كل يوم

المشير محمد علي فهمي‏(2)‏ بينما كانت تدور أشرس المعارك بين الطيران الإسرائيلي من ناحية والطيران المصري وقوات الدفاع الجوي المصري من ناحية أخري والتي أخذت بعدا عميقا اعتبارا من يوم7 يناير1970 بتوجيه الغارات الإسرائيلية إلي قلب العمق المصري كان اللواء محمد علي فهمي قائد الدفاع الجوي مع رجاله في سباق وتحد مع الزمن من أجل مواصلة بناء حائط الصواريخ الذي يؤمن العمق المصري كنقطة بداية تهيء الأجواء لدخول التحدي الأكبر بتحريك حائط الصواريخ إلي قرب حافة قناة السويس والذي يحول التفكير المصري الجاد في عبور قناة السويس من الحلم إلي الحقيقة.
ويمكن القول بأن المائة يوم في الفترة ما بين7 يناير1970 وحتي18 إبريل1970 التي واكبت زيارة الرئيس جمال عبد الناصر- سرا- إلي موسكو والحصول علي أكبر صفقة من صواريخ سام2 وسام3 هي أهم فترات المواجهة التكتيكية والاستراتيجية بين مصر وإسرائيل بعد يونيو1967 وقبل أكتوبر.1973
لقد كانت هذه المائة يوم ملحمة عمل عسكرية ومدنية كأروع ما يكون.. ومن المؤكد أن اللواء محمد علي فهمي قائد الدفاع الجوي ورجاله لم يتذوقوا طعم النوم في هذه الفترة سوي بضع ساعات خاطفة حتي لا تفتر الهمم أو تخور العزائم خصوصا أن جنون وهستريا الغارات الجوية الإسرائيلية كان قد بلغ ذروته من أجل تحطيم ما يتم بناؤه من قواعد الصواريخ.
وكان ما كان بعد17 إبريل عام1970 حيث فقدت إسرائيل ذراعها الطويلة وعندما أصبحنا في يونيو1970 ودلفنا إلي يوليو1970 كانت خريطة المواجهة العسكرية قد تغيرت وسقطت أسطورة طائرات الفانتوم الأمريكية بواسطة رجال الدفاع الجوي المصري.
وأتذكر اليوم صورة اللواء محمد علي فهمي وكان رأسه يكاد أن يطول عنان السماء خلال زيارته لمكتب اللواء محرز عبد الرحمن مصطفي مدير المخابرات الحربية وهو يقول أمامي فخورا ومتواضعا: إن رجالي في الدفاع الجوي دفعوا ثمنا غاليا ولكنهم لم يفعلوا شيئا سوي الواجب... ثم كان لقائي به في نفس المكان يوم10 أغسطس1970 بعد أن أنجز رجال الدفاع الجوي معجزة تحريك حائط الصواريخ إلي حافة القناة ليلة8 أغسطس1970 في ساعات قليلة قبل سريان وقف إطلاق النار طبقا لمبادرة روجرز وزير الخارجية الأمريكي وكانت عبارته الشهيرة مع اللواء محرز عبد الرحمن يومها: لم يعد العبور يمثل مشكلة لقواتنا!
رحم الله رجال مصر العظام وأبقي ذكراهم السنوية نورا يضييء الطريق أمام شباب مصر جيلا بعد جيل!
خير الكلام:
ينام عميقا من لا ينام ضميره!
المزيد من أعمدة مرسى عطا الله