خبير اللوائح: أزمة القمة ستسمر في المحكمة الرياضية الدولية    طالبه صاحب مقهى بأموال اقترضها.. مصرع ميكانيكي سقط من أعلى سطح عقار بجرجا    القبض على 3 شباب ألقوا صديقهم في بيارة صرف صحي ب15 مايو    الكشف الطبي على 570 مواطنًا خلال اليوم الأول للقافلة الطبية    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    نجاح أول جراحة «ليزاروف» في مستشفى اليوم الواحد برأس البر    جريمة على كوبري البغدادي.. مقتل شاب على يد صديقه بالأقصر    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    عقب تحليق مسيّرات قرب المبنى الرئاسي.. 7 إصابات جراء انفجار في العاصمة الأوكرانية كييف    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    رسميًا بعد قرار المركزي.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي    قطع المياه عن هذه المناطق بالقاهرة لمدة 8 ساعات.. تعرف على التفاصيل    برعاية مصرية.. «النواب العموم العرب» تطلق برنامجها التدريبي من مدينة الغردقة    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    استشهاد 5 فلسطينيين فى غارة للاحتلال على دير البلح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    ياسمين صبري عن «المشروع X»: مليان تفاصيل و أتمنى يعجب الناس    ياسمين رضا تترك بصمتها في مهرجان كان بإطلالات عالمية.. صور    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    «بطلوا تبصولي في القرشين».. عمرو أديب: زميلنا جو روجان بياخد 250 مليون دولار في السنة    الجيش الإيراني يؤكد التزامه بحماية وحدة أراضي البلاد وأمنها    رئيس الكونغو الديمقراطية السابق يواجه محاكمة    "دفاع الشيوخ": قانون الانتخابات يرسخ مبادئ الجمهورية الجديدة بتمثيل كافة فئات المجتمع    "العربية للسياحة" تكشف تفاصيل اختيار العلمين الجديدة عاصمة المصايف العربية    المخرج الإيراني جعفر بناهي يحصد السعفة الذهبية.. القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    "القومي للمرأة" يهنئ وزيرة البيئة لاختيارها أمينة تنفيذية لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    "إكس" تعود للعمل بعد انقطاعات في الخدمة امتدت لساعات    سعر الأسمنت والحديد بسوق مواد البناء اليوم الأحد 25 مايو 2025    زيلينسكي: المرحلة الثالثة من تبادل أسرى الحرب ستُنفذ الأحد    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    «أباظة» يكرم رئيس حزب الجبهة الوطنية في ختام مؤتمر الشرقية| فيديو    توتر غير مسبوق في الداخل الإسرائيلي بسبب الرهائن وطلب عاجل من عائلات الأسرى    موجة حر شديدة تضرب القاهرة الكبرى.. انفراجة مرتقبة منتصف الأسبوع    الصديق الخائن، أمن الأقصر يكشف تفاصيل مقتل سائق تريلا لسرقة 6000 جنيه    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    رحلة "سفاح المعمورة".. 4 سنوات من جرائم قتل موكليه وزوجته حتى المحاكمة    زلزالان خلال 10 أيام.. هل دخلت مصر حزام الخطر؟ أستاذ جيولوجيا يجيب (فيديو)    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    بيسيرو: رحيلي عن الزمالك لم يكن لأسباب فنية    "بعد إعلان رحيله".. مودريتش يكشف موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية مع ريال مدريد    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    بعد غياب 8 مواسم.. موعد أول مباراة لمحمود تريزيجيه مع الأهلي    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    رمضان عبد المعز: التقوى هي سر السعادة.. وبالصبر والتقوى تُلين الحديد    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    سعر الذهب اليوم الأحد 25 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    اغتنم فضلها العظيم.. أفضل الأدعية والأعمال في عشر ذي الحجة ويوم عرفة 2025    رئيس «برلمانية التجمع»: وافقنا على قانون الانتخابات لضيق الوقت ولكن نتمسك بالنظام النسبي    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محارب ضد الجهل والخرافة
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 03 - 2010

انتهي العمل في الجريدة إلا قليلا ووقفت أطالع صفحات الوفيات ففوجئت بنعي الاستاذ الدكتور فؤاد زكريا‏.‏ هكذا في صمت يرحل هذا المفكر المستنير‏. ,‏ ودون حتي أن تكلف أسرته نفسها عناء الاتصال بأي جريدة أو اذاعة أو تليفزيون لكي يأخذوا خبرا عن رجل عاش حياته من أجل محاربة الجهل والخرافة والاستبداد وكان يحلم بالحرية وفور التأكد من صدق النبأ‏,‏ وضعنا له خبرا في الصفحة الأولي‏. المدهش أن رجلا هذا وزنه يرحل دون أن يشعر به أحد‏,‏ في حين أن الدنيا من حولنا تقوم ولا تقعد من أجل أناس لا يمكن أن يبلغوا ولو واحدا علي عشرة من قامة هذا الرجل‏!!‏
