وظيفة جديدة أم دعوة لتوعية الطلاب؟ حقيقة تعيين الفنان سامح حسين بجامعة حلوان    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    عيار 21 يسجل 5650 جنيهًا.. انخفاض ملحوظ في أسعار الذهب بمصر اليوم الثلاثاء    سعر صرف الدولار في البنوك المصرية ببداية تعاملات الثلاثاء    2 ديسمبر 2025.. استقرار أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    طن عز بكام ؟ اسعار الحديد اليوم 2ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    الاحتلال يقيم بؤرة استيطانية جديدة ببلدة مخماس في القدس المحتلة    الذئب الصيني المقاتل مفاجأة معرض إيديكس الدولي للصناعات الدفاعية 2025 (فيديو)    الاحتلال يمنع طواقم الهلال الأحمر من الوصول لأحد المصابين شمال رام الله    واشنطن لا ترى ضرورة لحضور روبيو اجتماع وزراء خارجية الناتو    وسط موجة من عمليات الخطف الجماعى.. استقالة وزير الدفاع النيجيرى    رغم دعوات ترامب للتهدئة.. توغل إسرائيلي بريف القنيطرة السورية    موعد مباراة المغرب وجزر القمر في كأس العرب والقنوات الناقلة    منتخب كأس العرب ومهمة لمرموش.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    الحالة المرورية اليوم في محاور وطرق القاهرة والجيزة    الأمطار تتواصل على السواحل الشمالية.. والحرارة فى القاهرة 18 درجة    المطاردة الأخيرة.. الداخلية تنهى أسطورة بؤر السلاح والمخدرات.. مقتل 4 عناصر شديدة الخطورة.. استشهاد شرطى وإصابة ضابط فى ليلة الرصاص.. تحريز ترسانة مخدرات بقيمة 91 مليون جنيه.. صور    تراجع أسعار الذهب مع جني المستثمرين للأرباح    الليلة .. منتخب مصر الثاني يستهل مشواره في كأس العرب بمواجهة الكويت    من أوجاع الحرب إلى أفراح كأس العرب.. فلسطين تنتصر وغزة تحتفل.. فيديو    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    وزير الخارجية يثني على العلاقات المتميزة بين مصر وألمانيا بمختلف المجالات    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    "إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    بنصف مليار دولار وإلغاء أكثر من 18% من الوظائف، جوتيريش يقترح خفض ميزانية الأمم المتحدة    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    خمسة لطفلك | ملابس الشتاء.. حماية أم خطر خفي يهدد أطفالنا؟    تعيين رئيس لجنة اللقاحات في منصب جديد بوزارة الصحة الأمريكية    مصرع طفلين في حريق شقة بطنطا بعد اختناقهم بالدخان    شيري عادل تكشف كواليس تعاونها مع أحمد الفيشاوي في فيلم حين يكتب الحب    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    حرب الوعي.. كيف يواجه المجتمع فوضى الشائعات الصحية على السوشيال ميديا؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الثلاثاء 2 ديسمبر    ثقّف نفسك | أهمية مشاركتك في الانتخابات البرلمانية من الجانب المجتمعي والوطني والشرعي    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    أتوبيس يسير عكس الاتجاه يتسبب في مأساة.. إصابة 12 في تصادم مروع بطريق بنها– المنصورة    سيد منير حكما لمباراة كهرباء الإسماعيلية وبيراميدز المؤجلة بالدورى    مدرب منتخب الناشئين: مندوب برشلونة فاوض حمزة عبد الكريم.. واكتشفنا 9 لاعبين تم تسنينهم    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    شاهد، مكالمة الشرع ل بعثة منتخب سوريا بعد الفوز على تونس بكأس العرب    أمن الغربية يحبط عملية نصب بتمثال آثار مزيف ويضبط تشكيلا عصابيا بالمحلة    بيان جديد من المدرسة الدولية صاحبة واقعة اتهام عامل بالتعدي على تلاميذ KG1    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم التالي للثورة
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 10 - 2011

هناك إجماع بين الباحثين علي أن يوم وقوع أي ثورة عادة ما يسجل باعتباره يمثل قطيعة تاريخية مهمة بين نظام سياسي قديم أسقطته الثورة‏,‏ ونظام سياسي جديد يندفع الثوار لإقامته علي أنقاض النظام القديم‏,‏ لتحقيق الأهداف العليا للثورة وهي بالنسبة لثورة52 يناير الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية, والحفاظ علي الكرامة الإنسانية. وهذه الأهداف تعد في الواقع نقيض السياسات المنحرفة التي سادت في مصر في ظل حكم الرئيس السابق حسني مبارك. فقد سادت ظواهر القمع وصودرت الحريات السياسية, وتم تمكين الحزب الوطني الديمقراطي, وهو الحزب الرسمي للنظام لكي يحتكر العمل السياسي, في سياق همشت فيه الأحزاب السياسية المعارضة, وضيق فيه الخناق علي مؤسسات المجتمع المدني الذي برزت فيه المؤسسات الحقوقية التي دافعت بجسارة عن حقوق الإنسان.
