شدد الكاتب الإنجليزي، جدعون راخمان، على أهمية العلاقات بين أمريكاوروسيا، قائلًا: أن السؤال الذي طالما أثير إبان حملة الانتخابات الأمريكية بشأن العلاقة بين فلاديمير بوتين ودونالد الترامب - أصبح يحمل أهمية عالمية بعد فوز ترامب بالرئاسة". وفي سياق متصل، لفت "راخمان" - في مقاله ب"الفاينانشيال تايمز"، إلى أن تصريحات ترامب طالما اتسمت بالتناقض والإرباك في كل الشئون إلا في شأن روسيا، فقد التزم ترامب جانب الوضوح والاتساق وثبات الرأي.. وهو (ترامب) يعتبر بوتين قائدا قويا، جديرا بالإعجاب ويرغب في رؤية تحسّن في العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا.. وقد تساءل ترامب مؤخرا "ألن يكون عظيما لو أننا توافقنا مع روسيا؟"
وأضاف الكاتب الانجليزي، أن ترامب سيبرم اتفاقا مع بوتين، لكن كيف سيبدو هذا الاتفاق؟، ورجح الكاتب أن تُنهي الولايات المتحدة معارضتها لضمّ روسيا شبه جزيرة القرم حتى وإن لم توافق (واشنطن) على ذلك من الوجهة القانونية إلا أنها ستقبل به كأمر واقع.. بعد ذلك ستعمد الولاياتالمتحدة إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا.. وسيُسقط الأمريكيون أي اقتراح بشأن التحاق أوكرانيا أو جورجيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو).. كما أن وتيرة تدشين قوات الناتو في دول البلطيق ستُبطئ إن لم تتوقف.
ورجح "راخمان"، أنه في مقابل تلك التنازلات الكبرى أن تُكفكف روسيا من عدوانها في شرق أوكرانيا وألا تسعى لتحقيق المزيد من المكاسب الأرضية هنالك، كما سيتراجع الضغط الروسي والتهديد الصريح لدول البلطيق: أستونيا ولاتفيا ولتوانيا، كما ستخف حدة التوترات العسكرية على الجبهة بين الناتو وروسيا.
وتابع الكاتب قائلا: "إنه بعد تخفيف حدّة الصراع بين أمريكاوروسيا فيما يتعلق بأوروبا الشرقية – بعد ذلك ستتخذ الدولتان قضية مشتركة في الشرق الأوسط، وستتنازل أمريكا عن التزامها بالإطاحة ببشار الأسد في سوريا وتنضم إلى الروس في مهاجمة داعش".
وقال "راخمان"، إن عناصر الجذب في هذا الاتفاق من وجهة نظر ترامب هي واضحة، وإذا ما نجح الاتفاق، فإنه كفيل بنزع فتيل المواجهة متزايدة الخطورة بين الولاياتالمتحدةوروسيا.
ولفت الكاتب، إلى أن ترامب أثناء حملته الانتخابية اتهم منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بالمجازفة بإشعال فتيل حرب عالمية ثالثة: في إشارة إلى تعهدها بإعلان "منطقة حظر جوي" في سوريا، والذي قد يقود إلى مواجهة جوية بين أمريكاوروسيا.
ورأى "راخمان"، أن التخلي عن هدف إدارة أوباما الخاص بالتخلص من الرئيس الأسد كفيل بأن يحل مشكلة عدم الاتساق الذي طال أمده في السياسة الأمريكية إزاء سوريا، والتي تبدو أحيانا واضعة أمريكا على كلا الجانبين المتقاتلين في الحرب الأهلية السورية.
وأكد الكاتب أن تخفيف حدة التوترات في أوروبا الشرقية ستكون بمثابة جائزة كبرى لروسيا، كما أن رفع العقوبات والعودة إلى التجارة هي أمرٌ متناغم مع طبيعة رجل الأعمال في شخصية ترامب.
ورأى صاحب المقال أن الاشتراك في خندق واحد مع الرئيس السوري وبوتين لن يمثل مشكلة من الناحية الأخلاقية لترامب، الذي لا يجد غضاضة في استهداف بوتين للصحفيين ولا التعذيب، ومن ثم فمن غير المرجح أن يجد ترامب غضاضة في تحالف فرضه الواقع مع نظام الأسد.
لكن رغم كل ذلك، فستكون بمثابة مجازفة هائلة من جانب الرئيس الأمريكي الجديد أن يضع ثقته في نظيره المخضرم الماكر... وإذا ما نكث بوتين بعهوده، فإن ترامب سيبدو كالأحمق، وهو يكره ذلك.
في النهاية، يتوقف الأمر في كثير من جوانبه على الطريقة التي سيقيّم بها ترامب ومستشاروه الدوافع الروسية، ومن المرجح أن تتولى معظم مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن مهمة تحذير ترامب من مغبة تقديم أي تنازلات أمريكية ل بوتين حتى لا يعدها الأخير من قبيل الضعف ويتمادى في انتهاكاته الدولية أكثر وأكثر - بحسب الكاتب.