في أحدث تقرير لها صدر هذا اليوم، وجدت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بأن كلّا من القوات الموالية للحكومة وتلك المناهضة لها، ومع انقضاء عامين تقريبا على بداية النزاع، أصبحت اكثر عنفا وأبدت استهتارا متزايدا بحياة البشر. كما وأكدت اللجنة على الحاجة الملحة بأن يلتزم أطراف النزاع طريق التسوية السياسية من أجل إنهاء العنف. وعلى الرغم من أن الحكومة لم تسمح للّجنة الى يومنا هذا بإجراء التحقيقات داخل سوريا، إلا أن المقابلات ال445 التي أجرتها اللجنة خلال فترة هذا التقرير تكشف عن التكلفة البشرية الباهظة لنزاع يزداد تطرفا وعسكرة بشكل تدريجي. وأوضح التقرير أن أجزاء كبيرة من سوريا غدت مسرحا للقتال المستمر والذي اشتمل على أساليب أكثر وحشية وقدرات عسكرية جديدة لدى جميع الأطراف، ولقد اتخذت الحرب إيحاءات طائفية يخترقها الإجرام الانتهازي ويفاقمها وجود المقاتلين الأجانب والجماعات المتطرفة. ولقد أدى كل ذلك الى كارثة إنسانية تمخضت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين في الداخل السوري . وبحسب معطيات الأممالمتحدة فإن ما يزيد عن 820،000 سوري قد لجأوا الى البلدان المجاورة. وأضاف التقرير أن القوات الحكومية والجماعات المسلحة المناهضة لها ارتكبت مجازر بحق المدنيين والمقاتلين العاجزين عن القتال. كما وقامت القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها باعتقال الأفراد بشكل تعسفي وذلك من خلال عمليات تفتيش المنازل وعند حواجز التفتيش الواقعة في جميع أنحاء سوريا. ولقد وقعت في هذه الأماكن – كما وفي مراكز الاعتقال الرسمية وغير الرسمية – أعمال القتل والتعذيب والاغتصاب والاختفاء القسري والأفعال اللاإنسانية الأخرى. وحين يتم ارتكاب هذه الأعمال في إطار هجوم منهجي وواسع النطاق، فإنها قد تشكل جرائم ضد الإنسانية. ولقد جاءت "استراتيجية الانكماش" التي اتبعتها الحكومة لتشهد مناطق حضرية تتواجد فيها الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة هجوما متواصلا ومتسقا. ولقد أشارت روايات المنشقين بانه لم يتم التمييز ما بين المدنيين والمقاتلين. ولقد ظهر نمط من الضربات الجوية المثيرة للقلق والتي استهدفت المستشفيات والمخابز وطوابير المنتظرين للخبز. ولقد تم توثيق اثنتي عشر حالة قامت طائرات الحكومة فيها بقصف طوابير المنتظرين للخبز. ولقد حدث ذلك في كثير من الأحيان حين كان المئات من المدنيين قد اصطفوا في طوابير بانتظار الخبز بعد فترة من النقص طال أمدها. ولقد أدت مثل هذه الهجمات إلى مقتل عدد كبير من المدنيين وساهمت في تردي الحالة الإنسانية بشكل عام. كما وتم توثيق هدم أحياء بأكملها من قبل القوات الحكومية.ومع تمكن الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة من السيطرة على بعض المناطق، وجدت اللجنة أن هذه الجماعات ارتكبت جرائم القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي واحتجاز الرهائن، والتي قد تشكل جرائم حرب. ولقد أدت عمليات السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية التي قامت بها الجماعات المسلحة والتي استهدفت أهدافا غير عسكرية الى بث الإرهاب لدى السكان المدنيين. وواصلت الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة القيام بعملياتها من داخل المدن والقرى المكتظة بالسكان، مما عرّض حياة المدنيين المتبقيين للخطر. ولقد ازداد عدد المقاتلين الأجانب، على الرغم من أنهم ما زالوا يشكلون نسبة ضئيلة لا حسب في صفوف الجماعات المسلحة.لقد قامت القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها كما والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة بانتهاك حقوق الطفل. ولقد تم تسجيل حوادث لتعرّض الأطفال للقتل والتعذيب والاغتصاب من قبل قوات موالية للحكومة. ولفت التقرير إلى أن الأطفال دون سن ال15 شاركوا مباشرة بالعمليات -بما في ذلك القتال- كجزء من بعض الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة. وعلى الرغم من أن اللجنة على اعتقاد بأنه لا يوجد فرق فيما يتعلق بخطورة الانتهاكات والتجاوزات التي تقوم بها القوات المؤيدة للحكومة أو تلك المناهضة لها، إلا أنها تلاحظ بأن حجم الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها يفوق بشكل كبير تلك التي قامت بها المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة. وأضاف التقرير أن مسؤولية محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية تقع على عاتق حكومة الجمهورية العربية السورية، كما وعلى مجلس الأمن الدولي والدول المؤثرة الأخرى. وأشار التقرير إلى أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان العدالة عن الجرائم التي ارتكبت. ومن خلال جمع المعلومات المباشرة وتوثيق الحوادث، فإن اللجنة تضع حجر الأساس لتمكين عملية المسائلة، سواء كان ذلك على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي. وسيتم في اذار/مارس 2013 تقديم قائمة سرية الى مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، تحتوي على أسماء الأفراد والوحدات العسكرية التي يُعتقد بأنها مسؤولة عن الجرائم يذكر أنه تم تكليف اللجنة التي تضم السيد باولو سيرجيو بينيرو (رئيسا)، والسيدات كارين أبو زيد كونينغ وكارلا ديل بونتي والسيد فيتيت مونتاربورن، من قبل مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وذلك للتحقيق بجميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان وتوثيقها. كما تم تكليف اللجنة بالتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتوسعت ولايتها مؤخرا لتشمل "التحقيق في جميع المجازر".