إنصافا للحقيقة في إطار الحديث عن التوازن الغائب في معادلة وسائل الإعلام العصرية ومنظومة العمل السياسي والحزبي وما يعكسه هذا الغياب من ارتباكات في المشهد الراهن لابد من تأكيد أنه ليس صحيحا أن كل من يعمل بالحياة السياسية والحزبية لديه الرغبة في الهيمنة علي شئون وسائل الإعلام وتوجيه دفتها في الاتجاه الذي يريد.. وكذلك فليس كل قادة الرأي العام من قيادات الصحف والمتحدثين البارزين في الفضائيات من الذين يتوهمون في أنفسهم القدرة علي صنع الأحداث! ثم إنه ليس هناك أسوأ من الاستسلام للمقولة الخاطئة التي تقول: إن السياسة ووسائل الإعلام العصرية شريكان في شيء واحد وهو أنهما (بلا قلب) لتبرير بعض التجاوزات الصارخة التي يرصدها المجتمع من تجاوزات بعض السياسيين وبعض الإعلاميين وبدعوي أن ذلك هو ثمن الحرية! وما دمنا قد وصلنا إلي الحديث عن الحرية فإنه تحضرني تلك العبارة الشهيرة للفيلسوف البريطاني والمفكر العالمي برتراند راسل والتي يدحض بها وجود أي تناقض بين السياسة والأخلاق! يقول برتراند راسل: وأصل الآن إلي مسألة الأخلاقيات الشخصية كنقيض لمسألة القوانين الاجتماعية والسياسية... فما من شخص حر كليا وما من شخص عبد كليا.. وبالدرجة التي يتمتع فيها رجل بالحرية يحتاج خلقا شخصيا يسترشد به في سلوكه. ومعني ذلك أن الحديث عن سياسة رشيدة ووسائل إعلام محترمة ينبغي ألا يتم بعيدا عن سياج أخلاقي متين! وليس هناك عنوان بارز يعكس واقع الحرية في أي مجتمع قدر ما تعكسه سلوكيات السياسيين وممارسات الإعلاميين. ولعلها فرصة لكي ندعو إلي الأخلاق الحميدة, خصوصا خلال المرحلة الحالية التي توضع فيها الممارسة الإعلامية والممارسات الحزبية تحت مجهر الرأي العام خلال الانتخابات النيابية الحالية التي انتظم الدوران الفعلي لعجلاتها بإجراء المرحلة الأولي لانتخابات مجلس الشعب وما أفرزته من نتائج مفرحة للبعض وصادمة للبعض الآخر. وكل الأمل أن تنتصر الديمقراطية وأن تنتصر حرية الإعلام وأن تعبر مصر فوق جسور الانتخابات النزيهة أهم خطوات التغيير المنتظر تحت رايات خفاقة من الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة!
خير الكلام: أفضل الخطاب ما اختصره اللسان واستوعبه العقل! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله