بدأت الثورة المصرية بعد أيام قليلة من ثورة تونس, ورغم تشابهما فقد إختارت كل منهما طريقا مختلفا, اختارت الثورة المصرية طريقا تقليديا ليس فيه ابتكار أو ما يعكس رغبة التغيير المفروض أن تأتي به الثورات. مجلس أعلي انحاز للثورة, وإستمد شرعيته من تكليف الرئيس السابق له بإدارة البلاد, وبرلمان تقليدي من مجلسين شعب وشوري, ونسبة محفوظة لا مثيل لها في أي بلد آخر للعمال والفلاحين, ثم لجنة تضع الدستور, ثم إنتخاب للرئيس مما يعني أن تبقي مصر بدون رئيس جمهورية أكثر من سنتين في الوقت الذي يتنقل فيه بين البلاد وشاشات الفضائيات أكثر من عشرين رئيس محتمل!. في تونس حاولوا وابتكروا وقرروا أن يبدأوا بفترة انتقالية تستمد شرعيتها من الشعب عن طريق إنتخاب جمعية تأسيسية تعين بإعتبارها قادمة عن طريق الإنتخاب رئيسا للجمهورية ورئيسا للوزراء, وكل هذا بصفة مؤقتة إلي أن تقوم الجمعية التأسيسية بوضع دستور البلاد الجديد خلال فترة توافقية مدتها سنة, وبحسب نظام الدولة والقواعد التي يحددها الدستور تنتقل تونس من المرحلة الانتقالية إلي الوضع الدائم. ما تنبهت إليه الثورة التونسية مبكرا باعتبارها ثورة لابد أن تأتي بجديد حق التونسيين خارج تونس, فابتكرت لهم ما يمكنهم من التمثيل في الجمعية التأسيسة, ونتيجة لذلك تم تحديد عدد أعضاء الجمعية التأسيسية ب217 مقعدا منها 199 مقعدا تنازعت عليها 1500 قائمة من مختلف الأحزاب داخل تونس و81 مقعدا يختار شاغلوها من المقيمين خارج تونس, والذين يقدرون ب900 الف تونسي, وقد راعت تونس توزيعهم, فخصصت للمقيمين في فرنسا صاحبة أكبر عدد من التونسيين عشرة مقاعد يليها ايطاليا ثلاثة مقاعد ثم الدول العربية مقعدين ثم مقعدا واحدا للمقيمين في كل من ألمانيا وأمريكا وفي باقي دول العالم, هناك فكروا ونسفوا القديم وخصصوا وإنتخبوا, ونحن جاء القرار من المحكمة, وما زلنا نبحث عن حل للمأزق الذي صنعناه ببيروقراطيتنا, ربما لأن هناك ثورة وهنا شبة ثورة!. [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر