أكثر من 1400 مصنع يعمل بها نحو 250 ألف عامل في مدينة برج العرب الصناعية الجديدة يهددهم شبح التوقف بعد أن تعرضت المدينة لإهمال متعمد ومذبحة للمصانع الوطنية.. القصة باختصار بدأت منذ مايو الماضي نتيجة انقطاع التيار الكهربائي والتقاعس في توصيل الغاز إلي المصانع واغلاق بعض مصانع الأدوية المصرية بهدف إنعاش منافستها الأجنبية.. والغاء تخصيص أراضي النادي الاجتماعي الذي تكلفت مرحلته الأولي 62 مليون جنيه, وكان هدف إلي استقرار العاملين بالمدينة وتعميرها.. الصورة قاتمة كما رصدناها عند زيارتنا للمدينة التي نحذر من أن الأوضاع لو استمرت علي ماهي عليه فقد تمسي المدينة مدينة أشباح وتتحول مصانعها إلي أطلال وينضم عمالها إلي طوابير البطالة وتتوقف صادراتها التي تبلغ نحو 65% من انتاجها الاجمالي. تسريح العمالة بداية يؤكد المهندس محمد فرج عامر رئيس جمعية المستثمرين بمدينة برج العرب الجديدة, أنه خلال أحداث الثورة انخفض انتاج المصانع 60%, وبعد استقرار النوعي اتجه معظم المستثمرين إلي تعويض الانخفاض وزيادة رواتب العاملين تماشيا مع سياسة الحكومة بزيادة الانتاج وتطوير الخطوط الانتاجية والتوسع فيها عن طريق توصيل الغاز الطبيعي لمعظم المصانع خاصة الكبري لتشغيلها لمدة ثلاث ورديات, لكن هيئة التنمية الصناعية رفضت تشغيل المصانع بالغاز إلا لفترة وردية واحدة, ثماني ساعات فقط بالرغم من استمرار انقطاع التيار الكهربائي مما كبد المصانع خسائر وصلت إلي عشرات الملايين من الجنيهات, وذلك نتج عنه توقف بعض المصانع وغلقها وتسريح العمالة بها. وأكد فرج عامر أن هيئة التنمية الصناعية التابعة لوزارة الصناعة تشترط بناءا المصانع علي مساحة 70%, بينما يشترط جهاز برج العرب التابع لوزارة الاسكان البناء علي مساحة 60% مما يضع المستثمر في مأذق عند التقدم للحصول علي رخص التشغيل, وكذلك خطوات السجل الصناعي للحصول عليه تستغرق حوالي ستة أشهر, حيث تتم مراجعة اجراءات الترخيص لكل مصنع رغم إنشائه منذ سنوات وقيامه بالتصدير وحصول منتجاته علي شهادة الجودة العالمية, وقال أن زيادة عدد مستندات السجل تعوق رخص التشغيل وتوقف خطوط الانتاج, ورغم ذلك كله تمنح رخص التشغيل مؤقتة, وأشار إلي أنه عند تعثر مشروع صناعي قائم ومنتج ويريد صاحبه التنازل لمستثمر آخر منعا لتوقفه وطرد العاملين تطلب هيئة التنمية الصناعية رسوم تنازل باهظة, بالاضافة إلي بيع أراض صناعية وإقامة مخازن عليها, وأن موافقة الهيئة لاستيراد مواد خطيرة تدخل في الصناعات الكيماوية المتنوعة تستغرق وقتا طويلا مما يتسبب في فرض رسوم أرضيات عالية علي المستورد تنعكس علي تكلفة الانتاج, وأضاف أن القطار السريع الذي تم تشغيله منذ شهرين مشروع وهمي يسير بسرعة السلحفاة, حيث يقطع المسافة ما بين برج العرب والاسكندرية في ساعتين, ومن المفترض ألا تتجاوز 40 دقيقة رغم تكلفته التي وصلت إلي مليار جنيه. ويقول المهندس فرج عامر إنه منذ اسبوعين صدر قرار من وزير الاسكان والمرافق وهيئة المجتمعات العمرانية بإلغاء التخصيص وسحب أرض نادي سموحة بالمدينة التي تصل مساحته إلي 207 فدادين, مع انه تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولي من النادي والانشاءات التي تكلفت 62 مليون جنيه, واشترك به نحو 22 ألف عضو من المستثمرين والعاملين بمدينة برج العرب لوجود ملاعب وقاعات وحمامات. سباحة وغيرها من العوامل التي تعد عنصرا فعالا في عمليات التوطين بالمدينة وأن هذا الأمر خلق احباطا ويأسا شديدين للسكان والعاملين ورجال الصناعة موضحا انه بصفته رئيسا للنادي ولجمعية المستثمرين أرسل عددا من المذكرات لوزير الاسكان وكذلك رئيس مجلس الوزراء متظلما من قرار الغاء التخصيص ولكنه يبدو أن الأمور تسير نحو طريق مسدود. تدمير الصناعة الوطنية ويقول الدكتور ابراهيم أبو الخير صاحب مجموعة مصانع تعمل في مجال الأدوية, انه تم انشاء تشغيل أول مصنع عام 2002 بالمنطقة الصناعية الرابعة ببرج العرب لانتاج محاليل الغسيل الكلوي الصناعي الذي أثبت جودته بالسوقين المحلية والعربية, وبعد استحواذ المنتج علي السوقين تقرر انشاء مصنع آخر لانتاج الخامات الدوائية التي تستخدم في محاليل الغسيل الكلوي بخامات محلية بدلا من المستورد, مما أدي إلي خفض تكلفة الانتاج إلي نسبة 35% وجعلنا نسرع أيضا في انشاء مصنع ثالث لإنتاج أدوات ومستلزمات تعبئة مصنع التحاليل والأدوية وكان أيضا له الأثر الكبير في خفض تكلفة الانتاج وخفض سعر المحاليل الي50% مقارنة بالمنتج الأجنبي, مما شجعنا علي التوسع في خطوط الانتاج لتلبية احتياجات الأسواق الخارجية بعد الاكتفاء الذاتي للسوق المحلية ولكن صدرت قرارات تبث فيما بعد انها عشوائية غير قانونية وصلت إلي غلق بعض المصانع بدعوي مخالفة اشتراطات التصنيع الجيد, وهنا تدخلت الدكتورة محاسن بدران مديرة مصنع لانتاج محاليل غسيل الكلي الصناعي قائلة إن مافيا سماسرة الدواء بوزارة الصحة تجاهلوا القوانين ليغلظوا العديد من مصانع الأدوية المصرية الذين ليس من سلطاتهم قرارات الغلق, حيث أن القانون 113 لسنة 62 أعطي حق الغلق فقط لوزارة الصناعة وليس الصحة, موضحة أن فلول النظام السابق المسيطرين علي وزارة الصحة أخفوا ثلاثة مطابقات للعينات صادرة نتائجها من الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية لصالح الشركة لتنفيذ قرار الغلق غير القانوني, وطالبنا المسئولين المعنيين بالتحقيق في هذه الواقعة خاصة أنه لدينا الأصول والمستندات التي تثبت الحقيقة, مؤكدة أن تعنت وجبروت المفسدين بوزارة الصحة جعلتهم يصدرون قرار غلق للمصانع دون أي سند من القانون. هروب المستثمرين ويؤكد الدكتور طارق جاد عضو اتحاد المستثمرين أن التكلفة العالية توصيل المرافق والخدمات لمصانع المدينة تقف حائلا أمام تنفيذ الكثير من المشروعات وتؤدي الي هروب المستثمرين, ضاربا مثالا بالكهرباء رغم انقاطعها المستمر ترتفع تكاليف توصيلها, وكذلك ارتفاع اسعار المياه مع اضافة 50% من قيمة الاستهلاك للصرف الصحي, وطالب جاد بالحد من التشريعات الضريبية الباهضة التي يتحملها المستثمرون وخفض قيمة الغرامات وأسعار الفائدة المستحقة علي القروض الصناعية وتطوير الخدمات المالية والسياسات البنكية التي أفسدها النظام السابق وذلك من خلال وضع قواعد محددة لأغراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة خاصة ان معظمها يمتلكها الشباب من المستثمرين وغيرها من المشكلات التي تواجه صناعة برج العرب. فساد إداري عدد كبير من الشباب ضحايا القرارات الارتجالية. أكدوا أنهم في عام 2005 حصلوا علي تخصيص 48 قطعة أرض من هيئة التنمية الصناعية بالمدينة ضمن مشروعات الشباب للصناعات الصغيرة بسعر المتر 50 جنيها تسدد علي ثلاث سنوات بعد سداد 25% من اجمالي القيمة لانشاء مشروعات صغيرة عليها, وبعد سدادهم الأقساط الأخيرة تقدم بعضهم لجهاز مدينة برج العرب لاستخراج تراخيص بالأعمال الانشائية ولكن الجهاز اشترط موافقة هيئة التنمية الصناعية التي أفادتهم بالغاء التخصيص لأن الجهاز أرسل إليهم بأن الأرض خالية من الانشاءات, مما يعتبر اثباتا لعدم الجدية وذلك مخالف للواقع والمستندات حيث إن الجهاز في 25/6/2009 اصدر قرارات بازالة الأعمال التي تم انشاؤها وهي عبارة عن اساسات وأعمدة بما يوازي تنفيذ 40% من المنشآت وليس 5% لاثبات الجدية موضحين أن المشكلة ليس لهم يد فيها وأنما تكمن في تضارب القرارات الصادرة من الهيئة والجهاز.