جواسيس يرتدون ثياب الوطنية(4) في3 فبراير عام1961 غادر إيلي كوهين إسرائيل متوجها إلي زيورخ في سويسرا ومنها حجز تذكرة سفر إلي سنتياجو عاصمة تشيلي حاملا جواز سفر مزور باسم كامل أمين ثابت ولكنه تخلف- عن عمد- في بيونس إيرس عاصمة الأرجنتين حيث كانت هناك تسهيلات معدة سلفا بواسطة عملاء جهاز الموساد الإسرائيلي لكي يدخل الأرجنتين دون تدقيق في شخصيته. ولمدة عام كامل بذل إيلي كوهين جهدا جبارا لكي يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري مسلم الديانة ليكتسب بذلك وضعا متميزا لدي الجالية العربية في بيونس إيرس باعتباره قوميا سوريا شديد الحماس لوطنه الأصلي وأصبح شخصية مرموقة في كل الاحتفاليات والندوات التي تقيمها سائر الجاليات العربية في الأرجنتين. ولكي يعزز من مكانته ومن ثقة الجاليات العربية به بادر بالتبرع بمبلغ كبير مايوازي نصف مليون دولار من أجل تدعيم الصحيفة التي تصدر باللغة العربية في الأرجنتين مما جعل من أخباره ونشاطاته محل اهتمام يومي من الجريدة وبالتالي من قرائها وبينهم رجال السلك الدبلوماسي العربي هناك. وقد هيأت له هذه المكانة الاجتماعية البازغة فرصة إقامة صداقات وطيدة مع الدبلوماسيين السوريين وفي مقدمتهم الملحق العسكري العقيد أمين الحافظ الذي كان قد أبعد عن دمشق بسبب ميوله البعثية الحادة التي لم تكن علي هوي النظام السوري في ذلك الحين ثم أصبح بعد ذلك رئيسا لسوريا إثر انقلاب عسكري قاده حزب البعث عام.1963 وخلال مآدب الغذاء والعشاء الفاخرة التي اعتاد كوهين إقامتها في كل مناسبة وغير مناسبة كان حريصا علي أن يكون الدبلوماسيون السوريون علي رأس قائمة المدعوين لكي يكرر علي مسامعهم عمق حنينه إلي الوطن الحبيب ورغبته في زيارة دمشق... ولهذا لم يكن غريبا أنه عندما توجه إلي دمشق لأول مرة في يناير1962 كان مزودا بكم هائل من التوصيات الرسمية وغير الرسمية لأكبر عدد من الشخصيات النافذة في سوريا... وبالطبع لم يفت كوهين أن يمر علي تل أبيب قبل وصوله إلي دمشق رغم أن ذلك استوجب منه القيام بدورة واسعة بين عواصم أوروبا قبل أن يهبط في مطار دمشق وسط هالة من الترحيب والاحتفاء. ولم يكن مستغربا وسط هذا الجو الاحتفالي أن يعلن رجل الأعمال الكبير كامل أمين ثابت- العائد إلي وطنه المزعوم- أنه قرر البقاء في دمشق إلي الأبد وأنه سيصفي جميع أعماله في الأرجنتين لكي يعيد استثمارها في بلده الحبيب سوريا. وغدا نواصل الحديث. خير الكلام: أهم عناوين رجل الدولة الناجح.. عدم الرغبة في تملك الأشياء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله