قد تثير كراهية تنظيم داعش الإرهابي الظلامي لكرة القدم بعض التساؤلات خاصة بعد أن سفكت "ذئاب داعشية" دماء أربعة من لاعبي كرة القدم في جريمة جديدة تضاف لجرائم داعش البشعة. وأفادت أنباء نشرتها صحف ووسائل إعلام، أن تنظيم "داعش" قام مؤخراً بإعدام أربعة من لاعبي كرة القدم في مدينة الرقة السورية فيما كان هذا التنظيم الإرهابي قد منع تكوين الفرق الرياضية، واعتبر تشجيع كرة القدم من المحرمات منذ أن احتل هذه المدينة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات قبل نحو ثلاثة أعوام. وتكشف هذه الجريمة الدموية الجديدة عن مدى عداء هذا التنظيم الإرهابي لثقافة الإحتفال بالحياة والبهجة بالمتع البريئة مثل كرة القدم أو "الساحرة المستديرة" التي تعد أكثر الألعاب الرياضية شعبية على مستوى العالم. وإذ يصف الكاتب الباكستاني أمد رشيد- وهو من الباحثين المتخصصين في دراسة الحركات المتطرفة والإرهابية- تنظيم داعش "بالوحش القلق" فانه يوضح أن بعض جرائم هذا التنظيم وفظائعه وهجماته في مناطق متفرقة ومتباعدة أحيانا على خارطة الكرة الأرضية مثل هجماته في أواخر شهر رمضان الماضي ليست إلا محاولة "لإخفاء هذا القلق". ويبدو أن الجريمة الجديدة "لذئاب داعش" بمعقلهم على ضفاف الفرات في حق أشخاص أبرياء كل جرمهم انهم من عشاق كرة القدم وبهجة الساحرة المستديرة تعبر عن حقيقة وحال "الوحش القلق" ومدى انزعاجه من اي مظهر أو مرادف للبهجة !. فكرة القدم تعني البهجة ولذة النص الكروي على المستطيل الأخضر كما يذهب نقاد وكتاب في الغرب مثل آدم فيشر، الذي يصفها بصانعة اللحظات الحميمة في عالم يكابد ما يكفي من الأحزان.. وفي بهجتها يكمن سحرها كما أن لذة النص الكروي لا تكتمل إلا بتسجيل الأهداف والفوز. والمتعة البريئة هدف في حد ذاته لأي عاشق لكرة القدم كلعبة الجمال والمجد والانتصار للحياة ومن ثم فان تنظيم داعش القائم على فكرة نشر الموت في كل مكان وبث الذعر في النفوس لا يمكن ان يتسامح مع الساحرة المستديرة المنتصرة للحياة !. وثمة فرق كروية تحظى بتشجيع جماهيري كبير لأنها تعبر بأسلوب اللعب عن انتماء اصيل لمدرسة البهجة الجامعة مابين المتعة والفوز وهي الفرق الصانعة لابتسامة الساحرة المستديرة على مستوى العالم فيما يسعى تنظيم داعش بكل السبل لتصدير القلق وتحويل العالم لكتلة رعب. ومن نافلة القول إن ذئاب داعش الظلامية والعاشقة للظلام تبغض أي أنوار أو تنوير وتتمنى شطب تاريخ الفلسفة الذي مازال يحتفظ بمقولة الفيلسوف اليوناني الأعظم أفلاطون "يمكنك أن تعرف شخصا ما من طريقة لعبه لمدة ساعة بصورة افضل من معرفته وهو يتحدث لمدة عام، كما أن هذا التنظيم الظلامي المشبوه لن يهضم أبدا مقاله أديب أورجواي الشهير إدواردو جاليانو :"قل لي كيف تلعب وأنا أخبرك من أنت". ولئن اعترى القلق "الوحش العاشق للظلام" وهو يفقد المزيد من الأرض في سوريا والعراق وعبر عن هذا القلق بمزيد من الجرائم المجنونة مثل قتل اربعة من لاعبي كرة القدم في مدينة الرقة فإن للساحرة المستديرة ان تواصل نشر البهجة التي تشكل سلاحا ناجعا في مواجهة ذئاب الكراهية وان تحتفل الثقافة الانسانية وتحتفي بكل جديد في كرة القدم سواء داخل المستطيل الأخضر او على مستوى الكتب الجديدة التي تركز على البهجة الكروية. وفيما صدر كتاب بالإنجليزية مؤخراً لنجم كروي أفريقي هو الايفواري ديدييه دروجبا بعنوان :"التزام..ديدييه دروجبا: سيرتي الذاتية" ووصفته الصحافة في الغرب بأنها قصة حياة واحد من أكثر اللاعبين نجاحاً وتحققاً في عالم كرة القدم، فإن الصحافة الغربية حرصت على وصف دروجبا بأنه أحد صانعي البهجة على المستطيل الأخضر بمهاراته الظاهرة وتسديداته القوية الخاطفة وقوة بنيانه. وإذا كان دروجبا يلعب الآن في صفوف فريق "مونتريال إمباكت" فإن جماهير تشيلسي الإنجليزي لم ولن تنسى أهدافه المبهجة التي منحت الفريق درع الدوري الإنجليزي الممتاز لأول مرة منذ 50 عامًا وبطولة أوروبا لأول مرة في تاريخه. ثم أنه صال قبل ذلك وجال في مركزه الهجومي الأوسط بفرنسا كما لعب في تركيا والصين، ناهيك عن قيادته لمنتخبه الوطني الإيفواري حتى عام 2014، فيما اختارته مجلة تايم الأمريكية في قائمتها السنوية لأكثر 100 شخص مؤثرين في العالم وهو الذي غادر بلاده يوما ما إلى فرنسا كصبي بائس. وفي تشيلسي كان دروجباً هو اللاعب الأجنبي الذي سجل أكبر عدد من الأهداف بين اللاعبين الأجانب في تاريخ هذا الفريق الإنجليزي وهكذا حق لمشجعي الفريق في استفتاء أجري في شهر أكتوبر عام 2012، أن يختاروه كأعظم لاعب في تاريخ تشيلسي الذي انتقل لصفوفه في صيف عام 2004 ورغم كثرة تنقلاته بين الأندية فقد اقترن اسم دروجبا بفريق تشيلسي. وفيما تثير البهجة حنق "ذئاب داعش" فإن الاحتفالات بالأهداف المبهرة في تاريخ الساحرة المستديرة أيام لها تاريخ تسجله الصحف العالمية كما فعلت مع ركلة الجزاء التاريخية التي وقعها ليونيل ميسي نجم برشلونة عندما مرر الكرة لزميله لويس سواريز ليودعها شباك حارس مرمى فريق سيلتا فيجو. وراحت تلك الصحف تستعيد الأصل التاريخي لهذا النوع من ركلات الجزاء لتذكر أن نجماً من النجوم التاريخية للبارسا سواء كلاعب أو كمدرب وهو يوهان كرويف اسطورة الكرة الهولندية وقع من قبل هذا النوع المبهر من ركلات الجزاء بالتمرير الخادع أو ما يسمى "بركلات الجزاء غير المباشرة" في عام 1982عندما مرر الكرة لزميله ويسبر اولسن ليودعها شباك هلموند سبورت وقبل ذلك لن تغفل ذاكرة الساحرة المستديرة ان "المايسترو" صالح سليم قد فعلها في عام 1962 مع زميله الجوهري في مباراة للأهلي بالدوري العام امام فريق المنيا. كما أن ركلة الجزاء غير المباشرة في مباراة بلجيكا وأيسلندا ن في صيف عام 1957 لم تكن الأولى من نوعها كما ذهب البعض عندما مرر ريك كوبينز الكرة لزميله اندريه بيترز.. فالحقيقة ان اول من فعلها كان منتخب أيرلندا الشمالية في مباراة اقيمت مع البرتغال في شهر مايو عام 1957 وانتهت بفوز الأيرلنديين الشماليين بثلاثية نظيفة وابتكار تاريخي لهذا النوع الخادع من ركلات الجزاء أو "التو تاتش" بأقدام اللاعبين داني بلانش فلاور وجيمي مكلوري. وهؤلاء الأساطير يصنعون في الواقع تاريخا من البهجة للساحرة المستديرة بقدر ما يضيفون مجداً فوق امجاد فرقهم كما هو حال ميسي مع فريق برشلونة الذي صدر عنه مؤخرا كتاب جديد بعنوان "بارسا: التاريخ المصور لاف سي برشلونة" للصحفي جوليم بالاجي ويتناول تاريخ هذا النادي الكاتالوني والعريق في أسبانيا منذ تأسيسه عام 1899 ويوضح أن القضية لفريق برشلونة لم تعد الفوز وحصد البطولات المحلية والقارية وإنما كيف يفعل ذلك كله ببهجة ؟!. فبرشلونة علم من إعلام الكرة المبهجة التي تبدع فيها ثلة من الفرق على مستوى العالم وهي فرق تلعب للفوز والمتعة للجماهير وهذا الكتاب الجديد وهو ليس بأول كتاب عن برشلونة وإنما أحدثها يشرح بالكلمة والصورة مفاهيم مدرسة البهجة الكروية كما يقدمها فريق البارسا الحريص على صنع البهجة لكل عاشق للساحرة المستديرة حول العالم حتى ان اسماء لاعبين كليونيل ميسي واندريس انيستا ولويس سواريز ونيمار وتشافي هيرنانديز وقبلهم رونالدينهو وروماريو ومارادونا وكرويف قد تطرب اي عاشق للكرة بمجرد ذكرها !. وبطابع الحال برشلونة وكل الفرق التي تجمعها مدرسة البهجة الكروية ومفاهيم الفوز والمتعة لا تجد الطريق ممهدا على طول الخط وفي كل الأحوال كما يوضح جوليم بلاجي في كتابه الجديد ففريق البارسا عرف الخسارة في مباريات كما حقق انتصارات في مباريات وتعرض لمحن كما زرع الفرحة في القلوب. لكن أهم ما في الأمر أنه لم ينكسر أو "يتوقف عن النمو" حتى وهو يخسر هنا أو هناك لأن الخسارة كالفوز جزء لا يتجزأ من كرة القدم كلعبة جميلة، قد يكمن جانب من جمالها في استحالة توقع نتيجة أي مباراة على وجه اليقين قبل أن تبدأ وتنتهي مهما تفاوتت وتباينت المهارات والقدرات بين الفريقين المتنافسين وحتى لو كان أحد طرفيها قوة كروية عارمة تبدو احيانا وكأنها قوة لا تقهر كفريق البارسا، ومن يذهب إلى غير ذلك لا يدرك معنى الساحرة المستديرة وماهية الصراع بمعطياته المتعددة ومن بينها عامل الحظ على المستطيل الأخضر. هذا ما يمكن أن تخرج به لو تأملت وتدبرت الكتاب الجديد عن فريق برشلونة بالكلمة والصورة وعبر التاريخ وصولاً للحاضر وزمن ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد وغيرهما من نجوم اللعبة المبهجة التي يكرهها أعداء الحياة مثل تنظيم داعش الإرهابي والمتفنن في قطع الرؤوس وقتل أي ابتسامة ووئد كل فرحة !. والنقاد في الصحافة الغربية يتفقون مثلا على أن المزيد من الانجازات والعلامات التاريخية في انتظار "الساحر المبهج" ليونيل ميسي الذي يقول مدربه لويس انريكي :"ميزة أن يكون ميسي في صفوف برشلونة ومتعة أن نشاهده وهو يلعب" أما في هذا الكتاب الجديد فثمة شهادات مطولة ومستفيضة لمن تولوا تدريب هذا اللاعب الأسطورة أو ساعدوه وعرفوه جيدا في مرحلة البدايات قبل أن يتحول إلى مرادف للفرحة عند مشجعي البارسا أن لم يكن كل عاشق لكرة القدم وجماليات لعبة المجد !. والفرحة في عالم كرة القدم موضع اهتمام من كتاب وفنانين مثل آدم فيشر المنهمك في طروحات وابداعات حول كرة القدم والبهجة وكما ابدع المخرج الأمريكي رايان وايت في فيلمه الوثائقي "بيلادا" الذي يظهر قدرة الساحرة المستديرة على تبديد الأحزان سواء لأطفال بؤساء في مناطق عشوائية بدول افريقية او حتى لنزلاء السجون في بلد امريكي لاتيني كبوليفيا وهو يرصد ايضا تلك "الحميمية" التي تخلقها كرة القدم بين اشخاص كانوا غرباء عن بعضهم البعض وفرحة اللاعبين عندما يسجلون اهدافا. ومن الطريف ان بعض اللاعبين على استعداد لفعل اي شيء في غمار الفرحة المطلقة السراح وقد يستخدم حتى عربات الاسعاف للتعبير عن فرحته المستبدة كما حدث في دوري الدرجة الثالثة الأرجنتيني عندما صعد اللاعب ماريانو جوروسيتو داخل عربة الاسعاف بالملعب بعد ان احرز هدفا ضمن رباعية نظيفه لفريقه "لوخان" في مواجهة فريق ارجنتينو ميرلو وتبعه بعض زملائه ليضغطوا بوق العربة عدة مرات. انها الفرحة التي استحقت بطاقة صفراء من حكم المباراة الذي ربما كان يضحك في داخله من هذه الفرحة المستبدة بلاعب دوري الدرجة الثالثة وقد يتساءل ماذا يفعل جوروسيتو اذن لو كان يلعب في الدوري الممتاز ناهيك عن مباراة للأرجنتين في المونديال ؟!! ولعله عرف ان جوروسينو لم يكن اول من فعل تلك الفعلة الغريبة حقا!..فاذا كان ماريانو جوروسيتو قد فعل فعلته في شهر سبتمبر الماضي فان عام 2010 شهد قيام اللاعب انتوني جريزمان البالغ من العمر 19 عاما بالركض من المستطيل الأخضر مندفعا للخارج نحو سيارة تابعة لأحد رعاة الدوري الأسباني بعد ان احرز الهدف الثاني لفريقه ريال سوسيداد في مواجهة ديبورتيفو وراح يتقافز على مقعد السائق ويضغط على البوق ويزمر وخلفه ثلة من زملائه المنتشين بالفرحة !. أما ما فعله جون هارتسون لاعب الارسنال السابق وفرق اخرى من بينها وست هام يونايتد وسيلتيك ولوتون فشيىء مضحك فعلا !!..كان جون هارتسون ثملا بالفرحة بعد فوز لفريقه واثناء عودته لبيته مستقلا عربة فان مع اثنين من زملائه رأى نعجة تسير لحال سبيلها في احد الحقول. ويعترف النجم الكبير بأنه كان في حالة غير طبيعية عندما نزل من العربة وانقض على النعجة ليأخذها معه ويضعها في الحديقة الخلفية للفيلا التي يقطنها !..في اليوم التالي استيقظ جون هارتسون الذي كان قد نسى ماحدث بالأمس على جلبة وضجيج ليجد النعجة كأنها تبكي وتستغيث ووسط تأنيب ضميره حملها مرة اخرى للحقل الذي اخذها منه ولعله تطهر بهذا الاعتراف بقدر ماتعلم ضبط النفس وكبح جماحها سواء في حالة الغضب او الفرح !. فللفرحة حدود كما يقول اي لاعب عاقل مثل الايطالي اندريا بيرلو في كتابه "انا افكر اذن انا ألعب" وهو كتاب يروي سيرة حياته في الملاعب وقد يوضح هذا الكتاب للاعب خط الوسط الشهير بعنوانه المستوحى من المقولة الشهيرة للفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت في القرن السابع عشر :"انا افكر اذن انا موجود" ان الفكر لايتعارض مع البهجة . فاندريا بيرلو يوصف بأنه من اذكى اللاعبين في جيله واحد اعمدة منتخب ايطاليا الفائز بكأس العالم عام 2006 واحد صانعي البهجة لشعبه عندما انتزع الايطاليون الكأس الغالية في قلب برلين وفازوا بجائزة جوائز الساحرة المستديرة. وكتاب بيرلو حافل بقصص مبهجة ويروي ماحدث قبل المباراة النهائية في ذاك المونديال امام منتخب فرنسا عندما لعب بيرلو بعض العاب الفيديو مع زميله اليساندرو نيستا ونام بعمق ساعات كافية ثم استيقظ هادئا "ليعانق اللحظة" ويفوز مع رفاقه على ديوك فرنسا في ليلة ايطالية مبهجة!..حقا هذا كتب كتب بمداد البهجة والبصيرة معا وهما يغيبان بالطبع عن ذهنية داعش التي لا تحتفل سوى بالدم والدموع. فكيف لهذه الذهنية الظلامية ان تتفهم المتع البريئة للساحرة المستديرة او تنظر لكرة القدم بوصفها "لعبة المجد" كما قالها الكاتب البريطاني هونتر ديفيز، والذي شكل في كتاب منذ نحو 43 عاما بهذا العنوان دراما من مشاعر اللاعبين ما بين توتر وخوف وقلق وسعادة. وهونتر ديفيز هو بالمناسبة صاحب الكتاب الذي يتضمن السيرة المعتمدة لفرقة البيتلز الغنائية البريطانية الشهيرة، أما كتابه عن كرة القدم او اللعبة المجيدة فاستمرت طبعاته الجديدة تتوالى حتى الآن وعلى مدى عقود منذ طبعته الأولى عام 1973 في دلالة واضحة على أصالة ما كتبه رغم متغيرات الزمن ورغم انه تمحور على فريق توتنهام هوتسبير لكنه جذب الكثير من القراء الذين يشجعون فرق أندية اخرى غير توتنهام وصمد امام اختبار الزمن. وما حدث بالضبط ان نادي توتنهام منح مؤلف الكتاب هونتر ديفيز الحق في ان يتحدث مع من يريد والحرية في الوصول لكل المعلومات التي تخص هذا النادي الكبير واحد صانعي البهجة في بريطانيا بحيث يشكل رؤية شاملة ومتكاملة عن النادي وآلياته الداخلية الحاكمة لمنظومته. هكذا جاء هذا الكتاب الذي تجاوز توتنهام ذاته ليعانق لعبة المجد ككل وينتصر على محددات الزمن وينبض بالصدق مثل قول بيل نيكلسون المدير الفني الراحل لتونتهام للمؤلف بأن مسألة تدريبه للفريق لم تكن مسألة سعادة او بهجة بالنسبة له وانما هي وظيفة لابد وان يؤديها على اكمل وجه ممكن ليصنع البهجة لجماهير النادي ومشجعي الفريق الذي يعد من صانعي احلام الساحرة المستديرة!. وتوتنهام قد يكون "اكثر من مجرد ناد"، وهو الشعار الذي اختاره نادي برشلونة لكرة القدم بالفعل لنفسه منذ زمن بعيد وينطبق على عدة أندية اخرى كبيرة وعريقة في مصر مثل الأهلي والزمالك وكلاهما من صانعي البهجة. فكل الأندية الكبيرة والعريقة في العالم "كبيرة وعريقة وملهمة" لأنها تحرص على صنع البهجة لجماهيرها واوطانها مثلما هو حال نادي يوفنتوس الشهير "بالسيدة العجوز" والذي يحرص دوما وبكل السبل على منح جماهيره ابتسامة حقيقية، وذلك ما حدث مثلا عندما انتهى هذا النادي الايطالي العريق بتراكماته التاريخية مؤخرا من انجاز استاد جديد ومبهر بكل المقاييس، فيما كان افتتاحه يجسد تلاوين البهجة. فدون مشجعين تفتقر كرة القدم للكثير من اسباب البهجة كما يشير الكاتب ويل هوتون وهو اصلا كاتب متخصص في قضايا الاقتصاد ويناهض كل مامن شأنه التنغيص على مشجعي الساحرة المستديرة مثل زيادة اسعار تذاكر المباريات، وهو القائل "من كرة القدم الى الحديد والصلب لسنا بحاجة لأن نكون عبيدا للسوق" رغم انه من مؤيدي التجارة الحرة والسوق المفتوحة كأساس للنمو والازدهار الاقتصادي في ظل "رأسمالية ذات مباديء اخلاقية وهادفة". وكرة القدم كصانعة للبهجة اعظم واكبر في نظر ويل هوتون من اعظم واكبر ماكينة للنقود وتشجيع فريق لكرة القدم كما يوضح هو جزء من فكرة :"نحن" اي "الهوية الجمعية الراسخة في المكان والتاريخ والثقافة" وذلك يعني ان المسألة تدخل في تعريفنا لأنفسنا. وما علينا في ضوء ما يقوله هذا الكاتب البريطاني الكبير سوى العودة لملايين وملايين المصريين يشكلون الغالبية الساحقة في هذا الوطن وتدخل فرق الأندية التي يشجعونها دوما في تعريفهم لأنفسهم ضمن مكونات الهوية. وفي مواجهة قبح ودموية الإرهاب الداعشي المعادي للحياة ستبقى "الساحرة المستديرة" منتصرة للحياة وصانعة للبهجة بلذة النص الكروي على المستطيل الأخضر.. إنها البهجة المقاومة للذئاب وأعداء الحياة.