أثارت قضية مقتل طالب ثانوي في مشاجرة مع زملائه داخل مدرسة ملوي الثانوية التجريبية في أثناء فترة الفسحة العديد من علامات الاستفهام.. فهل تحولت مدارسنا إلي ساحات للبلطجة؟ وهل افتقدنا لدور الأسرة والمدرسة ورجال الدين.. وهل أصبحت البلطجة سمة ظاهرة في مجتمعنا من خلال الشارع والمنشآت العامة حتي تسلقت أسوار المدارس ووصلت الأسلحة البيضاء والشوم إلي داخل الأسوار بل الأكثر من ذلك وصلت الأسلحة النارية إلي الحرم الجامعي الذي شهد العام الماضي تبادل اطلاق الرصاص بين الطلاب بجامعة المنيا وقيام طالب بآداب المنيا بطعن زميله بمطواه بسبب خلاف في الرأي. أسئلة كثيرة فجرتها قضية مقتل الطالب أيمن نبيل لبيب بالصف الثالث الثانوي الأيام الماضية ووصل قلق أولياء الأمور إلي منع أبنائهم من الذهاب إلي المدارس خوفا علي أن يلقوا مصير زميلهم قتلا في المشاجرات. القضية ليست مقصورة علي الطالبين المتهمين بارتكاب الحادث في مقتل زميلهما ضربا ولكن هناك أطرافا أخري في دائرة الاتهام من قيادات المدرسة الذين أهملوا في واجبات عملهم أثناء اليوم الدراسي, كما كشفت التحقيقات مع مدير المدرسة والمشرف العام والاخصائيين الاجتماعيين الذين لم يتدخلوا للصلح بين الطلاب المتنازعين قبل الحادث بأسبوع للخلاف علي جلوسهم علي المقاعد, كما كشفت التحقيقات عدم وجود مشرف التربية الرياضية المسئول عن الملعب وفناء المدرسة الذي شهد جريمة مقتل الطالب ضربا. الدكتورة رجاء عبدالودود استاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنيا تقول إننا للأسف الشديد أمام ظاهرة إنفلات أخلاقي ولسنا أمام حالة أو حالات فردية, فالبلطجة أصبحت ظاهرة اجتماعية قائمة في الشارع والأماكن العامة, وأن هناك غيابا لدور وسائل التنشئة الاجتماعية الممثلة في الأسرة والمدرسة والجامعة ودور العبادة وشلة الأصدقاء والاقارب, وأن كلية الآداب بجامعة المنيا شهدت العام الماضي واقعة مؤسفة عندما قام طالب بطعن زميله بآلة حادة داخل الحرم الجامعي بسبب خلاف في الرأي بين الطالبين وهذا السلوك العدواني في المدرسة والجامعة نتيجة انتشار العنف والقهر لدي الأطفال الذين يتم تنشئتهم علي أن يستمعوا إلي كلام الكبار والاستخفاف بأفكارهم والرد عليهم بالمقولة المعروفة أسمع الكلام, أنت صغير ولا تعرف حاجة. وأشارت الدكتورة رجاء عبدالودود إلي ضرورة وجود مشروع قومي لإعادة تنشئة الجيل القادم علي قيم التسامح وثقافة الحوار وقبول الآخر وهو مشروع يحتاج إلي تكاتف مؤسسات الدولة والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني. إبراهيم الصياد مدير مدرسة المنيا الثانوية العسكرية يقول: فترة الفسحة هي الفترة التي تنتشر فيها المشاجرات بين الطلاب لذلك أتخذت قرارا هذا العام بإلغاء الفسحة خاصة أن المدرسة تضم1650 طالبا موزعين علي42 فصلا دراسيا من غير المعقول نزولهم ثم صعودهم خلال فترة ربع ساعة هي المقررة للفسحة وأن إدارة المدرسة يجب أن تكون قوية وأن تكون هناك رقابة علي الطلاب من خلال المشرفين وأن المجهود الذي تبذله المدرسة في انضباط الطلاب يفوق مجهود العملية التعليمية داخل الفصول, مشيرا إلي أنه في العام الماضي اكتشف أن الطلاب كانوا يقومون بتخزين الشوم والعصي فوق مباني المدرسة لاستخدامها في المشاجرات وأن هناك تسيب أمنيا واضحا في الشارع خاصة أمام المدارس التي تشهد مشاجرات يومية, وطالب بضرورة وجود سيارات الشرطة أمام المدارس فترة الدخول والخروج لأن وجود الأمن وضبط أي طلاب يتشاجرون في الحال سوف يقضي علي المشاجرات التي تتكرر بصورة يومية. فهل نتحرك لمواجهة البلطجة والعنف في المدارس و الجامعات قبل أن تقع كارثة أخري؟