طرفا النزاع في سوريا متهمان بارتكاب جرائم حرب, وآن الأوان لكي يتدخل القضاء الدولي, وأن تقوم المحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق حول هذه الجرائم. هذه العبارات خلاصة تقرير أعدته أخيرا لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول أعمال العنف في سوريا, وحذرت فيه من أن آثار النزاع السوري يمكن أن تمتد لأجيال, وتقوض الأمن في كل منطقة الشرق الأوسط. وجاء في التقرير الواقع في131 صفحة أن عمق المأساة السورية ينعكس بطريقة مؤثرة عبر عدد الضحايا, وإن التجارب النفطية التي يرويها الناجون تشير إلي انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان, وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وكشفت عن أنها ستكون نهاية ولايتها في مارس المقبل, بتقديم قائمة سرية إلي مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان تحتوي علي أسماء الأفراد والوحدات العسكرية, التي يعتقد بأنها مسئولة عن الجرائم ضد الإنسانية, وانتهاكات القانون الدولي الإنساني والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وعلي الرغم من أن الحكومة السورية لم تسمح للجنة, إلي يومنا هذا, بإجراء التحقيقات داخل سوريا, إلا أن المقابلات التي أجرتها تكشف عن التكلفة البشرية الباهظة لنزاع يزداد تطرفا وعسكرة وبشكل تدريجي, وأن أجزاء كبيرة من سوريا غدت مسرحا للقتال المستمر والذي اشتمل علي أساليب أكثر وحشية وقدرات عسكرية جديدة لدي جميع الأطراف. كل ذلك أدي إلي كارثة إنسانية تمخضت عن مقتل عشرات الآلاف, وتشريد الملايين في الداخل, فضلا عن لجوء ما يزيد علي082 ألف سوري إلي الدول المجاورة, إضافة إلي قيام طائرات الحكومة بقصف طوابير الخبز والمستشفيات, وتمكن الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة من السيطرة علي بعض المناطق وارتكابها جرائم قتل, وتعذيب, واعتقال تعسفي, واحتجاز للرهائن. كما أن عمليات السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية, التي قامت بها الجماعات المسلحة والتي استهدفت أهدافا غير عسكرية, أدت إلي بث الإرهاب لدي السكان المدنيين. ولوحظ أيضا انتهاك القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة حقوق الطفل, حيث تم تسجيل حوادث لتعرض أطفال للقتل والتعذيب والاغتصاب من قبل قوات موالية للحكومة. إن هذا التقرير المأساوي يجب أن تتخذ المجموعة الدولية ومجلس الأمن قرارا بإحالته إلي القضاء, للتحقيق فيما جاء به, فالأوضاع في سوريا لم تعد تحتمل انتظارا, وعلي المجتمع الدولي أن يتحمل مسئوليته, وكفي صمتا, وترددا.