حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    جامعة دمنهور تدخل تصنيف التايمز للجامعات الأكثر تأثيرًا في أهداف التنمية المستدامة 2024    رئيس جامعة كفر الشيخ يهنئ السيسي بعيد الأضحي المبارك    رفع قدرات وحدات مناهضة العنف ضد المرأة.. ورشة عمل بجامعة الدلتا التكنولوجية    تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 10 جنيهات خلال تعاملات اليوم    إخراج تل آثار المطيور بكفر الشيخ من عداد الأراضي الأثرية    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بطوخ الجمعة (موعد ومدة الانقطاع)    سفينة تجارية تطلق نداء استغاثة بسبب إصابتها بصاروخ شرق عدن    منظمة التعاون الإسلامي تعزى الكويت في ضحايا حريق المنقف    بوروسيا دورتموند يقرر فسخ التعاقد مع إيدن ترزيتش    خدمة في الجول - الأهلي أمام الاتحاد والزمالك يواجه المصري.. طرح تذاكر الجولة 26 بالدوري    صور | احتفالا باليوم العالمي للدراجات.. ماراثون بمشاركة 300 شاب بالوادي الجديد    استمرار عمل أجهزة المرافق والخدمات خلال عيد الأضحى المبارك بشمال سيناء    رسميًا.. موعد صلاة عيد الأضحى 2024 في جميع مدن ومحافظات مصر (بالتوقيت المحلي)    تجديد حبس شقيق كهربا 15 يوما في واقعة التعدي على رضا البحراوي    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    بإطلالة سوداء.. آمال ماهر تُشارك صورًا من حفلها بالكويت    اليوم.. شذى تطرح أحدث أغانيها «ناجحة»    «مستقبلي بيضيع وهبطل كورة».. رسائل نارية من مهاجم الزمالك لمجلس الإدارة    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    قبول دفعة جديدة بالمدرسة الثانوية الفنية لمياه الشرب والصرف الصحى بمجموع 260 درجة    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    محافظ القليوبية يعتمد تنسيق قبول الصف الأول الثانوي العام    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    محافظ أسوان: تخطي المستهدف في توريد القمح    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    يديعوت أحرونوت: اختراق قاعدة استخباراتية إسرائيلية وسرقة وثائق سرية    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    5 أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. إنفوجراف    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    مصر تسدد 15.5 مليار دولار فوائد وأقساط ديون خارجية خلال النصف الأول من 2023-2024    سائق أوبر يحاول خطف خطيبة مطرب المهرجانات "مسلم" والأخير يطارده بسيارته    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    حدث بالفن | وفاة منتج شهير وخطوبة شيرين عبد الوهاب وحقيقة ارتباط حلا شيحة وأحمد سعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محارب ضد الجهل والخرافة
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 03 - 2010

انتهي العمل في الجريدة إلا قليلا ووقفت أطالع صفحات الوفيات ففوجئت بنعي الاستاذ الدكتور فؤاد زكريا‏.‏ هكذا في صمت يرحل هذا المفكر المستنير‏. ,‏ ودون حتي أن تكلف أسرته نفسها عناء الاتصال بأي جريدة أو اذاعة أو تليفزيون لكي يأخذوا خبرا عن رجل عاش حياته من أجل محاربة الجهل والخرافة والاستبداد وكان يحلم بالحرية وفور التأكد من صدق النبأ‏,‏ وضعنا له خبرا في الصفحة الأولي‏. المدهش أن رجلا هذا وزنه يرحل دون أن يشعر به أحد‏,‏ في حين أن الدنيا من حولنا تقوم ولا تقعد من أجل أناس لا يمكن أن يبلغوا ولو واحدا علي عشرة من قامة هذا الرجل‏!!‏
‏(1)‏
من أهم المواقف التي نتذكرها للراحل الكريم موقفه من أسباب النصر الذي حققه المصريون في حرب أكتوبر‏1973.‏ ففي تلك الأيام الخالدة من تاريخنا خرج علينا إمام جليل من الشيوخ يقول‏.‏ إن من أسباب هذا الانتصار‏,‏ أن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم‏,‏ جاء في المنام لصديق له يثق به ويصدقه‏,‏ وبشره بالنصر‏.‏