باختصار صودرت الحرية السياسية ومورست تعددية سياسية شكلية في ضوء التزوير المنهجي للانتخابات البرلمانية والرئاسية علي السواء, وكان أبرزها التزوير الفاضح لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة, الذي أقصيت من عضويته كل الأحزاب المعارضة, وجميع الرموز السياسية المستقلة التي قامت بدورها في نقد سياسات النظام القديم.
أما العدالة الاجتماعية, وهو الشعاز الثاني للثورة, فهي نقيض الظلم الاجتماعي الفادح الذي لحق بالغالبية العظمي من المصريين, نتيجة احتكار القلة من أهل الحكم ورجال الأعمال الفاسدين للسلطة والثروة معا.
ولاشك أن الحفاظ علي الكرامة الإنسانية هدف يسعي إليه كل مجتمع متقدم, غير أن أهميتها أنها كانت ردا مباشرا علي الخرق المتكرر لحقوق الإنسان في ظل النظام القديم, وما ساد فيه من الاعتقالات غير القانونية وممارسة التعذيب ضد المتهمين.
في يوم52 يناير الذي أشعل فيه شباب الثورة من مواقعهم في الفيس بوك نيران الغضب الشعبي في صورة مظاهرة احتجاجية واسعة المدي في ميدان التحرير, سرعان ما التحمت بها مئات الألوف من أبناء الشعب من مختلف الطبقات والأعمار, مسلمين وأقباطا علي السواء, وهكذا تحولت إلي ثورة شعبية استطاعت برفع شعارها الشهير الشعب يريد إسقاط النظام أن تسقط النظام فعلا, وأن تجبر الرئيس السابق علي التخلي عن الحكم.
ثم جاء اليوم التالي للثورة والذي لا يقل أهمية عن يوم الثورة نفسه, فماذا حدث؟
تستحق الإجابة علي هذا السؤال تحليلات مطولة للأحداث التي تلت الثورة, وأهمها علي الإطلاق مؤامرة فتح أبواب السجون لكي ينطلق منها المساجين وأغلبهم مجرمون خطرون لكي ينضموا كما حدث بالفعل إلي جماعات البلطجية, الذين سبق للنظام القديم أن استخدمها في تزوير الانتخابات وفي قمع المعارضين.
وإذا أضفنا إلي ذلك ما تلا هذه الأحداث من انفلات أمني واسع المدي, بحكم انسحاب الشرطة وتوقفها عن أداء أعمالها, لأدركنا المخاطر العظمي التي أحاطت بجموع المواطنين نتيجة غياب الأمن, مما دعاهم إلي المبادرة بتكوين لجان شعبية للدفاع الذاتي. غير أن الانفلات الأمني كان مجرد مفردة مهمة في الأحداث التي تلت وقوع الثورة, غير أن أخطر منها هو الصراع السياسي العنيف الذي دار بين قوي سياسية معارضة تقليدية التحقت علي الفور بقطار الثورة, بالرغم من أنها بوغتت بها, وقوي سياسية دينية بعضها له تاريخ قديم وأبرزها علي الإطلاق الإخوان المسلمين, والبعض الآخر ظواهر طفت فجأة علي سطح المجتمع, وأبرزها جماعات السلفيين. كل هذه القوي دخلت في صراع غير متكافئ مع شباب الثورة التي لم يكن لها قيادة, مما أضعف قدرتهم علي الوحدة, وأدي ذلك إلي تشرذمهم سياسيا بعد أن تشكلت منهم أكثر من مائة وخمسين ائتلافا ثوريا.