‏(1)‏
من أهم المواقف التي نتذكرها للراحل الكريم موقفه من أسباب النصر الذي حققه المصريون في حرب أكتوبر‏1973.‏ ففي تلك الأيام الخالدة من تاريخنا خرج علينا إمام جليل من الشيوخ يقول‏.‏ إن من أسباب هذا الانتصار‏,‏ أن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم‏,‏ جاء في المنام لصديق له يثق به ويصدقه‏,‏ وبشره بالنصر‏.‏
وبالطبع لم يتقبل الدكتور فؤاد هذا الكلام فكتب مقالا تفصيليا تم نشره في الأهرام أكد فيه أنه إذا كان المصريون قد حققوا انتصارا في هذه الحرب‏,‏ فذلك لأنهم امتثلوا لقوله تعالي واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل‏..‏ فقد تدربوا جيدا‏,‏ وأتقنوا استخدام أسلحتهم لأقصي حد‏.‏ ودرسوا أرض المعركة‏,‏ بأقصي قدر من العلم حتي إنهم توصلوا لاستخدام خراطيم المياه لهدم الساتر الترابي سور بارليف واختاروا الأيام التي لا تكون قمرية حتي تتمكن القوات من عبور القناة في الظلام واختاروا أن يكون اليوم يوم عيد الغفران الذي يحتفل به الإسرائيليون‏.‏ وأن يأتي توقيت الهجوم قبل المغرب بساعات قليلة في شهر رمضان‏,‏ بينما يعتقد الإسرائيليون أن المصريين ينهمكون في هذا الوقت من نهار رمضان‏,‏ في اعداد طعام الافطار‏,‏ كل هذا مع أقصي درجة من الانضباط‏.‏
وقال رحمة الله عليه أنه بسبب هذا العمل العلمي الكفء المدروس بكل عناية‏,‏ نجح المصريون في تحقيق هدفهم وهو عبور القناة‏,‏ وقال لقد كان المصريون في‏1967‏ يؤمنون بالاسلام ويتخذون من الرسول أماما لهم‏,‏ وكانوا يفعلون ذلك في عام‏1973,‏ فلماذا فشلوا في‏67‏ ونجحوا في‏73‏ ؟ ليس السبب في ذلك أن أحدا قد رأي الرسول صلي الله عليه وسلم في المنام يبشره بالنصر في عام‏1973‏ في حين لم يتيسر لنا أن يري أحد منا الرسول صلي الله عليه وسلم في المنام عام‏1967..‏ السبب هو العمل والكفاءة والاخلاص في الجهد وإعمال العقل والتفكير في كل صغيرة وكبيرة‏.‏
‏(2)‏
في ذلك الوقت أيضا‏,‏ كان هناك طبيب مشهور ممن تركوا العمل بالطب وانهمكوا في الصحافة أخذ يتحدث عن العلم والإيمان وقد ذاع صيته وتأثر به كثيرون‏,‏ ولذلك تصدي له في ذلك الوقت بمجموعة مقالات فند فيها ما يذهب إليه صاحبنا‏.‏ فقال إن صاحبنا في كتاباته مثل الطاهي أمامه ثلاث وجبات واحدة علم والثانية دين والثالثة فلسفة‏,‏ فلأهل الدين‏,‏ يعطيهم وجبة مخلوطة من العلم والفلسفة ولأهل العلم يعطيهم الدين والفلسفة ولأهل الفلسفة يعطيهم دينا وعلما‏,‏ وأضاف أن صاحبنا في كل الأحوال لا يشفي غليل طلابه من أي شيء فهو يكتفي باعطائهم أشباه الحقائق وأنصاف المعلومات دون أن يتمكنوا من أن يدركوا أي شيء علي حقيقته‏,‏ ولذلك فإنه بما يذهب إليه يتسبب في إصابة الناس بحالة من الترهل العقلي‏,‏ فلاهم يصبحون بمقدورهم التفكير بشكل ديني خالص‏,‏ أوعلمي أو فلسفي‏,‏ بل يظل تفكيرهم يأخذ بقسط من كل شيء دون أن يتمكن من إجادة شيء واحد‏,‏ وبهذا يخسرون العلم والدين والفلسفة جميعا وقد أطلق الراحل الكريم علي من يذهبون في طريق صاحب العلم والإيمان‏,‏ بأنهم أشبه مايكونون بالتاجر الذي يبيع مربي خرز البقر للناس فهذا اللون من الطعام تطلبه النساء لكي يصبحن أكثر جمالا‏,‏ ولكنه ينتهي بهن بأن يصبحن ذوات أجساد تكتنز الدهن واللحم وتصاب السيدات بالترهل البدني‏,‏ ويفقدن اللياقة البدنية التي تمكنهن من الحركة بخفة ورشاقة وتركبهن الأمراض‏.‏
‏(3)‏
للحق‏,‏ لقد كان الدكتور فؤاد زكريا أستاذا موسوعي المعرفة فهو علي معرفة تامة مثلا باللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية والعربية‏,‏ وكان يأخذ نفسه بالشدة في حياته بحيث لم يكن يسمح لأي شيء بأن يبعده عن متابعة مايجري في العالم من حوله‏,‏ وكان أيضا من عشاق الموسيقي وله دراسة نال عنها جائزة الدولة التشجيعية عن دور الموسيقي في تربية الذوق وتربية الثقافة‏.‏
وفوق هذا كله‏,‏ فقد كان من أشرس خصوم الإرهاب والاستبداد والقهر بكل الأشكال وكان يحلم بالحرية والتعبير الحر سواء في الجامعة استاذا أو في غيرها‏,‏ فقد كان باستمرار المعلم والاستاذ وحامل الراية من أجل الحرية والتقدم والعلم ضد الخرافة والجهل والاساطير‏.‏ رحم الله فؤاد زكريا مكافحا من أجل التنوير‏.‏

[email protected]
المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.