جواسيس يرتدون ثياب الوطنية(2) هذا الجاسوس الإسرائيلي الذي فرض نفسه علي جولات التفاوض الإسرائيلية السورية طوال النصف الثاني من حقبة التسعينيات حيث استماتت إسرائيل في طلب استعادة رفاته من سوريا. كان شيئا أشبه بالأسطورة في الدولة العبرية التي قامت في أساس وجودها علي الأساطير. إن اليهودي إيلي كوهين الذي صنعت منه إسرائيل رجلا عربيا دمشقيا يحمل اسم كامل أمين ثابت صدرت عنه عشرات الكتب, أهمها كتاب إسرائيلي فرنسي صدر عام1967 تحت عنوان رجلنا في دمشق.. وربما تكون قصته- حسب سطور الكتاب- أقرب إلي قصة البطل المصري رفعت الجمال الذي زرعته المخابرات المصرية منذ منتصف الخمسينيات وحتي منتصف السبعينيات داخل إسرائيل وصنعت منه نجما اقتصاديا بارزا في مجتمع تل أبيب يملك مفاتيح الاتصال مع القيادات السياسية العسكرية الإسرائيلية, ولكن مع فارق مهم هو أن إيلي كوهين سقط وسقطت معه كل أسراره بعد إلقاء القبض عليه في دمشق عام1965, بينما نجح رفعت الجمال في تضليل المخابرات الإسرائيلية حتي رحيله عن الدنيا في أواخر السبعينيات وبقي معه سره مكتوما ومخفيا إلي أن أزاحت المخابرات المصرية بنفسها الستار عن بطولته التي صاغها الروائي العظيم الراحل مرسي صالح في مسلسل رأفت الهجان. وإذا كان رفعت الجمال مواطنا مصريا نجح في مهمته التي قام بها لحساب المخابرات المصرية فإن إيلي كوهين هو أيضا يهودي مصري نجحت المخابرات الإسرائيلية في اصطياده لأداء أخطر مهمة داخل سوريا بعد سنوات من الإعداد والتدريب والإخفاء والتمويه الذي جعل منه في النهاية مواطنا سوريا لا يشك أحد في لهجته أو هويته أو صدق ما يدعيه من حماسة قومية تصل إلي حد المبالغة في إظهار الكراهية العمياء لإسرائيل والدعوة إلي ضرورة إزالتها من الوجود. وربما يكون ضروريا ومفيدا أن نستعرض صفحات من كتاب قرن من الجواسيس الذي يتحدث فيه مؤلفة جيفري ريتسيلسون عن أشهر وأهم عمليات الجاسوسية في القرن العشرين مستندا إلي المعلومات التي توافرت له من خلال عمله كأحد كبار المسئولين عن أرشيف الأمن القومي الأمريكي, حيث يوجد في الكتاب فصل كامل عن قصة الجاسوس إيلي كوهين. وغدا نواصل الحديث. خير الكلام: أكبر خطأ أن تتعامي عن رؤية أخطائك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله