وعلي عكس مريم، لم يكن لماجي عبد الأحد اهتمام بالفن في طفولتها، حيث تقول : لم أكن في صغري محبة لأي نوع من أنواع الفنون، لدي بعض الرسومات ترجع لسنة 1999 ولكني لم أكن أهتم بالتوغل في الفن أو معرفة المزيد عنه بالرغم من أن أبي وأختي كانا يرسمان لوحات فنية بخامات مختلفة. وعندما كان عمري 16 عاما كان هذا أول احتكاك لي بخامة الطين الصلصال، وقد أعجبتني الخامة في حد ذاتها وكونها لينة ومرنة، فكنت أتحكم في تشكيلها كيفما شئت. انتابني في تلك اللحظة شعور بالفضول، فكنت أريد أن اكتشف خبايا تلك الخامة وأتأملها عن قرب، وقررت حينها الالتحاق بكلية الفنون الجميلة (قسم النحت)، وبالفعل تم قبولي بالكلية واخترت شعبة النحت الميداني لأنني أراه أصعب من النحت البارز، حيث ينبغي عليّ أن أسيطر علي الكتلة من كل الاتجاهات والجوانب وإيجاد حلول للشكل الفني في كل منها. والنحت الميداني عبارة عن علاقة بين كتلة وفراغ تتطلب اتزانا في التصميم، ومراعاة للظل والنور، واختيار الخامة ولونها وملمسها خلال تنفيذ العمل الفني من الممكن أن أواجه بعض المشكلات التي يتطلب حلها القيام ببعض التغيرات في تكوين/شكل العمل الفني. وعندما سألتها كيف تجيدين التعامل مع الكتل الصلبة أجابتني: من أمتع ما اختبرته في فن النحت هو التعامل مع الكتلة الصلبة، لأن الكتلة الصلبة تفرض نفسها في بعض الأحيان علي الفنان، وعلي حسب الغرض من العمل الفني وموضوعه يقوم الفنان باختيار الخامة المناسبة لتصميمه، لأن لكل خامة مميزات وملمسا وانعكاسا خاصا بها. والحوار ينشأ بدايةً من رسم تصميم العمل الفني حتي الانتهاء منه تماما، ويظهر هذا الحوار في العلاقة بين الكتلة والفراغ والاتزان والظل والنور واختيار الخامة وتحديد أبعاد العمل الفني حيث إن الفنان يستمر في البحث عن أفضل الحلول والعلاقات طول فترة تنفيذ العمل الفني. فنحن كفنانين نقوم بتنفيذ كثير من الأعمال المصغرة Maquette أو ماكيت لفكرة واحدة ولكن كلا من هذه الأعمال تحمل حلولا وأبعادا وتشكيلات مختلفة للفكرة الاساسية. وتستطرد ماجي: أصعب وأجمل شيء في فن النحت أنه من لا شيء نستطيع خلق شيء جديد وهذا الشيء وهو عمل فني يتميز بالجمال ويحمل في داخله معاني كثيرة وعميقة. وربما أتيحت لماجي فرصة الدراسة خارج مصر ، حيث اختارتها إدارة الكلية لعمل مشروع التخرج في فرنسا، ومكثت هناك خمسة أشهر ، وقد كان محور الدراسة الفن المعاصر علي عكس دراستها في مصر التي كانت في غالبها دراسة أكاديمية كلاسيكية. وعن تلك التجربة تقول ماجي : لم تكن الدراسة منحصرة علي النحت، فمشروع تخرجي كان عبارة عن تقديم ثمانية أعمال فنية في مجالات مختلفة، فقدمت أعمالا في مجال النحت والفوتوغرافيا والفيديو أرت وال mixed media، وكنت مصرة علي التوغل في مختلف المجالات ومحاولة تقديم أعمال مختلفة حتي أكتسب خبرة وأزيد من فهمي ومعرفتي بتلك المجالات خاصة فيما يخص الفن المعاصر، لذا توغلت في الفن المعاصر وقابلت بعض الفنانين الأجانب وكان ينبغي علينا كطلبة حضور المؤتمرات وافتتاحات المعارض بانتظام وكان لذلك تأثير كبير علينا. وتضيف ماجي: أحب جدا أعمالي التي قمت بتنفيذها وقدمتها في فرنسا، فهي أعمال معاصرة بعيدة عن المنهج الأكاديمي الذي درسته في مصر. وما يجعلني أحب هذه الأعمال هي أن بعضها يكشف عن جانب شخصي من حياتي، عبرت عنه بحرية. إضافة إلي تجربتي الأولي مع فن الفوتوغرافيا والفيديو أرت التي فتحت أمامي آفاقا وطرقا جديدة في الفن. لذلك اعتبر فرنسا تجربة مثمرة أضافت لي الكثير. وقد تعرفت ماجي علي السيمبوزيوم من خلال أساتذة من كليتها كانوا قد شاركوا في السيمبوزيوم من قبل، وبالفعل تقدمت وتم قبولها . وعن تلك التجربة تقول ماجي : كانت أول مرة أتعامل مع خامة الجرانيت وأقوم بتنفيذ عمل بحجم كبير نوعا ما، وقد أحببت تبادل الخبرات والآراء بين كل الفنانين المشاركين في السيمبوزيوم وأحببت العمل في أسوان لأنها تتميز بمناظر طبيعية جميلة تؤثر علي الفنان نفسيا وتساعده علي الإبداع. وعن العمل الذي نفذته تضيف الفنانة الشابة: أحب العمل علي فكرة الطيور عامة، وقد تقدمت بأفكار عدة أعمال أحدها عبارة عن طائر ميت وآخر جزء من طائر وآخر يمثل طائر جالس، وهذا الأخير هو الذي تم اختياره (الطائر الجالس) من قبل لجنة التحكيم وتبلغ أبعاده 90سم*1.2م*74سم، وتتلخص تجربتي في محاولة إيجاد كل ما هو جوهري وضروري في الشكل العضوي الواقعي، وتلخيص الشكل للوصول للمضمون والتخلص من كل ما هو مؤقت وإيجاد ما هو دائم وباق. لذلك اعتمدت في أسلوبي علي استخدام أقل خطوط ممكنة للوصول لأعمق الصفات التي تميز الشكل. وعن تلك العلاقة التي تربط الفتيات بفن النحت تقول ماجي : بالرغم من أن فن النحت يحتاج إلي قوة بدنية إلي حد ما، إلا أن عدد الفنانات المشاركات في السيمبزيوم كان كبيرا، وقد قدم الفنانون والفنانات أعمالا نحتية تتميز بالقوة والجمال وكان لكل واحد منهم رؤيته الخاصة، ومما لا شك فيه أن زيادة عدد النساء في مجال فن النحت عامة سيفتح لنا آفاقا جديدة وسيضيف بالتأكيد الكثير في هذا المجال لأن للمرأة أسلوبا مختلفا عن الرجل في رؤية الأشياء وتحليلها وإدخالها في عمل فني. وعن مشروعاتها المستقبلية في هذا المجال، تقول ماجي إنها ترغب في أن تتوغل في الفن بكافة أنواعه والذي لن يقتصر علي النحت فحسب، حيث تحرص الفنانة الشابة علي تطبيق كل ما تعلمته في فرنسا حتي تجد أسلوبها المتميز في الفن الذي يعكس شخصيتها وأفكارها وأسلوب حياتها وكذلك فلسفتها.