رئيس جامعة العريش يهنئ ببدء العام الدراسي الجديد    فتح باب تعديل الترشيح أمام الطلاب الجدد بجامعة الأزهر    المهن الطبية: قانون المسؤولية الطبية بداية عهد جديد لحماية الطبيب والمريض معًا    حصاد وزارة العمل خلال أسبوع    عاجل.. الذهب يستقر مع ترقب مؤشرات حول مسار الفائدة الأمريكية    الطب البيطرى بالإسماعيلية: تكثيف التفتيش على الصيدليات ومواصلة التحصين ضد الحمى القلاعية    بالصور- جولة مفاجئة لمحافظ أسوان.. غرامة فورية على تجاوزات وسط المدينة    نيبينزيا: روسيا لا ترى سببًا لتمديد عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران    محمد الدويري: ما قيل عن مبارك ظلم فادح ودعمه للقضية الفلسطينية "في ميزان حسناته"    الزمالك يقترب من استعادة لاعبه قبل لقاء الجونة    وزير الشباب والرياضة يُطلق رسميًا "اتحاد شباب يدير شباب (YLY)" بحضور 2000 شاب وفتاة    منتخب مصر لشباب الطائرة يتأهل إلى نهائي البطولة الأفريقية بعد الفوز على كينيا    عدسة الفجر ترصد في تقرير مصور.. إغلاق شواطئ الإسكندرية ورفع الرايات الحمراء    كبير الأثريين يُعلن مفاجأة بشأن إسورة المتحف المصري(فيديو)    شاومي تصعد المنافسة مع أبل بسلسلة 17 الجديدة وكاميرات متطورة.. تفاصيل    تامر حسني يشعل أجواء البحرين الليلة بحفل استثنائي على مسرح الدانة    ياسمين عبد العزيز تبكي خشوعًا أثناء أداء مناسك العمرة وتُشعل تفاعل الجمهور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعه 19سبتمبر2025 في المنيا    كشف طبي بالمجان على 1968 مواطنا في قافلة طبية بدمياط    «الصحة» تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع «التعليم والأزهر»    القاهرة الإخبارية: نتنياهو أمر الجيش بهدم مدينة غزة حتى جذورها    غرق شاب في بوغاز رشيد وجهود مكثفة لانتشال جثمانه بكفر الشيخ    وزير المالية الألماني: برلين تتابع أزمة الديون الفرنسية بقلق    الدعم السريع يقتل 75 مصليا داخل مسجد بالفاشر"فيديو"    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    5 أعراض تكشف عن وجود مشكلات في النظر    لم يُنزّل من السماء كتاب أهدى منه.. إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها    افتتاح مسجد الرحمن في بني سويف بعد إحلاله وتجديده بالجهود الذاتية    وزير الدفاع الإسرائيلي ل زعيم الحوثيين: سيأتي دورك    تقرير برتغالي: فيتوريا قد يعود لمصر من بوابة الأهلي    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    وفاة شقيقة الفنان أحمد صيام    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    نتنياهو: نوجه لحماس ضربات قوية ولن نتوقف    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    خطيب المسجد الحرام يدعو للتحصّن بالقرآن والسنة: قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    بدء اجتماعات مصرية كورية لإنشاء مركز محاكاة متكامل للتدريب وإدارة المخلفات    اليوم.. استئناف الجولة الخامسة بدوري المحترفين    صورة جديدة للزعيم عادل إمام تشعل السوشيال ميديا    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    تعليم القاهرة: انتهاء كافة الترتيبات لاستقبال 2.596.355 طالبا وطالبة بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    الداخلية توضح حقيقة فيديو ادعاء اختطاف طفل بالقاهرة: مجرد تصادم بين سيارتين    كومبانى: هوفنهايم منافس خطير.. لكننا فى حالة جيدة    مجدي عبدالغني: لن أترشح لانتخابات الأهلي أمام الخطيب    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ ويوجه بإصلاحات عاجلة    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    عمرو يوسف: مؤلف «درويش» عرض عليّ الفكرة ليعطيها لممثل آخر فتمسكت بها    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    رحيل أحمد سامى وخصم 10%من عقود اللاعبين وإيقاف المستحقات فى الاتحاد السكندري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرطة والشعب‏...‏ إلي أين؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 10 - 2011

بعد أن هدأ غبار المواجهات العنيفة التي صاحبت الأيام الأولي لثورة يناير‏,‏ بدا للبعض صعوبة وضع الضحايا جميعا في سلة واحدة‏,‏ وبدأت اجتهادات التمييز دنيويا بين الشهداء والقتلي‏, وفي ظل تضخيم الإعلام و تركيزه علي ما ارتكبه رجال الشرطة من تجاوزات وانتهاكات في ظل النظام السابق, ومحاولة رجال الشرطة نفي تلك التهمة عنهم.
ومضي كل طرف بعيدا في الدفاع عما رآه جديرا بتحسين صورته: بدا للمدافعين عن الثورة أن عليهم الإصرار علي إسباغ صفة الثائر علي كل من فقد حياته أو أصيب خلال أيام الثورة, وأن عليهم كذلك عدم التوقف طويلا أمام الضباط ورجال الشرطة الذين تفحمت أجسامهم في الأقسام أو الذين نالتهم رصاصات من هاجموا السجون, وفي المقابل راح المدافعون عن صورة الشرطة يبذلون جهدا مضنيا في التنقيب عن سجلات الشهداء والجرحي ليؤكدوا بالوثائق أن غالبيتهم العظمي إن لم يكونوا جميعا من أصحاب السوابق والمسجلين خطر, وغضوا الطرف عن الثوار الذين سقطوا بالرصاص أو فقدوا أبصارهم خلال مواجهتهم للشرطة.
