نظم عشرات الآلاف من الايطاليين أمس اعتصاما في العاصمة روما احتجاجا علي الالتزامات التي قدمها رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني أمام قمة الاتحاد الأوروبي من أجل دفع النمو الاقتصادي للبلاد والتي تضمنت رفع سن المعاش الي67 عاما, والتعهد بتقليص حجم الموظفين بالقطاع العام من خلال السماح بتسريح العمالة, وإتاحة خيار الفصل عن العمل أمام الشركات التي تواجه صعوبات اقتصادية, الأمر الذي أثار ضجة في البلاد. وفي الوقت الذي استمرت فيه هذه الاحتجاجات في روما ومختلف أنحاء إيطاليا لثماني ساعات أمس, تدفق آلاف الموظفين العموميين من مختلف الأقاليم علي العاصمة أيضا للمشاركة في الاعتصام الذي يشهده ميدانا إل بوبولو وأبوستولي, حيث أكد المنظمون أن نحو20 ألف عامل شاركوا آلاف المتقاعدين عن أعمالهم في الاعتصام. ويري المتقاعدون أنهم ضحايا لسياسات الحكومة الاقتصادية غير العادلة علي حد وصفهم, و أوضح بعضهم أنهم صاروا يتلقون معاشات أقل فضلا عن خفض الدولة لميزانية رعايتهم الصحية, وذلك في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الخدمات والسلع وتذاكر المواصلات العامة. وأشارت صحيفة كورييرا ديلا سيرا الايطالية الي أنه من بين نحو مليون ونصف المليون متقاعد في اقليم لاتسيو( وسط العاصمة روما), يتقاضي نحو مليون شخص منهم معاشا أقل من ألف يورو شهريا, فيما يبلغ متوسط المعاش للفرد550 يورو شهريا, وهو ما لا يكفي سوي لإبقاء المتقاعد علي قيد الحياة, علي حد قول الصحيفة. ومن جانبها, ذكرت وكالة أنباء آكي الايطالية أن أحزاب إيطاليا القيم والحزب الديمقراطي والاتحاد المسيحي الديمقراطي تقدموا بطلب عاجل لمثول بيرلسكوني أمام البرلمان لتقديم توضيح بشأن التعهدات التي أعلنها خلال القمة الأوروبية. وأكد اتحاد العمال الايطاليين سي جي آي ال أن تبني الحكومة لتلك السياسات من شأنه تدمير النسيج الاجتماعي لإيطاليا, كما أنه يأتي فقط علي حساب الفئات الأضعف من المتقاعدين والعمال. وكان عمدة روما جياني آليمانو قد أصدر قرارا بمنع المسيرات في المدينة لمدة شهر في أعقاب أحداث العنف الواسعة التي شهدتها العاصمة خلال مسيرات نظمت في وقت سابق من الشهر الجاري قام خلالها ملثمون يرتدون الزي الأسود- عرفوا بالكتل السوداء- بإثارة الشغب وإشعال الحرائق وتدمير الممتلكات والمنشآت. وفي فرنسا, لم يكن وضع الرئيس نيكولا ساركوزي أحسن حالا, فقد تحدث أمس علي مدي ساعة للتليفزيون الفرنسي فور عودته من القمة الأوروبية لتوضيح سياسته لمواجهة الازمة الاقتصادية علي المستوي الداخلي وعلي مستوي الاتحاد الاوروبي, حيث شرح خطة الحكومة للتصدي لعجز الميزانية, مشيرا الي ضرورة اتباع اجراءات متنوعة خطت فيها فرنسا مرحلة كبيرة رغم كل الانتقادات الموجهة لسياسته, وفي مقدمتها تعديل قانون المعاشات برفع سن التقاعد إلي62 عاما, ووضع خطة لتقليص العاملين في الدولة, علي أن يوظف شخص واحد من أصل اثنين يصلون إلي سن التقاعد. وأشار ساركوزي ضمنيا إلي أن فرنسا علي أعتاب خطة تقشف إجبارية, مؤكدا أن ما تمر به اليونان من أزمة اقتصادية نتج عن عدم استخدمها لأساليب تقشفية تتماشي مع ظروف المرحلة. وقال ان فرنسا وضعت خطة من الآن وحتي عام2013 للخروج من عجز الموازنة البالغ80 مليار يورو, ومن بعض ملامحها تخفيض مصروفات الحكومة إلي10 آلاف يورو للعام المقبل وتغيير نظام التعامل الضريبي علي السلع الواردة من الخارج وخفض معدل النمو في2012 إلي1%, في حين يبلغ الآن 1.75%, مع تأكيده عدم المساس بالخدمات الرئيسية للمواطنين كالتأمين الصحي وميزة الدعم المادي للعاطلين. وأثار خطاب ساركوزي جدلا واسعا داخل فرنسا, حيث اتهمته زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان بأنه ينهك البلاد ويستهلك ثرواتها في مساعدة دول اليورو. وحول رد الفعل الأمريكي علي قمة الاتحاد الأوروبي, رحب الرئيس باراك أوباما بالخطوة التي وصفها بالمهمة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لمعالجة مشكلة الديون في منطقة اليورو وأزمة البنوك, مشيرا إلي أن الاتفاق الذي توصل إليه زعماء منطقة اليورو ساعد علي تهدئة الأسواق العالمية. وأضاف أوباما في تصريحات أدلي بها خلال لقائه برئيس وزراء التشيك أن أزمة ديون منطقة اليورو ستؤثر بشكل مباشر علي الاقتصاد الأمريكي, وطالب دول الاتحاد باتخاذ خطوات سريعة لتنفيذ هذه الخطة. وعلي صعيد تأثر الأسهم العالمية بأزمة منطقة اليورو, واصلت الأسهم الأوروبية أمس المكاسب التي سجلتها في جلسة أمس الأول مع استمرار تفاؤل المستثمرين بالاتفاق الذي توصل إليه زعماء منطقة اليورو بهدف إنهاء أزمة الديون, حيث ارتفع مؤشر يوروفرست300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبري0.2% إلي1021.67 نقطة, كما ارتفعت أسهم القطاع المصرفي الذي تضرر بسبب أزمة الديون السيادية بنسبة0.7%. وفي البورصات الأمريكية, واصلت مؤشرات الأسهم الأمريكية في بورصة وول ستريت مكاسبها التي حققتها أمس الأول في ظل موافقة قادة أوروبا علي احتواء أزمة ديون منطقة اليورو, حيث ارتفع مؤشر داو جونز الرئيسي339.51 نقطة ليغلق عند12208.55 نقطة. كما ارتفعت مؤشرات الأسهم في بورصة طوكيو للأوراق المالية أمس بأكثر من واحد في المائة, حيث أغلق مؤشر نيكي علي9050.47 نقطة, وتجاوز المؤشر مستوي تسعة آلاف نقطة للمرة الأولي في نحو شهرين.