هذا الصراع السياسي المحتدم والذي دار في ظل إدارة المجلس الأعلي للقوات المسلحة, وفي سياق تشكلت فيه وزارة عصام شرف لتسيير الأمور, أدي بالإضافة للانشغال الشديد بمحاكمة رموز النظام القديم, إلي الانغماس في مشكلات الحاضر بغير تفكير متعمق في الرؤية الاستراتيجية للمجتمع المصري, أي أن الماضي والحاضر الذي يركز الآن علي الانتخابات البرلمانية, كان علي حساب رسم صورة المستقبل. في اليوم التالي للثورة, حدث انفجار سياسي مؤشراته اندفاع مئات الألوف من المصريين للاهتمام الشديد بالسياسة, خصوصا فيما يتعلق بعملية إصدار القرار.
ويشهد علي ذلك المظاهرات المليونية التي تعددت وأطلقت عليها أسماء مختلفة, وتكررت إلي أن أصبحت عبئا في الواقع علي المسيرة الوطنية التي تهدف إلي الانتقال من الديكتاتورية إلي الديمقراطية.
وهذا الانفجار السياسي يعد من الثمار الإيجابية لثورة52 يناير, لأنه نقل ملايين المصريين من اللامبالاة السياسية إلي الرغبة العارمة في الاهتمام بالسياسة, حتي ولو كان في التعبير عنها تجاوزات متعددة, بعضها يمثل خطورة علي الأمن الاجتماعي.
إلا أنه من السلبيات الخطيرة التي برزت في اليوم التالي للثورة الانفجار الاجتماعي, والذي تمثل في صور متعددة من الفوضي السلوكية تمثلت في إضرابات واحتجاجات غوغائية, حدث فيها العدوان علي بعض رؤساء الشركات والمديرين في المصالح الحكومية بحجة المطالبة بحقوق مهدرة.
وإذا كانت المطالبة بهذه الحقوق مسألة مشروعة, فإن طريقة التعبير عنها والتي برزت فيها حوادث عنف تعد من أبرز السلبيات التي ظهرت في اليوم التالي للثورة.
وفي هذا المجال, نسوق عدة نماذج من الخروج علي القانون والشرعية, بل وخرق قواعد التراتبية الوظيفية والاعتداء علي القيم والأعراف المرعية في مجال العمل.
نشرت الصحف أخيرا أن عمال هيئة الاتصالات حاصروا رئيس الهيئة والذي كان في زيارة تفقدية لسنترال الأوبرا وحبسوه لمدة71 ساعة مستمرة في حجرة, وأغلقوا عليه الباب ومنعوا خروجه وسدوا الباب بأجسادهم لمنع قوات الأمن من تحريره!
هل هذا السلوك ينتمي للثورة أم ينتمي للفوضي التي ليس لها حدود؟
ونموذج آخر يتمثل في إضراب أساتذة جامعة الإسكندرية والذي كان يهدف إلي إقالة كل العمداء الذين عينوا في عهد النظام السابق, وكذلك رئيسة الجامعة. وهددوا بالاعتصام في الطرقات, بل وبعضهم شرع في نصب الخيام للضغط علي وزارة التعليم العالي.
هل هذا سلوك يليق بأساتذة جامعيين من مهامهم تربية الطلاب علي احترام القانون واتباع الوسائل الشرعية للاحتجاج؟
هذه مجرد نماذج قليلة من حوادث الفوضي العارمة التي سادت في اليوم التالي للثورة, وأبرزها قطع الطرق والامتناع عن العمل ورفع مطالب يستحيل تنفيذها في الأجل القصير.
من هنا أهمية التفرقة بين اليوم التاريخي لوقوع الثورة وما دار فيه من معارك تحررية كبري للقضاء علي النظام المستبد السابق, مما جعل ميدان التحرير أيقونة ثورية علي مستوي العالم, وبين اليوم التالي للثورة والواقع أن ثورة52 يناير تواجه في الوقت الراهن تحديات عظمي أبرزها الصراع السياسي العقيم والفوضي الاجتماعية العارمة.
ليس هناك حل سوي وحدة قوي شباب الثورة وانتظامهم في جبهة واحدة ذات قيادة بارزة, حتي يمكن تحقيق الأهداف العليا لثورة52 يناير المجيدة!
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.