فقه الأولويات.. وملابس البحر قيل لي والعهدة علي الراوي أن مرشحا محتملا لرئاسة الجمهورية ينتمي لتيار ديني أعلن أنه سيحرص إذا ما فاز بالمنصب الرفيع علي أن تتحجب النساء في مصر وسيمنع السياح من ارتداء ملابس البحر. وبرغم أنني لم أستمع لتلك التصريحات شخصيا إلا أنني لا أستبعد صدورها في ظل ثقافة سائدة, وخطاب ديني قوي يبدي اهتماما مبالغا فيه بتلك القضايا, دون باقي الأمور الدينية, ويري فيها محورا أساسيا للمجتمع الإسلامي غافلا كثيرا من الأمور الأكثر أهمية التي دعانا إليها الدين الحنيف. ونحن هنا لا نناقش موقف الدين من الملابس غير المحتشمة فهو معروف ولا نجادل بشأنه, وإنما نتناول أولويات شخص قد تأتي به الانتخابات القادمة رئيسا للبلاد. فالرئيس القادم سيكون عليه إدارة شئون مجتمع لا يزال يحبو علي طريق الديمقراطية, وبالتالي لا يقبل بالفكر المخالف, ولا يعرف ضرورة الخضوع لرأي الأغلبية ولم يألف آداب الحوار, ويري في قطع الطرق والسكك الحديدية وسيلة وحيدة لتحقيق مطالبه. وسيكون علي الرئيس القادم أن يتعامل مع وضع اقتصادي صعب, وفساد تأصل علي مدي سنوات طويلة, وعليه البحث عن سياسات فعالة لعلاجه ومواجهة مشاكل البطالة والتكدس السكاني وضعف الانتاج الزراعي وعدم القدرة علي المنافسة وفتح اسواق لمنتجاتنا. وعلي الصعيد الخارجي سيكون علي الرئيس القادم التعامل مع محاولات الحد من الدور الإقليمي لمصر وإعادة رسم السياسة الخارجية خاصة مع دول النيل حفاظا علي مصالح مصر والتعامل مع متغيرات الثورات العربية ومحاولات السيطرة الخارجية علي ثروات الشعوب العربية. وسيكون عليه أيضا مواجهة مشاكل التعليم المتدهور والرعاية الصحية غير اللائقة وتطوير الجامعات والبحث العلمي. وبرغم وجود كل تلك التحديات فإن المرشح الكريم لم ير سوي قضية الحجاب وملابس البحر لتحتل أولويات برنامجه الانتخابي. أعتقد أننا جميعا في حاجة لفهم الرسالة الحقيقية للإسلام وهي أن يعيش المسلمون في عزة وكرامة وهذا لا يتحقق إلا ببناء مجتمعات قوية قادرة علي التصدي لمن يحاول النيل منها. وإذا كان هذا هو الهدف, فوفقا لفقه الأولويات كما أفهمه يجب أن تأتي قضية الحجاب وملابس البحر في ذيل قائمة اهتمامات أي مرشح لرئاسة الجمهورية. [email protected]