طالبت كارلا ديل بونتي عضو لجنة التحقيق الدولية الخاصة بتقصي الحقائق حول إنتهاكات حقوق الإنسان بسوريا، بالعمل من أجل مساءلة كافة المسئولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في سوريا أمام المحكمة الجنائية الدولية. وأكدت ديل بونتي أن اللجنة حددت بعض المشتبه في ارتكابهم لتلك الجرائم من أصحاب المناصب العليا في سوريا وسوف تقدم قائمة أسماء جديدة سرية إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مارس المقبل.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته كارلا عبر الكونفرانس بجنيف بالاشتراك مع رئيس لجنة التحقيق الدولية باولو بونيرو من البرازيل.
وقال باولو بونيرو، أن الصراع المسلح الدائر في سوريا "الحرب الأهلية" يشهد حالة سيولة تعقد كل الحلول المطروحة خاصة في ظل ازدياد تطرف الأطراف المشاركة في النزاع.
وأعرب بونيرو عن قلق اللجنة البالغ تجاه الاعتبارات العسكرية في النزاع المسلح الدائر وتأثيرها على السكان المدنيين في ظل الازدياد المضطرد لأعداد القتلى والمصابين فقد جدد تأكيده قناعة اللجنة بأنه لا حل عسكري للصراع في سوريا وإن أحدا من الأطراف لن يحقق انتصارا عسكريا في سوريا.
كما أعرب عن أمله في أن تلقى المبادرة المطروحة للحوار بين المعارضة والحكومة استجابة لوقف العنف المستمر منذ عامين في البلد العربي المضطرب.
وفي الوقت الذي نفى في إجابته على سؤال لمراسل وكالة أنباء "الشرق الأوسط" في جنيف حصول اللجنة على أدلة أو معلومات كافية تؤكد تورط أو مشاركة أعضاء من حزب الله في لبنان في القتال الدائر في سوريا، فقد رفض بونيرو وصف ما تقوم به القوات الحكومية من انتهاكات وقصف وغيرها من الأعمال العسكرية ضد المدنيين بإرهاب الدولة، مشددا على أن عمل اللجنة التي تنتهي ولايتها في شهر مارس المقبل سيظل عملا مهنيا حرفيا يعمل على توثيق المعلومات والحصول على الأدلة الخاصة بالمسئولين عن ارتكاب الانتهاكات وجرائم الحرب في سوريا.
وأكدت لجنة التحقيق الدولية المعنية بتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، في تقرير جديد أصدرته اليوم الاثنين بجنيف، أن ديناميات الحرب الأهلية في سوريا لم تعد تؤثر فقط على السكان المدنيين وإنما تؤدي أيضا إلى تمزق النسيج الاجتماعي المعقد لسوريا وبما يعرض الأجيال القادمة للخطر ويقوض السلام والأمن في المنطقة.
وفي الوقت الذي شدد التقرير على أن النزاع في سوريا بات يتخذ منحى طائفيا على نحو متزايد مع تفاقم نزعة التطرف والعسكري في سلوك الطرفين المتنازعين.
وأستند التقرير إلى 445 مقابلة مع من خرجوا من سوريا، حيث اعتمدت اللجنة على الروايات المباشرة لتأكيد الحوادث وفي حين أشار إلى أن عدم السماح للجنة حتى الآن بدخول سوريا مازال يمثل تحديا كبيرا أمامها للوفاء بمهمة التحقيق في جميع الادعاءات المتعلقة بالجرائم وانتهاكات القانون الدولي والمجازر فقد أكد مجددا على أن القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية مثل القتل العمد والتعذيب والاختفاء القسرى والاغتصاب ونهب الممتلكات وتدميرها وغيرها من الجرائم الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ولفتت اللجنة إلى أن الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة ارتكبت أيضا جرائم حرب شملت القتل والتعذيب وأخذ الرهائن كما أنها لا تزال تعرض السكان المدنيين للخطر بوضع الأهداف العسكرية في المناطق المدنية وكذلك استخدام الأطفال اقل من 18 عاما في الأعمال القتالية مباشرة.
وشدد التقرير على أن ما ارتكبته المجموعات المسلحة المعارضة للحكومة في كل الأحوال لم تبلغ في قوتها ونطاقها الحد الذي بلغته الانتهاكات والتعديات التي ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها.
وفي الوقت الذي طالبت اللجنة الدولية في تقريرها بضرورة مساءلة جميع الأطراف المسئولة عن الجرائم المرتكبة عن طريق الإحالة إلى القضاء الوطني والدولي ، قالت أنها على قناعة تامة بأن الحل الوحيد للنزاع السوري هو حل سياسي يستند إلى البيان الختامي الصادر عن مجموعة العمل الخاصة بسوريا في 30 يونيو من العام الماضي.
وذكرت اللجنة أن العناصر الفاعلة الإقليمية والدولية وبدعمها لمختلف أطراف النزاع في سوريا أعاقت احتمالات التوصل إلى تسوية متفق عليها بسبب تباين مصالحها.
وقال التقرير، أن جماعات التمرد استمرت ورغم الانقسامات المتواصلة في التحول إلى قوة مسلحة تتزايد قدراتها على تحدي السيطرة الحكومية على البلاد والهجوم على الأهداف الإستراتيجية مثل حقول النفط والمطارات.
ولفت التقرير إلى أنه ورغم زيادة عدد المقاتلين الأجانب بين صفوف الجماعات المعارضة المسلحة إلا أنهم مازالوا يمثلون نسبة صغيرة.