وبالطبع لم يتقبل الدكتور فؤاد هذا الكلام فكتب مقالا تفصيليا تم نشره في الأهرام أكد فيه أنه إذا كان المصريون قد حققوا انتصارا في هذه الحرب‏,‏ فذلك لأنهم امتثلوا لقوله تعالي واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل‏..‏ فقد تدربوا جيدا‏,‏ وأتقنوا استخدام أسلحتهم لأقصي حد‏.‏ ودرسوا أرض المعركة‏,‏ بأقصي قدر من العلم حتي إنهم توصلوا لاستخدام خراطيم المياه لهدم الساتر الترابي سور بارليف واختاروا الأيام التي لا تكون قمرية حتي تتمكن القوات من عبور القناة في الظلام واختاروا أن يكون اليوم يوم عيد الغفران الذي يحتفل به الإسرائيليون‏.‏ وأن يأتي توقيت الهجوم قبل المغرب بساعات قليلة في شهر رمضان‏,‏ بينما يعتقد الإسرائيليون أن المصريين ينهمكون في هذا الوقت من نهار رمضان‏,‏ في اعداد طعام الافطار‏,‏ كل هذا مع أقصي درجة من الانضباط‏.‏
وقال رحمة الله عليه أنه بسبب هذا العمل العلمي الكفء المدروس بكل عناية‏,‏ نجح المصريون في تحقيق هدفهم وهو عبور القناة‏,‏ وقال لقد كان المصريون في‏1967‏ يؤمنون بالاسلام ويتخذون من الرسول أماما لهم‏,‏ وكانوا يفعلون ذلك في عام‏1973,‏ فلماذا فشلوا في‏67‏ ونجحوا في‏73‏ ؟ ليس السبب في ذلك أن أحدا قد رأي الرسول صلي الله عليه وسلم في المنام يبشره بالنصر في عام‏1973‏ في حين لم يتيسر لنا أن يري أحد منا الرسول صلي الله عليه وسلم في المنام عام‏1967..‏ السبب هو العمل والكفاءة والاخلاص في الجهد وإعمال العقل والتفكير في كل صغيرة وكبيرة‏.‏
‏(2)‏
في ذلك الوقت أيضا‏,‏ كان هناك طبيب مشهور ممن تركوا العمل بالطب وانهمكوا في الصحافة أخذ يتحدث عن العلم والإيمان وقد ذاع صيته وتأثر به كثيرون‏,‏ ولذلك تصدي له في ذلك الوقت بمجموعة مقالات فند فيها ما يذهب إليه صاحبنا‏.‏ فقال إن صاحبنا في كتاباته مثل الطاهي أمامه ثلاث وجبات واحدة علم والثانية دين والثالثة فلسفة‏,‏ فلأهل الدين‏,‏ يعطيهم وجبة مخلوطة من العلم والفلسفة ولأهل العلم يعطيهم الدين والفلسفة ولأهل الفلسفة يعطيهم دينا وعلما‏,‏ وأضاف أن صاحبنا في كل الأحوال لا يشفي غليل طلابه من أي شيء فهو يكتفي باعطائهم أشباه الحقائق وأنصاف المعلومات دون أن يتمكنوا من أن يدركوا أي شيء علي حقيقته‏,‏ ولذلك فإنه بما يذهب إليه يتسبب في إصابة الناس بحالة من الترهل العقلي‏,‏ فلاهم يصبحون بمقدورهم التفكير بشكل ديني خالص‏,‏ أوعلمي أو فلسفي‏,‏ بل يظل تفكيرهم يأخذ بقسط من كل شيء دون أن يتمكن من إجادة شيء واحد‏,‏ وبهذا يخسرون العلم والدين والفلسفة جميعا وقد أطلق الراحل الكريم علي من يذهبون في طريق صاحب العلم والإيمان‏,‏ بأنهم أشبه مايكونون بالتاجر الذي يبيع مربي خرز البقر للناس فهذا اللون من الطعام تطلبه النساء لكي يصبحن أكثر جمالا‏,‏ ولكنه ينتهي بهن بأن يصبحن ذوات أجساد تكتنز الدهن واللحم وتصاب السيدات بالترهل البدني‏,‏ ويفقدن اللياقة البدنية التي تمكنهن من الحركة بخفة ورشاقة وتركبهن الأمراض‏.‏
‏(3)‏
للحق‏,‏ لقد كان الدكتور فؤاد زكريا أستاذا موسوعي المعرفة فهو علي معرفة تامة مثلا باللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية والعربية‏,‏ وكان يأخذ نفسه بالشدة في حياته بحيث لم يكن يسمح لأي شيء بأن يبعده عن متابعة مايجري في العالم من حوله‏,‏ وكان أيضا من عشاق الموسيقي وله دراسة نال عنها جائزة الدولة التشجيعية عن دور الموسيقي في تربية الذوق وتربية الثقافة‏.‏
وفوق هذا كله‏,‏ فقد كان من أشرس خصوم الإرهاب والاستبداد والقهر بكل الأشكال وكان يحلم بالحرية والتعبير الحر سواء في الجامعة استاذا أو في غيرها‏,‏ فقد كان باستمرار المعلم والاستاذ وحامل الراية من أجل الحرية والتقدم والعلم ضد الخرافة والجهل والاساطير‏.‏ رحم الله فؤاد زكريا مكافحا من أجل التنوير‏.‏

[email protected]
المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.