لقد سعي الطرفان لإنكار جزء من الحقيقة بدا لهم يقلل من شأنهم, وجدنا أنفسنا حيال صورتين ذهنيتين متناقضتين:
الصورة الأولي:رجال الشرطة لم يوجهوا نيرانهم إلا إلي الثوار المسالمين الأبرياء فأسقطوا منهم الشهداء.
الصورة المقابلة: لقد قدم رجال الشرطة الأبطال حياتهم خلال مواجهتهم لجحافل مثيري الشغب من المجرمين والمسجلين خطر.
وكلتا الصورتين شأن مختلف الصور الذهنية لاتطابق الواقع حرفيا كما أنها لاتخلو منه تماما, فقد شهدت أيام ثورة يناير سقوط العديد من الضحايا و الجرحي, منهم من تم قتلهم وإصابتهم من الثوار المتظاهرين والمعتصمين, ومنهم من لقي مصرعه خلال مشاركته في الهجوم علي السجون وأقسام الشرطة والمؤسسات الحكومية, ومنهم ضباط أصيبوا ولقوا مصرعهم وهم يدافعون عن السجون وأقسام الشرطة والمؤسسات الحكومية ويطلقون النار علي المهاجمين. من الضحايا من هاجم بنية السرقة والنهب, ومن تظاهر واعتصم سعيا لتحقيق الكرامة والعدل الاجتماعي. من الضحايا مجاهدون وضباط ومسجلون خطر.
إن تصدر هاتين الصورتين الذهنيتين للمشهد تضعنا حيال مواجهة بين من يؤيدون الثورة ومن ثم يحتفون بمن سقطوا من أبنائنا برصاص وهراوات الشرطة, في مقابل من يفتقدون الاحتفاء بأبنائهم ممن قتلتهم الحجارة وقنابل المولوتوف وهم يؤدون واجبهم في الدفاع عن السجون وأقسام الشرطة. ويبدو الأمر كما لو كنا حيال مجموعتين تقاتلتا ومن ثم فدماء كل فريق في رقبة الفريق الآخر.
وكان طبيعيا والأمر كذلك أن يتصاعد الموقف من خلال التركيز الإعلامي علي سلبيات الشرطة, وانصراف الأضواء سريعا عن أي أداء شرطي ملتزم حتي ولو قدم الشرطي حياته في سبيل ذلك, بل وعن أي تضامن شعبي مع الشرطة في مواجهة المجرمين والبلطجية وتجار السلاح, ويتزايد إحساس رجال الشرطة بالمهانة مما يدفعهم إما إلي رد فوري مندفع أو إلي عزوف انتقامي عن أداء واجباتهم أو إلي غير ذلك من آليات التعبير عن الإحساس بالمهانة, وجميعها تؤدي إلي زيادة تدعيم الصورة الذهنية السلبية للشرطة وأيضا إلي تدعيم إحساسهم بالظلم.
وفي حقيقة الأمر, فإن كلا الطرفين الجمهور ورجال الشرطة خضعا لسنوات طوال لنظام رسخ بينهما العداء. كان رجال الشرطة يتلقون الإهانات من المشاهير وأصحاب النفوذ عبر سنوات طوال علي مرأي ومسمع من الجمهور: إننا نذكر تلك الصفعة التي تلقاها أحد رجال الشرطة من راقصة كانت مشهورة آنذاك, ونذكر أيضا كيف أن واحدة من الأميرات العربيات أطلقت كلابها وحراسها لتحول دون رجال الشرطة والتدخل للتحقيق في شكوي تتعلق بسوء معاملتها لبعض العاملين لديها من المصريين, وكيف تمت تسوية تلك الأمور بهدوء لايتناسب مع حجم الإهانة, بل إننا جميعا حتي قبيل ثورة يناير كنا نشهد إهانة متكررة يتلقاها في صمت ضابط المرور حين يوقف سيارة مخالفة فيخرج له صاحبها هويته أو يتصل بواحد من معارفه من علية القوم فتؤدي له التحية ويقدم الاعتذار ولاينفذ القانون, ونشهد في نفس الوقت مطاردة رجال الشرطة للباعة الجائلين وتدمير بضائعهم حيث لاسبيل سوي التنفيذ الصارم للقانون.
لقد نسي الطرفان أنهما من نسيج واحد, وأنهما كانا علي حد سواء لا يلقيان ما يستحقانه من احترام, وأن ما بينهما من عداء إنما فرضته طيلة عقود طبيعة الدور الذي أسنده نظام الحكم إلي رجال الشرطة وأجهزتها: أن يتقبلوا إهانة الكبار صاغرين, وأن يطبقوا القانون بصرامة قد تصل إلي حد التجاوز علي الفقراء والبسطاء, أن يقوموا بمهمة إحكام القبضة السياسية للنظام بما يتضمنه ذلك من مواجهة للاحتجاجات السياسية وضلوع في تزوير الانتخابات.
خلاصة القول
إننا لانضيف جديدا إذا ما أكدنا حقيقة أن الحاكم هو المسئول الأول عن إدارة العلاقات بين أبناء الوطن, فإذا ما قام نظام الحكم علي الوقيعة بين هؤلاء الأبناء, وأدار البلاد بحيث وضع الشرطة في مواجهة الشعب, فإن دماء ضحايانا جميعا تقع علي عاتقه, دون أن يعني ذلك بطبيعة الحال تبرئة لفرد أو أفراد أجرموا, كما أنه لايعني إدانة لمن أدي واجبه.
المزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.