اثار إعلان الدكتور طارق البشري حول عدم دستورية مد حالة الطوارئ إلا باستفتاء شعبي, وذلك في معرض تصريح له لقناة الجزيرة الفضائية قبل يومين, حالة من الجدل القانوني والسياسي, وجاء إعلان البشري ضمن جدل أوسع عقب إعلان تفعيل الطوارئ كرد فعل علي أحداث السفارة الإسرائيلية. المثير أن حالة الطوارئ سارية قانونيا حتي 31/5/2012 منذ لحظة تمديدها عام 2010 عبر مجلس الشعب المنحل. وأكد الدكتور شوقي السيد, أستاذ القانون الدستوري, أن المادة95 تحمل تناقضا واضحا في فقراتها بين صدور قرار قانون حالة الطوارئ بقرار من رئيس الجمهورية أو في حالة وجود مجلس الشعب أو في حالة عدم وجود مجلس الشعب.. والفقرة الأخيرة تقول في كل الأحوال لا يجوز مد حالة الطوارئ أكثر من ستة أشهر إلا بعد استفتاء الشعب. ومع الأسف, ان هذه المادة كانت ضمن المواد الثماني التي تم الاستفتاء عليها, بمعني أنه لا يجوز تعديل هذه المادة بإعلان دستوري يصدر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة, لكن مع الأسف الأشد أن واقع حال البلاد والانفلات الأمني والجمود الاقتصادي والانفلات الإعلامي, كل ذلك يضع البلاد ومصالحها في مهب الريح, بما في ذلك أمن الوطن والمواطن, ويجعلنا نستدعي الشرعية الثورية حتي تمر البلاد من هذه الأزمة الطاحنة والفوضي العارمة بأن يتمكن المجلس العسكري بسلطات استثنائية غير عادية أن يمر من هذه المرحلة الانتقالية إلي بر الأمان, ولن يكون ذلك إلا باستمرار إعلان حالة الطوارئ, لأن مصالح الدولة العليا ترتفع فوق النصوص. وأشار الدكتور شوقي السيد إلي أن الذي علي الساحة صراعات لتيارات سياسية بين متصارعين يبحثون عن مواقف وزعامات حتي لو كانت ضد الوطن, وبالتالي لن يتفقوا علي شيء واحد بما يتطلب إيقاظ ضمير العلماء والخبراء والوطنيين المحايدين الذين ليست لهم أي مصالح أو صراعات شخصية, لأنه منذ البداية الذي أوضعنا في هذا المأزق هو التخبط وشركاء الصراعات والتسابق علي حساب الوطن. فالمطلوب خريطة طريق واضحة من شخصيات وطنية مخلصة تبحث عن مصالح الوطن دون مصالح شخصية, وتتمتع بالخبرة والحكمة والحيادية والموضوعية, وهذه مسئولية المجلس الأعلي للقوات المسلحة في ان يينقب عنهم ويعلن أصواتهم, لأن القاعدة الشرعية تقول: من طلب الولاية لا يولي.. والعلم يسعي إليه ولا يسعي العلم إلي أحد. من جانبه, أكد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن هذا التصريح يتماشي في ظاهره مع المنطوق القانوني للإعلان الدستوري, مشيرا إلي أن اللجنة التي قامت بصياغة الإعلان الدستوري أوقعت المجلس العسكري في ورطة, معللا بأن الاستفتاء تم علي9 مواد وعلي نصوص معينة ضمن36 مادة, ومعني ذلك أن هناك45 مادة في الإعلان الدستوري لم يتم الاستفتاء عليها. وقال نافعة إن القضية الآن سياسية في المقام الأول رغم أنها قانونية. واتفق ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل مع المستشار طارق البشري علي أن حالة الطوارئ انتهي موعدها القانوني ولا يمكن تطبيقها إلا باستثناء جديد. وقال الشهابي إنه نظرا لأن الفترة المقبلة هي انتخابات مجلسي الشعب والشوري, فعلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة تنفيذ وعده بإنهاء حالة الطوارئ في هذه الانتخابات, خاصة أن الطوارئ لم توقف المظاهرات ولا العنف ولا البلطجة, ولم تمنع اندلاع ثورة52 يناير. وأضاف الشهابي أن هذا القانون يعمل علي التنكيل بالمواطنين وعدم احترام حقوق المواطنين في المواثيق الدولية. ومن ناحيته, أوضح نبيل زكي, المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع, أن المجلس العسكري الآن يمثل السلطة التنفيذية والتشريعية معا, فهو قادر علي تجديد حالة الطوارئ بصرف النظر عن قانونيته من عدمه. وقال زكي: من وجهة نظري يجب أن تنتهي حالة الطوارئ, بصرف النظر عن الإعلان الدستوري وعما ورد في محتواه, والسبب في ذلك أن حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية مستمرة في مصر منذ أكثر من70 عاما حتي الآن باستثناء عامين عندما تولي الوفد الحكم عامي05 و15 تم إلغاء الأحكام العرفية خلالها, وأيضا عندما ألغي الرئيس الراحل السادات حالة الطوارئ ودعا المصريين في وقتها إلي التمسك بعدم إعلانها مرة أخري. وأضاف أنه لا توجد دولة في العالم عاشت في ظل وضع استثنائي طوال هذه المدة(70 عاما), ونحن لدينا ترسانة ضخمة من القوانين, وأطالب الحكومة بإحصاء عدد القوانين التي صدرت في مصر منذ 1900 وحتي الآن وهناك وجود مئات الآلاف من القوانين تكفي لمواجهة الخروج علي القانون والبلطجة وتعكير صفو النظام العام, كما أن المجلس العسكري وعد بإلغاء حالة الطوارئ قبيل إجراء الانتخابات ونحن ننتظر, كما أن الأحزاب كلها تطالب بذلك. من ناحيتها, أكدت المستشارة تهاني الجبالي نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا, أنها لا تحبذ الآراء والاجتهادات الفردية بالنسبة لتصريحات المستشار البشري. وطالبت الجبالي بطرح الأمر علي الخبراء والمتخصصين وعلي مائدة مستديرة للخروج برؤية واضحة. من ناحيته, أكد الدكتور أحمد أبوبركة, القيادي البارز بحزب الحرية والعدالة والقانوني المعروف, أن حالة الطوارئ سقطت ن البلاد باندلاع الثورة المصرية, وقال إن سقوط مبارك أسقط حالة الطوارئ, مشيرا إلي عدم صدور قرار من المجلس العسكري بمد حالة الطوارئ. وقال أبو بركة إن المجلس العسكري يملك فرض حالة الطوارئ وإصدار مشروع قرار بهذا الشأن, ثم إصدار قرار لمدة6 أشهر, وبعدها يجب أن يعرض قرار استمرار حالة الطوارئ علي استفتاء شعبي. وإن كان أبو بركة اتفق مع الفقيه الدستوري الكبير المستشار طارق البشري في أن البلاد تعيش الآن دون حالة طوارئ, إلا أنه اختلف معه في أن الإعلان الدستوري الثاني الصادر في مارس الماضي ليس هو سبب عدم وجود الطوارئ, ولكن عدم صدور قرار من المجلس العسكري بفرض حالة الطوارئ. ودعا كل من يتعرض لحالة من حالات فرض الطوارئ اللجوء للقضاء للتظلم وإلغاء هذا الإجراء فورا, مشيرا إلي أن المجني عليه سيحصل علي تعويض جراء تنفيذ أي حالة من حالات فرض الطوارئ عليه. من جانبه, رأي المهندس أبوالعلا ماضي, رئيس حزب الوسط, أن فرض حالة الطوارئ لم تكن يوما سببا في استتباب الأمن, وأن البلاد ليست في حاجة إليها, مشيرا إلي أن الجرائم وأعمال البلطجة يتصدي له القانون الجنائي الموجود حاليا وبحزم. ورأي جورج إسحاق, الناشط السياسي, أن قانون الطوارئ قد انتهي بموجب المادة95 من الإعلان الدستوري, وأنه لا يجوز العمل به لمدة6 أشهر أخري إلا باستفتاء شعبي بأن هذا الكلام غاية في الأهمية, وأكد أن قانون الطوارئ سلاح في أيدي من يسيئون استخدامه, وأنه ضد هذا القانون المشبوه, وأن قانون العقوبات بديلا لمواجهة أعمال البلطجة والانفلات الأمني. لكن المستشار محمود الخضيري, نائب رئيس محكمة النقض الأسبق, يري أن الثورة لابد أن يستتبعها فرض حالة الطوارئ ولا يرتبط ذلك بالدستور حتي تحمي نفسها, وأن الجدل حول قانون الطوارئ يرجع لفترة ما قبل الثورة, وأنه كان يفرض علي الشرفاء, لكن الأمر بعد الثورة يختلف.. فاليوم حالة الطوارئ تفرض من أجل حماية الثورة من أعدائها. كما أوضح جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن مبارك بدستوره قد سقط, ولكن الناس مازالت تخلط بين موعد الاستفتاء وموعد الإعلان الدستوري, وأكد أن المجلس العسكري في حالة ما إذا رأي ضرورة مد حالة الطوارئ في أكتوبر, فعليه أولا طرحه للاستفتاء الشعبي, مع تحديد الأسباب والأماكن والمدة حتي يتم التوافق عليه من الجميع.