سئلت إعرابية: أي أولادك أحب الي قلبك؟ فأجابت: الصغير حتي يكبر, والمريض حتي يشفي, والغائب حتي يعود, وقال حكيم: نحب أبناءنا بقدر ما يحتاجون لا بقدر ما يستحقون.. ذلك صوت الفطرة السليمة وتلك الطبيعة السوية التي يفترض ان توجد لدي كل أب وأم.. ولله در شوقي الذي قال في مدح الرسول الأكرم: وإذا رحمت فأنت أم أو أب.. هذان في الدنيا هما الرحماء..! لذا لم يكن مستغربا ان تتوالي الآيات التي توصي بالوالدين وتحض الأبناء علي البر بآبائهم.. في حين اننا لا نجد نفس الأمر بالنسبة للآباء تجاه ابنائهم اللهم الا في موضعين اثنين.. وذلك لا يحتاج الي كثير من التفسير أو التأويل, فالإنسان بفطرته مجبول علي حب ولده لدرجة حذرنا الخالق الحكيم من الإفراط في ذلك الحب والشغف الذي قد تؤدي المغالاة فيه الي هلاك الانسان إذا ما دفعه هذا الحب الي ظلم الآخرين والتعدي علي حقوق العباد وجمع المال الحرام لتأمين مستقبل الابناء..! إنما أموالكم وأولادكم فتنة.. ان من ازواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم.. فليت شعري بماذا يمكن ان يوصف غلاظ القلوب الذين خالفوا الفطرة وبدلا من أن يكونوا حضنا دافئا وسماء ظليلة وأرضا ذليلة لفلذات أكبادهم اذا بهم يتحولون الي حية رقطاء تلدغهم بلا شفقة أو رحمة ولعل هذا الوصف لا مبالغة فيه إذا تصورنا مدي الجراح والمرارة التي تنضح بها رسالة: الظالم أبي! نعم.. أمرنا الخالق العظيم بطاعة الوالدين, ولم يتح للأبناء ذريعة يمكن من خلالها ان يبرروا لانفسهم نكران فضلهما والاساءة اليهما.. فحتي لو اتخذ الوالدان طريق الكفر فان ذلك لا يعفي الابناء من البر بهما( وان جاهداك علي ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا), ولكن هل معني ذلك ان يستبد الاباء بتلك السلطة ويسيئوا استخدامها..؟ الا يعد ذلك جريمة, الا يعد خيانة للأمانة؟ الا يعد ذلك صدا عن سبيل الله؟ علي الاباء ان يعلموا ان سلطتهم تلك, الله شهيد عليها ومحاسبتهم عليها حسابا شديدا اذا انحرفوا عن تلك المنحة الالهية لهم تجاه أبنائهم والتي تعد تكريما من الخالق لهم نظير ما يفترض ان يقوموا به تجاه الابناء من تضحية ورعاية وزود بالنفس اذا ما تطلب الأمر, اما اذا انحرف بعض الاباء عن مسار الفطرة السليم وظلموا ابناءهم وأضاعوهم, أقول اذا فعلوا ذلك فليعلموا ان هناك خالقا عظيما قد حرم الظلم علي نفسه وجعله بيننا محرما.. وان هناك يوما يعود فيه الخلائق الي بارئهم.. ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا, واذا كنا نؤكد مرة أخري علي عدم وجود أي ثغرة للأبناء يمكن ان يبرروا بها عقوقهم لآبائهم الا انه يجب ان نذكر كل اب مناع للخير معتد أثيم, وكل أم ضيعت أبناءها بما جاء في الحديث: رحم الله والدا أعان ولده علي بره, وبما جاء في الأثر.. ملعون من استعق ولده أي حمل ابنه علي عقوقه بسوء المعاملة أو بهضم حقوقه, وقد جاء رجل إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو اليه من عقوق ابنه فأحضر الفاروق ابن هذا الرجل وأنبه علي عقوقه لأبيه فقال الابن يا أمير المؤمنين اليس للولد حقوق علي أبيه؟ قال بلي فقال فما هي يا أمير المؤمنين قال أن ينتقي أمه, وان يحسن اسمه, وان يعلمه الكتاب القرآن فقال الابن يا أمير المؤمنين انه لم يفعل شيئا من ذلك اما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي وقد سماني جعلا( أي خنفساء) ولم يعلمني من الكتاب حرفا واحدا فالتفت امير المؤمنين الي الرجل وقال له أجئت تشكو عقوق ابنك لقد عققته قبل ان يعقك وأسأت اليه قبل أن يسيء اليك).. يا ليت الاباء يعلمون! رضا نبيه شربين دقهلية [email protected]