كتبت:فتحي محمود هل يكون قرار تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية بداية التدخل العسكري الأجنبي في الأزمة السورية؟.. سؤال تثيره ملابسات إتخاذ القرار والتي تشبه ماحدث عندما اتخذت الجامعة موقفا مشابها ضد العراق عقب احتلاله للكويت عام1990. وآخر ضد ليبيا منذ أشهر قليلة, وفي الحالتين كان التدخل العسكري الأجنبي هو الخطوة التالية. لكن السيناريو قد يكون مختلفا هذه المرة نتيجة تعقيدات الوضع الإقليمي والدعم المباشر لنظام بشار الأسد من ايران وحزب الله وحركة حماس, إلي جانب الصين وروسيا, وداخليا وجود تأييد من قطاع لا بأس به من الشعب السوري يتمثل في العلويين وكوادر حزب البعث وطبقة رجال الأعمال والتجار المستفيدين من النظام الحالي وتدرك الدول الغربية أنها لا تستطيع استصدار قرار من مجلس الأمن بتدخل عسكري في سوريا بسبب الفيتو الروسي والصيني, كما أن التدخل المباشر قد لايكون هو الخطوة الصحيحة, وقد عبر عن ذلك وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بتأكيده أن السبيل المطروح هو تشديد الضغوط من اجل وقف العنف الذي يتعرض له السكان والبدء باصلاحات, وأن التدخل العسكري ليس واردا اطلاقا. وفي هذا السياق يجب الإشارة إلي ثلاث أوراق بحثية تم نشرها علي الموقع الالكتروني لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني, حث في أولها المدير التنفيذي لهذا المعهد اليهودي روبرت ساتلوف الإدارة الأمريكية علي الاستعانة بمجلس الأمن من أجل نشر مراقبين علي هذه الحدود لرصد الوقائع داخل سوريا, أو بالصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية لإقامة مناطق حماية دولية, والاستناد إلي معطيات القرار الدولي1701 المتعلقة بالحدود السورية اللبنانية, بما يتيح هذه المرة القيام عمليا بفرض الرقابة والرصد المنشود علي طول الحدود السورية اللبنانية. بينما أوصي مدير برامج السياسات العربية اليهودي ديفيد شينكر في ورقة بحثه إدارة أوباما بتسليح المعارضة السورية, في حين دعا الخبير جيفري وايت إلي إنشاء ملاذات آمنة علي الحدود السورية, وإلي أن تقوم الدول المتدخلة بإنشاء مقاومة عسكرية سرية تتولي دعمها بالأسلحة والتدريب والإرشادات, إضافة إلي العمل علي فرض ثلاثة أنواع من مناطق الحظر, وهي حظر الطيران وحظر القيادة وحظر إطلاق النار. ولا يقتصر الأمر علي الجانب العسكري فقط, فأحد الأسلحة القوية المطروحة هو سلاح الخنق الاقتصادي, لأنه حسب خبراء في البنتاجون أفضل سلاح الأغلبية الصامتة إلي خصم للنظام, وقد جاء في تقرير مهم نشرته وكالة الأنباء الفرنسية الأسبوع الماضي أن الاقتصاد السوري تعرض لضربات قوية بسبب الاحتجاجات الشعبية, والعقوبات الاقتصادية الغربية. فحركة شراء السلع الاستهلاكية في أدني مستوياتها والفنادق خالية,والاستثمارات الأجنبية توقفت والقطاع السياحي أصيب بانتكاسة شديدة, وتحدث خبراء اقتصاديون ورجال أعمال سوريون عن تحويلات تفوق في قيمتها أربعة مليارات دولار إلي خارج سوريامنذ بدء المظاهرات في مارس الماضي. وإذا كان من الصعب التكهن بطبيعة التحرك العسكري المقبل ضد سوريا, فإن الخطوة المقبلة وفقا لتصريحات بعض رموز المعارضة السورية قد تكون اقامة مناطق عازلة علي الحدود مع تركيا والاردن, وقد يتطور الأمر إلي حد وجود نوع من المناطق المحررة داخل سوريا تصبح مركز انطلاق للمقاومة, مع دعم عسكري دولي للمعارضة والمنشقين عن الجيش السوري الرسمي حتي اسقاط النظام, لكن إذا طالت هذه الفترة قد تدفع دول الجوار ثمنا غاليا لها.