هل هناك من يستكثر علي المصريين فرحتهم؟. فحتي أيام عيد الأضحي, لم تسلم من المشكلات والأزمات بسبب نقص البنزين وأنابيب البوتاجاز وغلاء أسعارها في سوق سوداء علنية بلا رادع. وبرغم التصريحات الرسمية بزيادة حصص البوتاجاز للمحافظات بنسبة40% فإن المشكلة تتزايد في أنحاء مصر من عاصمة وصعيد ووجه بحري, ويصرخ الجميع مطالبين برقابة مشددة وعقوبات علي المخالفين حتي لا يتسبب لهيب الأزمة في مزيد من الحرائق. وتتعدد المشاهد بين القاهرة والجيزة والمحافظات, بائعو البنزين في جراكن في بولاق الدكرور وصفط اللبن وشارع ترسا بالهرم, يسحبونه من محطات الوقود ليعيدوا بيعه مرة أخري ب125 قرشا للتر بدلا من 90 بنزين يباع في الشارع علي مرأي ومسمع من الجميع ووسيلة كسب سهلة للعيش ابتكرها الكثيرون برغم خطورة آثارها. المشهد الآخر:ازدحام و طوابير طويلة للسيارات و مشاجرات أمام محطات الوقود في محافظات مصر من سوهاج إلي الشرقيةودمياط وأعمال معطلة ووسائل نقل كثيرة أعلنت تمردها عن السير أو زادت من أسعار تذاكرها اعتراضا علي نقص البنزين 80 أما المشهد الثالث المتكرر في محافظات مصر المختلفة فهو التكالب و المشاجرات و الإعتداءات في سبيل الحصول علي كنز نادر وهو أنبوبة البوتاجاز شحت واختفت و أصبحت سوقها السوداء تفرض قوانين وأسعار البيع في كثير من المناطق. شبكات مصالح يرتبط بعضها بالبعض, بنزين 80 يحول من محطات الوقود بالإتفاق لمصلحة بعض المستفيدين ويعاد بيعه بأسعار جديدة كما يقول هيثم يوسف أحد سكان منطقة بولاق الدكرور ومن يذهب للسؤال في محطات الوقود يجدها خاوية قبل ان تنتهي ساعات النهار. وهنا لن تجد البنزين إلا في سوقها السوداء في جراكن في الشوارع او في بعض الدكاكين التي يعلمها أهالي المنطقة ومن يحتاج عليه أن يدفع اكثر. نبدأ جولتنا من وجه بحري, وتحديدا من دمياط, وبرغم أن تهريب السولار عن طريق المواني ومراكب الصيد في مدينة دمياط قد تمت السيطرة عليه برقابة حرس الحدود وضبط المخالفين, فإن المحافظة مازالت تعاني نقص بنزين 80 كما يقول أحمد النهري, أحد السكان بنسبة 80 و تتعدد الأسباب من بينها تهريبه بين المحافظات أو تخزينه أحيانا لإثارة وإيجاد أزمة. و يروي أحمد النهري أحد المواطنين بدمياط واقعة اكتشاف بعض الأهالي مخزن في أرض خلاء به نحو عشرة براميل بنزين80 و ذلك منذ عدة شهور. مخزون جمعه وخزنه أحد أعضاء مجلس الشعب السابقين بهدف افتعال أزمة وإحداث فوضي. و يستطرد أحمد النهري أنه بعد الإبلاغ عن الواقعة تمت محاكمة أحد من يعملون مع هذا النائب السابق محاكمة عسكرية بتهمة احتكار سلعة مؤثرة في السوق بينما استطاع هو الإفلات من العقاب. واقعة قد تتكرر في دمياط او في محافظة أخري لتؤكد انه مازالت أيادي المستفيدين من النظام السابق, تعبث بأمن البلاد واستقراره في محاولات دائمة و متجددة لإحداث أزمات و إثارة الفوضي. 25 جنيها للأنبوبة ومن وجه بحري إلي أسيوط, التي برغم أن بها مصنع للمشتقات البترولية ومصنع للبوتاجاز يوزع علي مناطق الصعيد فإن الأزمة فيها شديدة. نقص بل إختفاء لسيارات توزيع أنابيب البوتاجاز منذ عدة ايام يعطل سير الحياة في مناطق كثيرة بالمحافظة و القري. وأنبوبة البوتاجاز وإن وجدت يصل سعرها إلي 25 جنيها وأحيانا أكثر. المشكلة في أسيوط كما يقول احمد مصطفي أحد ابناء المدينة و يعمل في مكتب المحافظ أن انتاج الأنابيب التجارية متوقف في أسيوط منذ عدة سنوات لذا فإن مزارع الدواجن والثروة الحيوانية والمنشآت السياحية تستخدم أنابيب المنازل الصغيرة ويزيد بالطبع استهلاكها فترة الشتاء. أما المشكلة الأخري, فهي التهريب بين المحافظات, فحالات الضبط لسيارات تهرب الأنابيب إلي خارج أسيوط متكررة وكثيرة كما يقول أحمد مصطفي. و يزيد الأمر سوءا ضعف الرقابة علي مشروع شباب الخريجين الذين يأخذون الأنابيب بسعر ثلاثة جنيهات ونصف الجنيه ثم يبيعونها بخمسة عشر أوعشرين جنيها. و هو ما يعرض سيارة المحافظة التي تقوم بتوزيع الأنابيب علي الموظفين لاعتداءات من الأهالي الذين لا يستطيعون تدبير حاجتهم من الأنابيب. أما المستودعات فحدث ولا حرج كما يقول أحمد فمخالفاتها متكررة. فهم لا يحترمون التسعيرة و يبيعون للمستغلين بسعر أعلي وهم يقومون بدورهم بإعادة البيع للجمهور بسعر أعلي في غيبة الرقابة التموينية في كثير من الأحيان. و ما يزيد الأزمة اشتعالا في المحافظة هو بطء تنفيذ مشروع الغاز الطبيعي الذي لم يغط سوي 31 الفا من اجمالي 91 الفا في مدينة أسيوط وهو ما يزيد الأمور تعقيدا خاصة في المناطق الشعبية. بالإضافة إلي عدم إكتمال مشروع أكشاك التوزيع الحديدية التي لم تكتمل اعدادها ولم تقم بتغطية المناطق الحيوية في المحافظة. انفراجة في أسيوط أما السيارات في أسيوط فلم تعرف الغاز الطبيعي بعد ويعتمد80 منها علي بنزين80. لكن أزمة البنزين بدأت تشهد انفراجة منذ أمس الأول بسبب قرار منع محطات الوقود من تعبئة الجراكن وهو ما خفف من حدة الأزمة. و إن كانت أسبابها متعددة كما يقول أحمد مصطفي مضيفا أنه تم ضبط سيارة تهرب20 طن بنزين إلي خارج المحافظة مؤكدا أن ما لا يبلغ عنه كثير. بلطجة وفوضي في الشرقية فساد وأزمة ضمير ونقص في الرقابة قد تختلف مظاهره من محافظة إلي أخري لكن الأزمة واحدة. في الشرقية قد تفقد الحامل جنينها في سبيل الحصول علي أنبوبة بسعرها الطبيعي في ظل التزاحم و الضرب والبلطجة أمام المستودعات. و في منطقة العسلوجي كما يقول عبد الحميد صبري يفرض العاملون في المستودع سعر أعلي لبيعها للمستفيدين اما من يريد شراء الأنبوبة بسعرها الطبيعي فعليه ان يتحمل الوقوف لساعات طويلة في الطابور انتظارا لدور غالبا ما لا ياتي بسبب نفاذ الكمية في أحيان كثيرة. ولكل مستودع قوانينه وزبائنه أيضا وقد يحرم آخرين من الأنبوبة في حالة الشجار والإختلاف. ويردد كثير من السكان إن اصحاب المستودعات يحافظون علي هذا البيزنس وهذه السطوة بتوزيع مبالغ شهرية علي بعض المراقبين. أشكال من الفساد مازالت مستمرة برغم الثورة كما يشرح نور احد سائقي الميكروباص بمدينة بلبيس نور يشكو معاناته بسبب نقص البنزين الذي يباع ب25 جنيها بدلا من19 في السوق السوداء بينما تصطف السيارات بالساعات أمام محطات الوقود وغالبا ما تكون الإجابة بأنه قد نفذت الكمية في الوقت الذي تملأ فيه سيارات أخري جراكن ليعاد بيعها في السوق السوداء دون رقابة. معاناة يومية, كما يقول أحمد السيد, موظف بالقاهرة و يقوم يوميا بقطع مسافات طويلة بحثا عن البنزين في أحد محطات الوقود التابعة للقوات المسلحة ليأخذ طريقه اليومي لعمله. و يضيف أنه يضطر في احيان كثيرة لشراء بنزين 92 لإختفاء بنزين 82 و هو ما يشكل عبئا كبيرا علي أسرته. و يستطرد أن نقص الرقابة علي البنزين وكذلك علي أنابيب البوتاجاز يشكل أزمة شديدة في المحافظة أفسدت علي الكثيرين فرحة العيد. وبرغم أن مدير مكتب وزير التضامن الإجتماعي أكد وجود غرفة عمليات دائمة لأعمال الرقابة والتوزيع فإن هاتف رئيسها المسئول لا يجيب ربما بسبب عطلة العيد. ولكن رقم 19468 الساخن مستمر في تلقي شكاوي المواطنين التي أكد أحد موظفيه أنها تزايدت في الأيام الأخيرة وأن مديريات التموين في المناطق المختلفة تحقق في هذه الشكاوي لإتخاذ اللازم. ومازالت الأزمة مستمرة وقابلة للمزيد من الإشتعال إذا لم تتخذ إجراءات رقابية سريعة للحد من السوق السوداء والضرب بيد من حديد علي المخالفين, فهل من خطر أكبر من بيع البنزين في جراكن في شوارع مصر بينما تفتقده المحطات؟ وتهريب أنابيب البوتاجاز لتباع مثل الممنوعات في السوق السوداء؟