مأساة حقيقية يعيشها أهالي المدن الجديدة التي تحولت إلي' مناطق أشباح' بعد أن هجرتها الخدمات, وزحفت إليها الشيخوخة, واختفت منها مظاهر التطوير, أو الاهتمام من جانب المسئولين. فالإهمال في كل مكان ترصده أعين المواطنين بوضوح تام كل يوم, لكن عيون المسئولين بعيدة عنه, فأكوام القمامة وبرك الصرف الصحي وغياب المواصلات وانقطاع الكهرباء, وانتشار عمليات السرقة, وانعدام الأمن.. ظواهر طبيعية علي أرض الواقع في المدن الجديدة التي اخترنا زيارة ثلاث منها هي السادات والعاشر من رمضان والتجمع الخامس. فرغم أنها مدن جديدة كما يطلقون عليها إلا أن مشكلاتها وهموم سكانها قديمة منذ نشأتها بل وتفاقمت مع مرور الوقت,هذا ما رصدناه من خلال التحقيق التالي الذي يتضمن وقائع مريرة لمواطنين يدفعون ثمن انتقالهم إلي هذه المدن لتعميرها.. فماذا قالوا ؟ العاشر.. المدينة تعاني الغياب الأمني والمواصلات وانقطاع الكهرباء الخدمات سقطت سهوا أزمات متعددة تعيشها مدينة العاشر من رمضان كغيرها من المدن الجديدة تتمثل في غياب الأمن, ونقص الخدمات بصفة عامة, وتحول حلم الشباب إلي كابوس بعد فشلهم في العثور علي مسكن مناسب في مشروع ابني بيتك نتيجة عدم وصول الخدمات إلي المباني, وزحفت العشوائية إلي منطقة لم تبدأ فيها الحياة بعد إلا من بعض البسطاء. في البداية يقول أحمد سعيد طالب من مقيمي المدينة' إن العاشر من رمضان تعاني أزمة حقيقية في عدم توافر أتوبيسات النقل الجماعي بشكل يسمح بنقل المواطنين بطريقة آدمية, بينما تقوم أتوبيسات شرق الدلتا بالمشاركة بعدد محدود جدا لا يفي بكل احتياجات سكان المنطقة. يروي معاناته اليومية قائلا: أنفق12 جنيها يوميا في وسائل المواصلات لكي أصل إلي جامعة القاهرة أي بمعدل400 جنيه شهريا, فكيف أوفر هذا المبلغ, ولدي ثلاثة أشقاء إلي جانب والدي الذي يعمل موظفا, ويتساءل كيف أستطيع تدبير نفقات أخري مثل التعليم وباقي المعيشة. وقبل أن ينهي كلامه اقترب شاب وأشار إلينا إلي شارع كبير تغمره مياه الصرف, وتحديدا خلف الجامع الكبير فالمياه أخذت تتدفق بغزارة من بالوعات الصرف لدرجة أعاقت حركة السيارات والمارة. ويقول سيد محمود- عامل بمصنع إن منطقة الثلاثين غارقة في مياه الصرف الصحي, ودخلت العمارات حيث وضع السكان أحجارا ليعبروا من خلالها إلي مساكنهم.و أن المواسير متراصة علي طول الطريق تبحث عن من يقوم بتركيبها لاستكمال الصرف الصحي بمدينة العاشر من رمضان, مشيرا إلي أن عمليات الصرف بدأت منذ سبع سنوات تقريبا ولم تنته حتي الآن. وبلهجة حادة عبرت سارة صلاح ربة منزل عن استيائها الشديد لسوء الرعاية الصحية في المدينة خاصة بمستشفي التأمين الصحي, وتقول إن محدودي الدخل يعانون عدم توفير مستشفي مناسب لعلاجهم, أما إذا كان اليوم عطلة رسمية فالأمر أصعب بكثير فعليك أن تموت أو تظل مريضا حتي يأتي يوم العمل الرسمي أو تكون من الأثرياء لتجد مستشفي خاصا تعالج فيه أما المستشفيات الحكومية فهي تقريبا تكون مرفوعة من الخدمة مؤقتا في الاجازات. ويشكو علاء رضا موظف من عدم وجود غاز طبيعي في المدينة لمحدودي الدخل رغم أنه تم توصيله في بلبيس وهي مدينة مجاورة, ويتساءل لماذا تتعامل الحكومة مع المدن الجديدة بهذه الطريقة؟ أما رمضان عبد الحميد عامل فيقول إن فاتورة الكهرباء مرتفعة جدا فكل ما يمتلكه هو حجرة بها لمبة كهرباء فبعد أن كنت أدفع لها20 جنيها شهريا أصبحت أدفع100 جنيه, بدون أسباب. وأبدت سارة محمد عن قلقها الشديد من مستقبل مشروع ابني بيتك بالمدينة الذي لم تصل المرافق لجزء كبير منه مما يضطر الكثير من المواطنين للإقامة فيها رغم أنها بدون مرافق. وأكدت أن الوضع الأمني غائب تماما, حيث يتم سرقة السيارات يوميا في هذا المكان باعتباره منطقة مقطوعة من الخدمات. ويعترض صابر حسن موظف علي الطريقة التي يتم بها توزيع الأراضي والشقق علي المنتفعين من سكان المدينة حيث يؤكد أنها لا تصل للمستحقين. ويوضح سامي أحمد- مهندس- أن المدينة تعاني ظلاما دامسا داخل المجاورات في المساء فكثيرا ما نطالب بلمبات إضاءة دون جدوي مما يسهل عمليات السرقة اليومية في داخل المجاورات فالجهاز لا يهتم إلا بإنارة الشوارع الرئيسية فقط. ونظرا لتكرار محاولات اللصوص سرقة السيارات فنقوم بتنظيم ورديات ليلية في شرفات المنازل لكي نراقب المنطقة في فترة الليل لمنع وقوع جرائم السرقة.