الدولة باعتباره المسئول الأول عن أمن البلاد. وإذا رأي السياسيون أن الحل المطروح ينتقص من ديمقراطية النظام فلا بأس, وليقبلوا بديمقراطية منقوصة, مادام أن ذلك سيساعد علي استكمال بناء الدولة وإقامة مؤسساتها الشرعية وتحقيق الاستقرار, خاصة أن هناك من يتمني داخليا وخارجيا أن تفشل العملية السياسية وهو ما قد يعني ضياع ما حققته ثورة يناير من مكاسب علي طريق الديمقراطية. [email protected] المزيد من أعمدة سامح عبد الله