أثار مقال الخميس الماضي عن مستقبل السياحة المصرية بعد صعود التيار الإسلامي اهتماما كبيرا من قراء صفحات سياحة وسفر.. واليوم نواصل الحديث حول نفس القضية. فمن الواضح أن ثورات الربيع العربي أفرزت تيارا إسلاميا في سبيله لحصد الأغلبية في البرلمانات العربية, وفي هذا الإطار خرجت تصريحات من بعض قيادات بعض هذه التيارات أصابت أهل السياحة بكثير من الخوف, لأنها هددت بفرض قيود علي النشاط السياحي.. ولذلك خرجت تصريحات أخري من نفس التيارات تبدد هذه المخاوف في مصر وتونس واليوم نتحدث عن المغرب. فقد أكد عضو كبير في حزب العدالة والتنمية أول حزب إسلامي يقود حكومة في المغرب.. أن الحزب لن يفرض نظاما أخلاقيا متشددا في البلاد, لكنه سيدعم الفنون التي تعكس التراث الثقافي المغربي. وقال محمد يتيم عضو الأمانة العامة للحزب: نحن في العدالة والتنمية لا نبالي بالحياة الخاصة للأشخاص, وليس من مهامنا التدخل لا في عقائد الناس ولا في تصرفاتهم. وأضاف: أولوياتنا هي تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة.. لكن لابد أن تكون للحكومة الجديدة سياسة في هذا المجال.. لكن لن تكون شرطة الأخلاق مثلا, مفندا مخاوف من أن انتصار الحزب يمكن أن يؤدي إلي توتر علي غرار ما حدث بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس. ومن شأن فرض نظام أخلاقي متشدد أن يشكل تحديا لقطاع السياحة المغربي الذي يمثل عشرة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي, ويعمل به نحو450 ألف شخص. لكن يتيم قال إن حزب العدالة والتنمية لن يجبر السائحات الغربيات علي ارتداء الحجاب. وقال فيما يخص الآداب العامة والأخلاق العامة والأماكن العامة, هناك قوانين تنظمها, لكن لن نرغم النساء علي ارتداء الحجاب, لأن ديننا دين تسامح, حتي إن الله سبحانه وتعالي يقول لا إكراه في الدين.. كما هناك آية تقول: لست عليهم بمسيطر. وقال أيضا لن تكون هناك أبدا شرطة أخلاق, لن نمنع الناس من شرب الخمر, لأن هذه مسائل تتعلق بالإيمان والقناعات الشخصية. وكان مسئولون كبار في الحزب قد انتقدوا في وقت سابق مهرجانات موسيقية أقيمت في المغرب بوصفها خليعة, رغم أن الملك محمد السادس عاهل المغرب دعم مثل تلك الأنشطة مرارا. وقال يتيم إن مثل تلك الأحداث سوف تزدهر في عهد حكومة الحزب إذا ساهمت في دعم الثقافة المغربية. وكان سياسيون من حزب العدالة والتنمية قد أبلغوا المطرب البريطاني المثلي الشهير إلتون جون بأنه غير مرحب به في المغرب, لأن وجوده علي حد قولهم من شأنه أن يشوه صورة المملكة, ورغم ذلك أحيا جون حفلا حضره الآلاف من محبيه المغاربة. ولم تركز احتجاجات الشوارع التي انتقدت المهرجانات علي الجانب الأخلاقي, وإنما علي الأجور الضخمة التي يحصل عليها نجوم مثل شاكيرا وكاني ويست في بلد يقبع ربع سكانه تحت خط الفقر. وقال يتيم لم نكن يوما ضد الفن والثقافة, بل كنا دائما ضد تبذير المال العام في المهرجانات, معتبرا أن حصول الفنانين علي مبالغ طائلة من شأنه أن يخلق نوعا من الحقد من طرف المواطن الفقير. وأضاف بالرغم من أن حجتهم أن هذه المهرجانات لا تمول من الميزانية العامة, وإنما من أصحاب الشركات الخاصة, ولكن مهما يكن فهذه الأموال المغرب أولي بها في منافع أخري.. هناك أولويات. ومضي يقول نحن لسنا ضد المهرجانات, ولذلك فجميع المهرجانات ستبقي وربما ستزدهر أكثر.. نحن مع المهرجانات التي تساهم في الرقي بثقافتنا ولا تبذر المال العام.. برنامجنا هو خلق ثقافة وطنية تساهم في ترسيخ الهوية الوطنية والهوية التاريخية, مع احترام قيم الجمال والذوق العام والمواطنة والتضحية. يذكر أن تصريحات تطمينية مماثلة كانت قد خرجت من حركة النهضة الإسلامية الفائزة في الانتخابات البرلمانية التونسية, ومن حزب الحرية والعدالة الفائز في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية المصرية, وذلك بعد تخوفات في الأوساط الغربية من تأثير وصول الأحزاب الإسلامية للحكم في دول الربيع العربي علي صناعة السياحة بها. يذكر ان فوز الحزب المغربي في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي جاء بعد فوز مماثل حققه حزب إسلامي آخر في تونس حركة النهضة في أعقاب ثورات الربيع العربي في المنطقة.. حيث أكدت الحركة أنها لاتسعي للانقلاب علي القوانين الضامنة لمساواة المرأة بالرجل في مسائل الطلاق والزواج والميراث, كما حرصت علي تأكيد أنها لن تسبب أي عثرات للحياة الاقتصادية في بلد يعتمد اقتصاده علي السائحين الغربيين الذين يفدون للاستمتاع بالشمس والرمال واحتساء الخمور. وكانت حركة النهضة الإسلامية الفائزة بأغلبية مقاعد البرلمان التونسي سعت جاهدة منذ فوزها الي تهدئة مخاوف القوي الأوروبية والنخبة العلمانية صاحبة اليد الطولي سابقا في ادارة الدولة. وقال الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي في تصريح له إن الحركة لاتنوي التدخل في مسألة شرب الخمور وارتداء ملابس البحر المكشوفة, وأضاف أن الحركة لاتعتزم أيضا إدخال تعديلات علي القطاع المصرفي الذي لاتمثل الخدمات الإسلامية فيه إلا نسبة منخفضة جدا. وكانت صفحات سياحة وسفر قد تحدثت الخميس الماضي عن تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا والتي لم تقترب من السياحة, ولم تفرض قيودا عليها, بل نجحت في تنفيذ حملات واستثمارات جعلت تركيا تدخل قائمة الدول العشر الكبري سياحيا في العالم, فقد حققت حوالي30 مليون سائح في العام الماضي في تركيز كبير في الاهتمام بالسياحة الشاطئية وسياحة الترفيه التي هي عصب السياحة في دول العالم كله حاليا, وهي الأساس لدعم الاقتصاد وتوفير فرص العمل للشباب. [email protected] المزيد من مقالات مصطفى النجار