قبل دخول الجامعة لم يكن لإيمان بركات أدني فكرة عن فن النحت سوي تمثال نهضة مصر للفنان محمود مختار الذي اعتادت علي رؤيته عند زيارتها مع الأسرة لحديقة الحيوان، والذي كان يثير فضولها في كل مرة تري فيها علاقات الخطوط التي تجمع بين الفلاحة المصرية التي تضع يدها علي رأس تمثال أبو الهول الرابض بجوارها لتتساءل كيف تمكن هذا الفنان من التعبير بهذه القوة مطوعا لك الخامة الصلبة"الجرانيت " . وتعود إيمان بذاكرتها إلي الوراء وهي تقول : كل هذا الفضول تبادر لذهني عندما طلب منا في الكلية استنساخ أحد أعمال مختار، ومع ذلك غمرني شعور بالسعادة والقلق في آن واحد، وتمكنت من تنفيذه بشكل لائق جعلني أدرك حبي لفن النحت ..ثم توالت الأعمال من خلال دراستي بالكلية وكنت في كل مرحلة دراسية اكتشف سمة جديدة تساعدني علي التشبث بهذا المجال تحديدا. وربما كانت إيمان واحدة من الفنانات التي خضن تجربة السيمبوزيوم للمرة الثانية ، حيث دخلت بمشاركتها هذا العام تحديا مع نفسها .. ورأت في هذه الدورة اختبارا لنفسها وقدراتها ومعرفة ماذا تعلمت من مشاركتها العام الماضي .. وهنا طرحت علي نفسها عددا من الأسئلة كان من بينها: هل لدي ما يكفي من الإيمان بقدرتي علي التعامل مع هذه الخامة مرة أخري؟ هل سأتمكن من إثبات صحة اختيارهم لي للمرة الثانية؟ هل سأشعر بنفس حالة الشغف اثناء احتكاكي بالجرانيت أم ستزول؟ وخاضت التجربة مرة أخري. تعود إيمان بالذاكرة لمشاركتها الأولي وتقول: علمت عن السيمبوزيوم آنذاك طريق أستاذي بالكلية د/عصام درويش، ولم يتبادر لذهني في بادئ الأمر أنه يمكنني أن أشارك في ملتقي فني مميز كهذا، ومع ذلك تقدمت للجنة السمبوزيوم بثلاثة أعمال مبنية علي أساس هندسي، وتفاجأت بقبولي أنا واثنتين من صديقاتي المقربين وهذا ما طمأني ، لكن انتابني شعور بالقلق والخوف من مواجهة هذه الخامة الصلبة وكيفية تطويعها والتعامل معها. وفي العام الماضي تم قبول عمل مبني علي أساس هندسي مجرد ،مستوحي من الخطوط الخارجية للفيل، وكانت تجربة مميزة زودتني بخبرات مختلفة نظرا للاحتكاك المباشر مع خامة مميزة وغنية كالجرانيت ولما لها من سمات مختلفة تستشعر تفردها من خلال تعاملك معها، وكان عليّ في البداية أن أتوصل للغة للتحاور مع تلك الخامة، ونظرا لوجود مجموعة مختلفة من الفنانين المشاركين خلال هذه الدورة من مصريين أوجانب ، لكل منهم ثقافته وفكره وطريقتة في التحاور مع الخامة، وعدت من هذه التجربة محملة بكم ليس بالقليل من الخبرات المختلفة . وتستكمل إيمان حكايتها وتقول : مشاركة هذا العام كانت مميزة جدا نظرا لأنها دورة خاصة لتكريم للفنان آدم حنين، ولأنها أتاحت الفرصة لعدد كبير من شباب النحاتين للبدء في التعامل مع خامة مميزة كالجرانيت من خلال حدث مميز كسيمبوزيوم النحت الدولي بأسوان، وقد قمت هذا العام عملا يعتمد أيضا علي الأساس الهندسي المجرد للشكل الخارجي للكريستالة مع تجريد بعض التفاصيل لتلائم طبيعة الخامة التي ستنفذ عليها، وهي جرانيت أحمر غامق أبعاده 1.20 متر* 70 سم* 1 م. وتضيف إيمان : إن التعامل مع الجرانيت بالنسبة لي مرتبط بشغف قديم بالخامة، لكنها خامة صعبة تحتاج وقتا ومجهودا حتي تستكشف أسرارها، كما تتعدد الأدوات التي تستخدم في النحت عليها لتشمل الصواريخ، واسطوانات التقطيع، والمطارق والأزميل للتعامل مع الجرانيت. كما أن خامة الجرانيت تختلف عن كل الخامات الأخري المستخدمة في النحت لأن هذه الخامات يسهل التعامل معها داخل ورشة عمل "اتيليه" وتختلف عن الجرانيت الذي يحتاج لمكان مفتوح . وعن نظرة المجتمع للنحاتة المرأة تقول إيمان : لم أنظر من قبل لفن النحت علي أساس ذكوري، ولم تعترني هذه الفكرة إلا بعد تجربة السيمبوزيوم الأولي ، والأسئلة التي انهالت علينا أنا وصديقاتي في السنه الماضية، التي كانت بمثابة ميلاد جديد لكل منا . ولإيمان شغف خاص بالنحت الروماني واليوناني القديم وكيفية تناوله للإنسان ، كما أنها تهتم بأعمال الفنان هنري مور لما تستشعره في أعماله من احتكاك مع الطبيعة المحيطة . وتضيف إيمان : إن أكثر ما يلفت انتباهي في الأعمال المنحوتة هو صدق التعبير وهو يختلف من فنان لآخر، ولكن يظل المتلقي هو المتأثر الأول بفعل النحات، لذلك كلما ظهر صدق في الفكرة والتعبير لدي الفنان انتقل هذا بسهولة للمتلقي حتي اذا لم يدرك الفلسفة الكامنة وراء العمل ، لأن الأعمال ثلاثية الابعاد لها صدي مختلف علي المتلقي نتيجة لاحتكاكه المباشر بها. وايمان بركات مواليد 1988، حاصلة علي بكالوريوس التربية الفنية جامعة حلوان 2011، وهي طالبة بمرحلة تمهيدي ماجستير قسم تعبير مجسم " نحت "، وقد شاركت في عدة ورش فنية منها ورشة تقنيات صب البرونز " للفنان حسن كامل " 2013 ، وورشة نحت حديد الخردة " للفنان عمر طوسون " 2013 ، كما شاركت إيمان بصالون الشباب ال 24 "2013 ". وورشة فنون الميديا 2008 ، 2012