26 سبتمبر.. تاريخ اليوم وتاريخ ميلاد شاعر يعد صانع حداثة القرن العشرين, لا في إبداعه الشعري فقط بل ناقدا للشعر أيضا, إنه ت.س.إليوت(1888 1965) المشهور عالميا بالذات بقصيدته الأرض الخراب(1922), التي نال بعدها جائزة نوبل في الآداب. إلا أنني أحب قصيدة له كانت هي التي قدمته إلي عالم الأدب بعد نشرها(1917), تلك هي أغنية حبه ولوعته التي سماها بتحفظه المعهود أغنية حب ج.ألفريد بروفروك, ولكن علي من؟. أحبها أكثر من الأرض الخراب, وإن كنت أحترم الأخيرة وأجلها كما تحترم شيخا وقورا عظيم القدر, لأن أغنية الحب هذه فيها حرارة قلب شاب يقاوم شيخوخة تكاد تقتله, ويخشي, كشاب من نوع خاص يشعر ويفكر أكثر مما يتحرك ويفعل, أن يضيع العمر وهو مازال مترددا في الاعتراف بحبه, خائفا من الرفض والسخرية, راصدا علامات الشيخوخة المبكرة تزحف عليه. ولن أطيل, لأني أريد لك أن تستمتع بالقصيدة بكل دهشتها وطزاجتها, والقصيدة معروفة, بين القراء العرب المثقفين, فقد ترجمت من قبل منذ الستينيات علي ما أعتقد, إلا اني سمحت لنفسي أن أترجمها, لأن ترجمة النص العربية ليست متاحة لدي, وأيضا لأنها متعة.. فقد وجدت نفسي أفهمها أكثر.. وأحيانا تملكني شعور خادع بأنني كاتبها. أغنية حب ج.ألفريد بروفروك لنمض إذن أنا وأنت حين يتمدد الليل علي السماء كمريض مخدر علي طاولة لنمض, خلال شوارع معينة نصف مهجورة خلوات الهمهمات لليال مؤرقة في فنادق الليلة الواحدة الرخيصة ومطاعم محار مفروشة أرضها بنشارة الخشب شوارع تتتابع كجدل فلسفي ممل يحتوي علي مقصد ماكر يأخذك إلي سؤال قهار آه لا تسلني ما هو وهيا نبدأ الزيارة في الحجرة النساء يرحن ويجئن يتحدثن عن مايكل أنجلو الضباب الأصفر الذي يحك ظهره في زجاج النافذة الدخان الأصفر الذي يحك خطمه بزجاج النافذة لعق بلسانه أركان المساء أطال المكوث علي برك البلاعات وتلقي بظهره الهباب الساقط من المداخن انزلق عبر الشرفة, نط فجأة وحين رأي أنها ليلة ناعمة من ليالي أكتوبر لف نفسه حول البيت ونام وبالطبع سيكون هناك وقت للدخان الأصفر الذي ينزلق علي الطريق حاكا ظهره في زجاج النوافذ هناك وقت, هناك وقت لتجهيز وجه نقابل به الوجوه وقت للقتل ووقت للخلق لكل أعمال وأيام الأيدي التي تلتقط وتسقط سؤالا علي طبقك وقت لك ووقت لي وقت إضافي لألف تردد لرؤي ومراجعات بالمئات قبل تناول الشاي والخبز المقمر في الحجرة النساء يرحن ويجئن يتحدثن عن مايكل أنجلو ولسوف يكون هناك وقت لنتساءل: هل أجرؤ؟ وهل أجرؤ؟ وقت للتراجع ونزول السلالم وفي منتصف شعري بقعة صلعاء (سيقولون: كم خف شعره) معطفي الصباحي, الياقة تصعد لذقني في صلابة رباط عنقي, ثري و متواضع, ويؤكده دبوس بسيط (سيقولون: ولكن كم هزلت ذراعاه وساقاه) هل أجرؤ؟ علي إزعاج الكون؟ في دقيقة هناك وقت لقرارات ومراجعات تأتي بنقيضها دقيقة لأنني أعرفها جميعا, أعرفها أعرف الأمسيات, والصباحات, وساعات الأصيل فلقد عايرت حياتي بملاعق الشاي أعرف الأصوات التي تخفت وتموت تحت موسيقي حجرة بعيدة فكيف إذن أجرؤ؟ ولقد عرفت العيون كلها, عرفت العيون العيون التي تثبتك في صياغة محددة وحين أكون محددا, معلقا بمسمار حين أثبت بدبوس وأتلوي علي الحائط كيف إذن أبدأ؟ في بصق أعقاب حياتي وحالاتي؟وهل أجرؤ؟ وكيف إذن أبدأ؟ ولقد عرفت الأذرع, عرفتها كلها أذرع ذات أساور, بيضاء وعارية (لكن في ضوء المصباح بها شعر بني فاتح) هل العطر الفواح من ثوب هو الذي يجعلني هكذا أسهب؟ أذرع راقدة علي المائدة, أو تتدثر بشال وإذن.. هل أجرؤ؟.... هل أقول: لقد مشيت بعد الغروب في شوارع ضيقة وشاهدت الدخان المتصاعد من غلايين رجال وحيدين في قمصان المنزل يطلون من النوافذ؟.. كان يجب أن أكون زوجا من مخالب تهرول علي أرضية بحار صامتة .... والأصيل, والمساء, كم ينام في سلام تهدهده أصابع طويلة نائم.. متعب.. أم متمارض؟, متمدد علي الأرض, هنا, بجوارنا أنا وأنت هل كان علي, بعد الشاي والكعك والمرطبات, أن أستجمع قوتي, وأقود اللحظة عنوة نحو أزمتها؟ لكني رغم بكائي وصيامي, وبكائي وصلاتي ورغم إني رأيت رأسي( وقد أصلع قليلا) محمولا علي صينية لست نبيا.. وهذا ليس يهم, لقد رأيت لحظة عظمتي تتذبذب ثم تنظفئ رأيت الخادم الأبدي يغالب الضحك وهو يمسك لي معطفي باختصار, خفت وهل كان الأمر في النهاية يستحق بعد كل شئ, هل كان الأمر يستحق؟ بعد الفناجين والمربب والشاي وسط الخزف, وسط كلامنا أنا وأنت هل كان الأمر يستحق أن ننطق ونصرح مع ابتسامة أن نحشر الكون في كرة ندحرجها نحو سؤال قهار أن نقول: أنا إليعازر قمت من الموتي قمت لأحكي كل شئ, سوف أحكي كل شئ لو أن واحدة, وهي تسند رأسها الي مخدة, ستقول: ليس هذا ما عنيت إطلاقا إطلاقا ليس هذا ما عنيت وهل كان الأمر بعد كل شئ يستحق؟هل كان يستحق؟ بعد المغارب, والأفنية, والشوارع المبتلة بالرذاذ بعد الروايات, وفناجين الشاي, والفساتين التي تتجرجر وهذا, وأكثر منه كثير محال أن أقول بالضبط ما أعنيه لكن وكأن فانوسا سحريا يعرض خريطة أعصابك علي شاشة هل يستحق الأمر لو قالت واحدة, وهي تضع مخدة, أو تطوح بشال, وتتجه بوجهها ناحية الشباك: ليس هذا أبدا أبدا ليس ما كنت أعنيه لا, لست الأمير هاملت.. ولم أخلق لأكون أنا سيد خادم, واحد ينفع لبلوغ حدث ذروته, لبدء مشهد أو اثنين لنصح الأمير وهو أداة طيعة دون شك خاشع, وسعيد بكونه نافعا لبق, حذر, دقيق الي حد الوسوسة ملئ بالعبارات الفخمة, لكن غبي بعض الشئ وأحيانا في الواقع يكاد يكون مضحكا في الواقع أحيانا يكون المهرج أنا أشيخ.. أنا أشيخ سوف أطوي أسفل بنطالي هل أفرق شعري إلي الوراء؟ سوف أرتدي بناطيل بيضاء وأتمشي علي البلاج لقد سمعت عرائس البحر تتناجي بالغناء لا أعتقد أنها ستغني لي لقد رأيتها تركب الموج باتجاه البحر وتمشط شعره الأبيض للوراء حين تنفخ الريح الماء بياضا في سواد ونلبث طويلا ونتلكأ في غرف البحر بين بنات البحر المكللات بأعشابه البنية والحمراء حتي توقظنا أصوات البشر, فنغرق