انشغلنا بالوقفات الاحتجاجية والفئوية والإضرابات ووضع قوانين للأحزاب الجديدة وشكل الحياة السياسية فى مصر وقانون الطوارئ، وكيف سننتخب الرئيس المقبل، وانتخابات مجلس الشعب أولا أم الرئاسية أم وضع الدستور، وتركنا القضية الأهم وهى الحالة الأمنية والحفاظ على الثورة، وسرعة محاكمة من تسببوا فيما نحن فيه الآن من فوضى تنتشر فى شوارع المحروسة. فكل يوم منذ قيام الثورة نصطدم بحوادث نزهل منها، وكأننا لم نتوقع حدوثها، فى الوقت الذى من المفترض أن نترقبها ونحذرها ونعد لها، بإحكام الرقابة والسيطرة على الشارع، ليس من المجلس العسكرى فقط ولا الداخلية بل من كل الشعب.. هل سنظل ننظر للأحداث على أنها غلطة وتعدى؟! لنفاجأ بغلطات كثيرة تدخلنا فى فوضى تقضى على كل الطموحات التى بنيناها بعد الثورة، وعلقنا عليها آمال ومستقبل وطن وشعب بكامله، فما من شك أن حالة الضبابية التى نعيشها الآن وراءها تخطيط مشترك، لمصلحة أشخاص وكيانات وسياسات تعمل بكل الحيل والمكر لإثارة الفوضى فى البلد وعدم استقرار الأوضاع. ما يجرى الآن مسرحية هزلية لا يصدقها عقل نعيشها، وكأن الثورة والشهداء والشعب ومصر كلها لعبة فى يد النظام السابق قبل الثورة وبعدها، فما زال الأسلوب القديم قائما ومتبعا لمبدأ "دع الناس يتكلمون بما يريدون وسنفعل نحن ما نريد"، برغم أن الثورة قامت لإسقاط نظام، وليس شخصا بعينه.. إننا نتنازع على كرسى الحكم بين النظام الحالى والنظام الساقط.. برغم أنه بيدنا حلول كثيرة لو التزمنا بها بصدق ويقين تخطينا كل الصعاب المحتمل وضعها أمامنا –وأقول وضعها- أولها القبض على البلطجية الذين يتم استخدامهم فى العمليات المشبوهة، وهذا ليس صعبا على وزارة الداخلية، ففى أقسام الشرطة ولدى الوزارة قوائم بأسماء المسجلين خطر والمشبوهين، ومن السهل حصرهم والإمساك بهم. ثانيها إجراء محاكمة عادلة لقتلة الشهداء وعدم الرأفة بهم فى الحكم، فقد قتلوا عمدا ويتحملون وحدهم وزر ما فعلوا.. ثالثها مساندة الشرطة فى حملتها للقضاء على مظاهر البلطجة وعدم التهاون فى حق من حقوق المواطن أيا كانت صفته.. ورابعها التزام الفرد بسلوكيات وأخلاق ومبادئ الميدان، وأقلها التخلى عن الذاتية و(الأنا)، ووضع مصلحة مصر أولا. وخامسها إزاحة كل رموز النظام السابق من الساحة السياسية والمناصب الرسمية؛ لأنه لا يمكن ترويضهم أو ترضيتهم، فهناك حكمة صينية تقول: "إذا مات السيد فاقتل كلبه؛ لأنه لن يكون وفيا لغير سيده"، وما يحدث الآن من فتن ومحن ومؤمرات منذ بدء الثورة تؤكد ذلك، وأثبتت أن أتباع النظام السابق يقاتلون للحفاظ على ما نهبوه وعلى مصلحتهم خوفا من المحاكمة.. ليتنا نعى أن معرفتنا بهم والسكوت عليهم ذنب لا يغتفر، وأن عدم معرفتنا بهم والبحث عنهم ذنب أعظم. المزيد من مقالات على جاد