سوريا من الأهمية بحيث لا يمكن تركها لبشار الأسد يفعل فيها ما يشاء; والسوريون من الأشقاء الذين لا يمكن تركهم تحت رحمة نظام قاس لا يرحم. والحقيقة أنني لم أكن أبدا متفائلا بنتيجة مبادرة الجامعة العربية لأن النظم الثورية أو التي تدعي الثورية تعتبر المفاوضات والمبادرات هي أدوات لخدمة أهدافها الرئيسية في كل مرحلة; هي لا تراها صياغة لاختلاف, وحلا وسطيا لتناقضات صعبة, وإنما مناسبة لكسب أرض جديدة, أو تلافي خسارة أرض علي وشك أن تضيع. قبول المبادرة العربية من هذا المنطلق لم يكن إلا لاكتساب بعض من الشرعية التي ضاع منها الكثير; وكسب بعض من الوقت يمكن فيه القضاء علي الثورة أو إضعافها بحيث يجري تحضيرها للذبح بعد ذلك. أيا من ذلك لم يعد ممكنا, والنظام السوري كان متعجلا في الاستخدام الفوري للقوة, أو أن الثورة لم تترك له الفرصة للمناورة بالمبادرة العربية. الآن وقد خرق بشار الأسد الاتفاق مع الجامعة لم يعد هناك بد من معاملته معاملة ليبيا بحيث يجري تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية, وإعلان موقف حازم من النظام السوري من قبل الدول العربية الرئيسية خاصة القريبة من سوريا بحيث يجري مد العون للشعب السوري حتي يصمد أمام العنف والقسوة. الأمر المهم هنا أن يجري ذلك بسرعة وبيد عربية حازمة بحيث لا يحتاج الأمر أبدا لتدخل من حلف الأطلنطي, وهو علي كل الأحوال ليس علي استعداد لفتح جبهة جديدة, ولكن روسيا والصين يمكن إقناعهما بأن موقف الدول العربية يعبر عن موقف دولي جماعي. الضغط علي بشار الأسد يصاحبه نافذة مفتوحة لكي يخرج من سوريا مع أركان عائلته ونظامه إذا كان لا يزال في الوقت فسحة; ورغم أن في ذلك ظلما بين للذين قتلوا أو عذبوا أو سجنوا أو كل ذلك معا لأن يد الحساب لم تمتد لمن فعل كل ذلك, فإن إنقاذ الآلاف من المصير نفسه ربما يكون ثمنا معقولا, ولكنه لن يعفي بشار وصحبه غير الكرام من محكمة التاريخ. الرفض يعني العودة إلي المحكمة الجنائية الدولية, وفرض أنواع من الحظر, وقبل ذلك توحيد قوي المعارضة السورية تحت مظلة الجامعة العربية. المهم أن يشعر النظام في سوريا أن الوقت ليس في صالحه, وان المراهنة علي الزمن لن تزيد وقته في السلطة ولكنها سوف تضاعف من العقاب. ماذا نفعل مع نظم لم يعد في استطاعتها استيعاب الدروس؟. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد