رفض التفاوض وتفضيل العمال الوقفات الاحتجاجية واستخدام العنف والتخلي عن الهدوء والطرق القانونية في المطالبة بحقوق مشروعة غالبا وغير مشروعة أحيانا أخري من جانب مختلف فئات العمال. برغم أن ما حصلوا عليه خلال الأشهر الماضية يفوق ما حصلوا عليه خلال السنوات العشر الأخيرة, يؤكد أن هناك أيادي خفية تحرض علي اتخاذ الوقفات الاحتجاجية وسيلة وحيدة أمام العمال. يري الخبراء أن هذه الأيدي تعمل لمصلحة النظام السابق وفلوله من وزراء ورؤساء شركات وهيئات ورجال أعمال استفادوا بشكل غير مشروع من النظام السابق ويريدون الآن وقف عجلة الإنتاج حتي يتدهور الوضع الاقتصادي وتفشل الثورة. يري الدكتور حمدي عبدالعظيم الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن العمال ظلوا لسنوات عديدة, برغم ما يعانونه من ظلم شديد, مسالمين يرحبون بالتفاوض كوسيلة حضارية لحل مشكلاتهم, ولكن منذ بدء أحداث ثورة يناير رفضوا التفاوض ودخلوا في مشادات ومشاحنات, مما يعطي دلالة بأن هناك أيدي خفية وراء هذا التحريض, موضحا أن ضعف الإدارة وغياب الأمن شجع بدرجة كبيرة علي استمرار هذه الوقفات وزيادتها وانتشارها, كما أن خضوع المسئولين والاستجابة لمطالب المحرضين جعل باقي الموظفين في بقية المؤسسات والهيئات يكررون الأسلوب نفسه الوقفات الاحتجاجية للحصول علي الحقوق فورا وبأسرع وقت ممكن. ويري الدكتور حمدي أن هذه الوقفات بدأت عقب الثورة وزوال هيمنة رأس المال وزيادة الحديث عن الفساد والكشف عن وجود تفاوت رهيب في الأجور والدخول وأن هناك من يحصل علي مئات الجنيهات, وآخرين يحصلون علي مئات الآلاف, وبدأ الأمر في بنك الإسكندرية ونجح العمال في إقالة رئيس البنك وتكرر الوضع في بعض شركات قطاع الأعمال العام وفي هيئة النقل العام وهيئة السكك الحديدية والشركة المصرية للاتصالات.. إلخ. ويشير إلي أن التراكمات في المشكلات والتأخير في حلها أدي إلي هذا الانفجار, كما أن هذا الانفجار لم يحدث بشكل عفوي وإنما كان هناك محرضون أشعلوا هذا الانفجار وهؤلاء يريدون أن يثبتوا شيئا واحدا هو أن الثورة عبارة عن فوضي وقد أدت إلي الفقر وانعدام الأمن وانتشار البلطجة, وهؤلاء المحرضون يروجون الشائعات الكاذبة ونشر المعلومات السلبية والمغلوطة عن الأوضاع المالية لإثارة الرأي العام, وبشكل خاص إثارة الموظفين وجعلهم يشعرون بالظلم الشديد. وعود براقة ويضيف الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن أسلوب تصدي إدارة الشركات والمؤسسات التي شهدت هذه الوقفات الفئوية والإضرابات كان سلبيا للغاية, حيث استخدمت أسلوب النظام السابق بتجاهل المطالب في البداية وترك العاملين في غضبهم الشديد دون الاجتماع بهم لتوضيح الحقيقة, بالإضافة إلي أن كبار المسئولين والوزراء بشكل خاص أطلقوا وعودا براقة وجعلوا الناس يعيشون علي آمال ووهم, وفي النهاية اتضح أنهم يعيشون في أكذوبة كبيرة مثل الحديث عن إعانة البطالة ورفع الدخول إلي الضعف وتوظيف الخريجين وتوفير وحدات سكنية للشباب بالمحافظات ومنحهم آلاف الأفدنة, ولم يتحقق أي شيء من هذه الوعود علي أرض الواقع. ويري الدكتور حمدي عبدالعظيم أن بعض الوزراء بالحكومة وبعض رؤساء الهيئات والشركات العامة من النظام السابق لهم مصلحة قوية وراء افتعال هذه الوقفات الاحتجاجية وعدم حلها لأنها تصب في مصلحة ضرب الثورة وكراهيتها. وفي الاتجاه نفسه يري الدكتور محمود عبدالحي العميد السابق لمعهد التخطيط القومي أن هناك أيادي خفية لا تريد الاستقرار لهذا البلد وتريد تدمير ما هو قائم وإيقاف عجلة الإنتاج, ولكي ينجح هؤلاء لابد لهم من شيء حقيقي يبنون عليه أهدافهم, وتعد المطالب الفئوية أفضل شيء لأنها مشروعة لعمال وقع عليهم ظلم إداري شديد وتدن رهيب في مستوي الأجور أقل من أجور العاملين في بعض الدول الإفريقية, إلا أنه برغم مشروعية معظم المطالب الفئوية, إلا أن تفجرها في هذه الفترة القصيرة من عمر الثورة مع التراجع الكبير في مؤشرات الاقتصاد المصري يؤكد أن وراءها محرضون, خاصة أنه علي الجانب الآخر غاب عن غالبية القوي الفاعلة في الساحة السياسية بالمجتمع أن العمل والإنتاج الجاد هو الطريق الحقيقي لرفع مستوي المعيشة وزيادة الأجور والرواتب. وأضاف الدكتور عبدالحي أن هؤلاء المحرضين استخدموا عناصر عديدة للإثارة منها تضخيم حجم النهب والفساد في المجتمع والإيحاء بأن الأموال المنهوبة بمئات المليارات يمكن استردادها بسرعة شديدة وتوزيعها علي أفراد الشعب, مؤكدا أن فلول النظام السابق خاصة الذين استفادوا من الفساد الذي كان موجودا في ظل النظام السابق والمساندين له من سماسرة وبلطجية, وما يؤكد ذلك انتشار أنواع معينة من الجريمة لم تكن موجودة من قبل بهذا الحجم مثل السرقة والخطف وسرقة السيارات والمولات التجارية وقطع الطرق, فكلها حوادث تتم بشكل منظم يؤكد وجود محرضين لها يهدفون إلي إثارة الرعب وزعزعة الاستقرار, ويأتي في مقدمة هؤلاء كبار رجال أعمال النظام السابق الذين كونوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة وهم من يساندون هذه الأعمال بمساعدة البلطجية الذين كانوا يستخدمونهم في تزوير الانتخابات.