عندما وقف الرئيس الراحل أنور السادات مخاطبا شعب مصر مساء يوم28 سبتمبر1973 بمناسبة الذكري الثالثة لرحيل الرئيس جمال عبد الناصر ومعلنا العفو عن جميع المعارضين السياسيين وعودة الصحفيين المبعدين إلي مؤسساتهم كانت عجلة التحضير النهائي لحرب أكتوبر قد بدأت دورانها في مركز عمليات القوات المسلحة المعروف باسم المركز رقم10 من خلال متابعة مجريات مناورة عسكرية كبري كان الهدف منها إعطاء رسالة لإسرائيل بأن المسألة مجرد مناورة روتينية في الخريف لا تختلف كثيرا عن مناورة الربيع التي أجرتها القوات المصرية في شهر مارس1973 وظنتها إسرائيل بوادر حرب تستدعي إعلان التعبئة العامة مما كلفها نحو35 مليون دولار!. وصحيح أن أحدا في المركز رقم10 لم يكن لديه أي علم بموعد نشوب الحرب لكن كان هناك إحساس بأن الساعة قد أزفت وأن المسألة لن تتعدي عدة أسابيع أو عدة أشهر علي الأكثر حيث إن الأمر بات مرهونا فقط بقرار سياسي يخضع لحسابات دقيقة ومعقدة داخليا وعربيا ودوليا. والحقيقة أن نقطة الارتكاز الرئيسية التي شجعت الرئيس السادات علي أن يتخذ قرار الحرب بعد اتفاق القيادتين العسكريتين في كل من مصر وسوريا علي حل وسط لإشكالية التوقيت الملائم للجبهتين في آن واحد هو اطمئنان السادات إلي أن القوات المصرية المسلحة قد أكملت استعداداتها ورتبت كل أوضاعها وانتهت من تحديد توقيتاتها علي ضوء القدرات والإمكانيات المتاحة!. كان الرئيس السادات قد أجري سلسلة لقاءات فردية وثنائية مع معظم قادة القوات المسلحة علي مدي الأشهر الثلاثة الأخيرة قبل موعد ساعة الصفر طبقا لأجندة مواعيد بهذه اللقاءات أعدها اللواء عبد الرءوف رضا السكرتير العسكري للرئيس والذي كان قد انتدب لهذه المهمة مطلع عام1973 من موقعه الأساسي في فرع المعلومات بإدارة المخابرات الحربية... واستخلص السادات من هذه اللقاءات أن هناك نداءا عارما يسري في جنبات القوات المسلحة يطلب ويضغط ويلح علي سرعة التحرك والانتقال من أوضاع السكون التي فرضت نفسها علي جبهة القتال منذ8 أغسطس1970 طبقا لترتيبات وقف إطلاق النار التي نجحت مصر في الساعات الأخيرة التي سبقتها في تحريك حائط صواريخ الدفاع الجوي إلي قرب حافة القناة وبما يضمن تأمين قوات العبور من خطر الضربات الجوية الإسرائيلية عندما تحين ساعة الصفر. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: في سباق الحياة يتقدم الأكثر جرأة... والمتردد يأتي في المؤخرة! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله