يطرح د.محمود نسيم في السطور القادمة تصورا فكريا وعمليا لتطوير عمل الهيئة العامة لقصور الثقافة، يشتمل علي رصد بعض مكونات وسمات الواقع الاجتماعي والثقافي الآن، والاكثر اتصالا بعمل الهيئة وطبيعتها، علي رأسها: صعود التيارات الدينية وانتشارها الكثيف في حركة الناس وانعكاس ذلك في تكوين بيئة مضادة للحريات وإشاعة مناخات متطرفة ومعادية للثقافة، وعصر الجماهير الغفيرة ، بتعبير جلال أمين، والتزايد المتنامي والمتسع في أعداد الكتاب والمبدعين والمشتغلين بالثقافة، وانتفاء ثنائية المركز والأطراف، وانتشار وسائل الاتصال الحديثة والانتقال إلي مجتمع المعرفة. بالطبع دون أن يغفل الوضع الراهن للهيئة بمستوياته الإدارية والتنظيمية والفكرية واتصال ذلك بتراثها الثقافي وامتدادها التاريخي، وكذلك بأفاق التطوير الممكنة لها. لكي نضع تصورا فكريا وعمليا معاً للهيئة العامة لقصور الثقافة في وضعيتها الراهنة، فإننا يجب ابتداء أن نرتكز علي نقطتين أساسيتين هما: 1- السياق الثقافي والاجتماعي القائم الآن بكل ما يتماوج فيه ويتفاعل من تيارات فكرية وصراعات اجتماعية حادة تحمل كلها المعالم الأساسية لمراحل الانتقال التي نعيش الآن وعودها الممكنة وثقلها المأساوي ، من هنا فإن رصد بعض السمات الأساسية الفاعلة في السياقات الثقافية والاجتماعية عمل أساسي في تصوري لأن تلك السياقات تشكل الإطار المنظم للهيئة، وتشكل كذلك الأرض المتحركة لها والبنية المهيمنة عليها والقياسات التي نستند عليها في تقييم دورها وفعالياتها بل ضرورة وجودها ذاته. 2- الوضع الراهن للهيئة بمستوياته الإدارية والتنظيمية والفكرية واتصال ذلك بتراثها الثقافي وامتدادها التاريخي ، وكذلك بآفاق التطوير الممكنة لها، وذلك لأن أي طموح لاستعادة دور الهيئة المركزي في الواقع الثقافي الراهن وأي تصورات لتطويرها، لا يمكن أن تكون ممكنة وعملية إذا تجاوزنا وضعها الراهن وتراثها النوعي وتاريخها الممتد عبر عقود متصلة وممكنات التطور في هياكلها الإدارية وخبرات كوادرها والعاملين فيها والطاقة المحركة للكتاب والمثقفين والمبدعين المتعاملين معها والمتواصلين مع أنشطتها ومواقعها. مع هاتين النقطتين ، فإنني أود إضافة توصيف مجمل للهيئة من زاويتين : الأولي يمكن أن نستعير لتوضيحها النظام التعليمي في مصر الذي يدرج التعليم في مرحلتين، الأساسية والإلزامية ، ثم التعليم المتخصص والنوعي بعد ذلك ، وفي تصوري فإن الهيئة في المجال الثقافي هي مرحلة الثقافة الأساسية والإلزامية، هي التي تسهم بشكل فاعل في بناء الأساسات الأولي للتكوين الثقافي للمبدعين والمهتمين بحركة الأفكار والإبداع في المواقع المختلفة، علي هذا الأساس، وتلك هي الزاوية الثانية والمجملة، فإن الهيئة لا يمكن أن تكون نخبوية تتحرك في إطار ما يسمي بالنخبة أو الصفوة أو الطليعة، قد يكون ذلك ملائماً للمجلس الأعلي للثقافة أو حتي لهيئة الكتاب، أما بالنسبة للثقافة الجماهيرية التي هي التسمية الأم والأولي والأساسية لهيئة قصور الثقافة ، فإن سياستها وبرامجها يجب أن تكون كاسمها جماهيرية متصلة بواقع الناس، تكوينا واحتياجا وحركة. أضيف إلي هاتين الزاويتين أن الهيئة غنية بكوادرها البشرية ومواردها الذاتية ومواقعها المنتشرة ، المشكلة في المنظومة الفكرية والإدارية التي تدير آلتها الضخمة ، وهو ما يحتم إعطاء الأولوية المطلقة لكوادرها والعاملين فيها وخاصة عناصرها الشابة من حيث شغل المواقع والإدارات والمناصب فيها ، والتدريب المستمر، والإطار المالي العادل والمناسب ، والدافعية للعمل والطموح وتحقيق الذات. تلك نقطة أولي وأساسية، فبدون التركيز علي العامل البشري، فإن الموقع حتي لو امتلك أرقي التجهيزات وأدق التقنيات يظل إطارا جامدا ، فما يعطيه الحركة والفاعلية هو فاعل النشاط ، العامل البشري ، موظفو الهيئة والعاملون فيها، ولكي نطلب منهم تطوير العمل وتحقيق الأهداف المطلوبة ، لابد أن يشعروا أنهم في إطار نظام إداري ومالي يؤكد الحقوق ويستجيب لها. مع ضرورة أساسية وهي تكوين صف ثان وثالث بل رابع من القيادات بشكل منظم ومستمر وإطار مالي وإداري مناسب. يتصل ذلك كله ، كما أشرت ، بنقطتين هما الواقع الثقافي الذي تتحرك الهيئة في سياقه ، وكذلك الوضع الراهن لها، وهو ما أرصده الآن. أولا: في إطار النقطة الأولي والخاصة برصد مكونات الواقع الاجتماعي والثقافي وحركته المتحولة، فإنني أركز هنا فقط علي ما أراه متصلا بعمل الهيئة ومرتبطا بطبيعتها ودورها، وبالتالي أبدأ بتوصيف مجمل لأربع نقاط: النقطة الأولي: صعود التيارات الدينية بتكويناتها المختلفة وأطرها التنظيمية ومرتكزاتها الفكرية المتعددة ، والانتشار الكثيف لها في هياكل المجتمع وجذوره وانعكاس ذلك في تكوين بيئة مضادة للحريات بشكل عام والفكرية والفنية علي نحو خاص وإشاعة مناخات متطرفة تمتد صانعة أشكالا من العنف المنظم والعشوائي وإرهاب العقل المصري واعتقاله في صيغ مغلقة. وفي تصوري فإن أي تخطيط لسياسات الهيئة وأي إدارة مبصرة تمتلك الضمير الحي والرؤية المسئولة لا يمكن أن تتجاهل تصاعد هذه التيارات وانتشارها في حركة الناس وبيئة عملهم وأماكن معيشتهم خاصة في العشوائيات والقري والمدن الصغيرة. في بداية التسعينات وحتي ما يتجاوز منتصفها بقليل وفي مناخات عنف مماثل لما هو حادث الآن، حاولت وزارة الثقافة بهيئاتها الأساسية (قصور الثقافة ذ هيئة الكتاب ذ المجلس الأعلي للثقافة) أن تكون طرفا في المواجهة ورقما فاعلا في الصراع الدائر، فأصدرت بشكل دوري ومنتظم سلسلة لنشر تراث التنوير أسمتها "المواجهة" تطورت بعد ذلك إلي "القراءة للجميع" ثم "مكتبة الأسرة". صاحب إصدار السلسلة كما لعلنا نذكر جميعا عدداً من الفعاليات المتمثلة في الندوات والمؤتمرات واللقاءات الفكرية بل المهرجانات كذلك، انتهي ذلك كله وانفض وانزوي رغم أهمية الإصدارات قطعا، فأنا أتحدث عن الأثر والفاعلية والاشتباك الفاعل لا في عقول ما يسمي بالنخبة فقط وإنما في الواقع المعاش للناس. بجملة مختصرة، انطلقت الوزارة ومعها الهيئة من تصور نخبوي يري أن نشر التراث الفكري المضاد للمعتقدات الموروثة لهذه التيارات يمكن أن يغير شروط وجودها وتصاعدها، وقد تأكد العكس تماما وثبت النقيض ، فقد تنامت تلك التيارات وتغلغلت في الهياكل والجذور لأن استجابات الناس لا ترتبط فقط بالإقناع والمنطق الفكري وإنما بالضرورات المعيشية والمتطلبات الأولي لهم. أخلص من ذلك إلي أن الاشتباك الفكري والثقافي، والهيئة واحدة من التجسدات الأساسية لهذا الاشتباك، يجب أن يتجاوز التصور النخبوي والتخطيط الفوقي ، إلي ما أراه ممكنا ولازما في التعامل الثقافي مع هذه القضية الشائكة، وأركز عليه مجملا في نقطة أساسية وهي ضرورة تجاوز فكرة النخبة والصفوة بكل ما يرتبط بها من تصورات مثل المرسل والمتلقي ، النخبة والجمهور، فكل هذه التصورات تجاوزها الواقع تماما وتخطاها بل طواها، ولذلك يجب استحداث أشكال وصيغ خاصة في مجالات الصورة والعرض والعمل الجماعي (المسرح) وفي الإصدارات الفكرية (سلاسل النشر) وفي اللقاءات والحوارات الحية (الثقافة العامة وغيرها) ، ترتكز علي إعادة تأسيس الأفكار المضادة لهذه التيارات في الواقع اليومي لحركة الناس من خلال آليات التحاور لا الرفض ، التفاعل لا الصراع، أنا هنا أتحدث عن الناس العاديين المندرجين في إطار هذه التيارات والأفكار من أجل إيجاد صيغة متوازنة لا تقوم علي استبعادهم ورفضهم والتعامل مع ما هو مستقر لديهم وثابت وتحريك ذلك نسبيا إلي تصورات مغايرة، سأستدل بأمثلة توضيحية، الشائع الآن هو تراجع مفهوم الوطن لحساب فكرة الأمة الكلية المتجاوزة حدود الجغرافيا وخصوصيات الجماعة القومية، والارتكاز علي الاعتقاد لا المواطنة، والإجماع لا التعدد، والانضواء في إطار المسلمات التراثية لا فعالية الوجود الذاتي الحر، هذه التصورات وغيرها تشكل الآن المناخات الفكرية والاجتماعية والسلوكية المحيطة بالهيئة والمؤثرة عليها، والسؤال الأساسي هو : هل نتجاهل هذه المعوقات ونتقافز علي هذه الصعوبات ونجلس خلف المكاتب ونسقط عليهم كتبا وعروضا وأفكارا نخبوية وفوقية، أم نقف علي الأرض ونأخذ البداية الصحيحة والضرورية، وننتج أشكالا فنية وثقافية مرتبطة بهذه القضايا والمخاطر والإشكاليات، علي الأقل في جزء أساسي من عمل الهيئة وتوجهاتها وخططها السنوية، فيكون جزء من عروض المسرح وفعالياته مرتبطا بها وكذلك النشر وغير ذلك. النقطة الثانية: منذ منتصف الثمانينيات أخذت تبزغ في الثقافة المصرية ظاهرة لافتة تمثلت في الظهور المتنامي لأعداد متزايدة من الكتاب والمبدعين بدأوا يقدمون إنتاجهم باتساع وغزارة في مجالات إبداعية مختلفة. شملت الرواية والشعر والمسرح والنقد ، واتسعت متجاوزة تركيز الكتابة في العاصمة والمراكز وامتدت إلي مناطق جغرافية نائية وقصية، مع هذا التنامي المتصاعد في أعداد الكتاب والمبدعين والاتساع الجغرافي لحركتهم وتواجدهم، تكون ما يمكن أن نسميه "انفجار الكتابة والإبداع" هذا الانفجار يتمثل الآن في وجود زخم كثيف لحركة الكتابة وأعداد المبدعين (أكثر من مئة فرقة مسرحية ومئتي وخمسين ناديا مسرحيا ،ً وهذا استدلال لا حصر من مجال المسرح " إلي جانب أعداد كبيرة من النصوص الروائية والشعرية والمسرحية مدرجة في قوائم النشر أو مؤجلة في كشوف لجان القراءة أو منتظرة علي عتبات المطابع في طابور ممتد لا يتناقص مع طباعة أعداد منها ولا يقل مع سأم الانتظار. هذا الكم الهائل والمتزايد من المبدعين والكتاب بتعاقب أجيالهم المختلفة، يفرض بشكل حتمي آليات العمل الثقافي الملائمة له، فمصر الآن في كل مجالاتها تقريباً تعيش ما أسماه "جلال أمين" عصر الجماهير الغفيرة. وهذا يستدعي تحولا نوعيا في مفاهيم العمل الثقافي وفي عمل الهيئة وحركتها بحيث تستوعب هذا الزخم الخلاق والمتنوع ، وتتيح المجال جامعا لتلك الحركة المتزايدة ومتفاعلا معها. النقطة الثالثة: انتفاء ثنائية المركز والأطراف التي طالما هيمنت علي السياسات الثقافية علي مدار العقود الماضية متصلة ومتأثرة ببنية النظام السياسي والنسق المعرفي السائد، ولا أريد الآن التدخل التفصيلي مع تلك القضية المرتبطة بالأبنية المعرفية التراثية والمهيمنة والأنظمة السياسية العربية في مرحلة ما بعد الاستعمار والتحرر الوطني، فقط أشير إلي أن الهياكل الإدارية والتنظيمية للهيئة ظلت متأثرة بتلك الثنائية تنميها وتؤكدها في مرحلة، وتجترها وتستهلكها في استنساخ آلي في مراحل أخري امتدت واتصلت ربما حتي الآن. وفق تلك الثنائية ، فإن الخطط والبرامج والمشاريع والقرارات تصاغ كلها في الإدارات المركزية التي تتبعها إدارات عامة متصلة بنوعية النشاط (المسرح الفنون التشكيلية السينما الفنون الشعبية النشر) أو بفاعل النشاط ومتلقيه (المرأة الطفل العمال الشباب) فيما تلقي تبعات التنفيذ علي الإدارات القائمة في المحافظات والأقاليم. وكما نعلم، فإن تحولات جذرية تراكمت علي المستويات الاجتماعية والثقافية والسياسية أفضت إلي نقض تلك الثنائية وتخطيها ، ومن هنا تكونت المفارقة المؤسية والهزلية معا، وأعني انتهاء المرحلة وبقاء هياكلها وأنظمتها الإدارية ، فالواقع العملي يؤكد انتفاء العلاقة الخطية بين بؤرة تمثل المركز ومحيط متعدد ومتناثر يكون الأطراف، بل لم تعد تلك الثنائية حتي علي المستوي اللغوي قائمة ، فلا وجود تابع لأطراف أو هيمنة لمركز. وأي نظرة مجملة أو خبرة اتصال وتعامل عملي مع مواقع الهيئة في الأقاليم المختلفة تؤكد امتلاءها وازدحامها بحركة المعرفة والتدفق الإبداعي والثقافي وامتلاكها لوسائل الاتصال وأدوات العصر الحديث، ولم تعد بالتالي منتظرة من القاهرة إرسال قافلة تنوير أو مثقف ناقل للمعرفة ومبدع حامل للخطاب ومرسل للأفكار، ولم تعد الأقاليم متلقية وتابعة بل منتجة ومتفاعلة. لا يحتاج الأمر في تقديري إلي استدلال أو برهان، ولكني فقط أشير تأكيدا وتوضيحا إلي الإسكندرية وغيرها من المواقع مثل المنصورة والمنيا والزقازيق وبورسعيد التي تمتلك حركة مسرح في الفرق والمواقع وتحديدا في نوادي المسرح بما يتجاوز القاهرة. تمتلك هذه الحركة مبدعيها ونقادها ومخططي برامجها، فكيف يظل التعامل معها قائما علي اعتبارها متلقية لإرسال ثقافي ومعرفي قادم من مركز متوهم تجاوزه الواقع وتخطته الحركة، ولكنه يظل قائما ، راسخا ومتماسكا في بنية الهيئة الإدارية ونظامها المالي والفكري ، وهو ما يجب تغييره والانتقال خارج تلك الثنائية إلي التفاعل مع المكونات الثقافية المتعددة للمواقع بحيث تكون البرامج والمشاريع والخطط موضوعة مع مبدعيها ومثقفيها والمشتغلين بالعمل الثقافي بها وليس فقط لهم. الموقع المشارك لا المتلقي ، المكون لا التابع، المتفاعل لا المنتظر، هو ما يجب أن تكون عليه صيغة المواقع الثقافية بالهيئة في المرحلة المقبلة من أجل وجود مراكز ثقافية متعددة متحاورة مع واقعها ومؤثرة فيه، ومن أجل صياغة علاقة صحيحة بين إدارات الهيئة المركزية وإداراتها في الأقاليم، وبينهم جميعا وبين المحيط الاجتماعي والثقافي للهيئة. في ختام تلك النقطة ، فإنني أود التأكيد علي أنها تختلف وإن تشابهت ظاهريا مع فكرة اللامركزية التي شاعت في الهيئة في مراحل معينة، فهذه اللامركزية اقتصرت علي حركة الأوراق الإدارية ونقلها من مقر الهيئة الأساسي في القاهرة إلي رفوف وأدراج ومكاتب المواقع في المراكز والأقاليم، وهو ما لا أعنيه هنا ولا أقصده، فأنا لا أتحدث عن مركز يتخلي عن بعض أوراقه وأعبائه ويلقيها إلي أطرافه التابعة، وإنما عن جهد منظم ومتواصل من أجل الانتقال بالهيئة، كما أوضحت ، إلي تصور فكري وإداري مغاير، واستحداث مراكز ثقافية في المواقع المختلفة، فاعلة ومؤثرة. النقطة الرابعة: انتشار وسائل الاتصال الحديثة وظهور العوالم الرقمية والفضاء الألكتروني بكل ما يفرضه ذلك من ضرورات أهمها ربط الهيئة بالعصر واستحداث هياكل ونظم إدارية مرتبطة بتلك التغيرات، وأنا أعلم أن جزءا من ذلك يحدث الآن، وتلك نقطة بدء صحيحة ، يمكن التراكم عليها وتفعيلها وتطويرها بحيث تكون الهيئة ، إداريا وتنظيميا وفكريا، جزءا متصلا بالعصر مستوعبا لوسائله وأدواته وتحولاته التقنية والعلمية، إن التكنولوجيا لا الأيديولوجيا هي التي تصنع التحولات الآن، وهي التي تكون آفاق الحركة للمجتمعات الحديثة، ولا يمكن أن تبقي الهيئة قابعة بشكل ذيلي في مناخات العوالم والطرق القديمة، بل يجب أيا كانت الصعوبات أن تكون جزءا من ثقافة عصرها وصوره الحديثة علي المستوي الإداري وأيضا علي المستوي التقني والثقافي معاً. ألخص الآن النقاط السابقة التي حاولت عبرها رصد ما رأيته متصلا بطبيعة الهيئة وعملها من مكونات الواقع الاجتماعي والثقافي المحيط بها والمؤثر عليها، وهو ما ألخصه مجملا في: 1- صعود التيارات الدينية وأنماط سلوكها وإطارها المعرفي والعقائدي الذي يشكل الآن مناخا ضاغطا يجب علي الهيئة إيجاد صيغة فكرية وعملية للتفاعل معه والتأثير عليه واحتوائه ونشر وتأسيس تصورات وإجراءات تنفيذية مضادة لحركته المتطرفة. 2- انفجار الكتابة والإبداع ودخول الثقافة والمجتمع في عصر الجماهير الغفيرة لا النخب الفوقية والأعداد المحدودة ، بكل ما يفرضه ذلك أيضا من ضرورة إيجاد أشكال وصيغ ثقافية تستوعب حركة الكم وتدافع الكثرة وليس الانحسار في أسماء وأوضاع مكرسة ومهيمنة إعلاميا تسعي إلي اختزال الثقافة والكتابة والإبداع الفني والفكري في أطرها الضيقة. 3- ثنائية المركز والأطراف التي تصوغ الهيكل الإداري للهيئة وتؤطر عملها حتي الآن، وضرورة تجاوز ذلك إلي صيغ فكرية وإدارية مختلفة قائمة علي التعدد لا الثنائية الخطية بين مركز وأطراف بما يفرضه ذلك من تغيير صيغة قصور الثقافة وبيوتها إلي صيغة المراكز الثقافية. 4- انتشار وسائل الاتصال الحديثة التي تحتم ضرورة استحداث صيغ وأنظمة إدارية ومعرفية متصلة بالعصر ومتجاوبة مع تحولاته، مما يجعل المؤسسة الثقافية جزءا من عصرها، مستوعبة تقنياته وليست مغتربة عن أدواته. ثانيا: بعد هذا الرصد المجمل لبعض مكونات واقعنا الثقافي والاجتماعي الراهن، انتقل الآن إلي رصد الوضعية الراهنة للهيئة والذي يشمل المواقع والأبنية والتجهيزات ، الكوادر البشرية، الهيكل الإداري والصيغ التنفيذية والثقافية. وهنا ذ ابتداء ذ تجب الإشارة إلي أن الهيئة استطاعت أن تحقق إضافات كيفية للعمل الثقافي في الأقاليم المختلفة في مجالات متعددة، أخص منها، استدلالا وليس حصرا، المسرح والنشر، فقد تكونت في الواقع المسرحي الإقليمي خبرات وطاقات وأشكال وحركة أجيال متعاقبة شكلت ما نعتبره جميعاً واحدة من التجارب الأساسية في المسرح المصري ، وحتي بعد فجيعة احتراق مسرح بني سويف ومناخاته الكارثية التي لا زلنا نذكرها حتي الآن، فإن الحركة المسرحية الإقليمية استطاعت بقوتها الكامنة وطاقاتها المتجددة أن تستعيد وجودها بل أن تتجدد وتتطور، وكذلك في النشر، قدمت الهيئة إسهاما أساسيا في التنوع والاختيار، وأضافت سلاسل لا يمكن إغفال قيمتها وتأثيرها مثل الذخائر وذاكرة الكتابة وآفاق عالمية وأصوات أدبية وكتابات نقدية وغيرها. هذا ليس حصرا كما أشرت لمجالات الإضافة والتأثير وقيمة النشاط النوعي للهيئة ، ولكنه استدلال فقط من خلال النشاطين الأساسيين للهيئة ، المسرح والنشر، وهما فضلا عن أنشطة أخري ما يجعل تحية تقدير للقيادات التي توالت علي رئاسة الهيئة وإداراتها ضرورية بل واجبة، إنصافا لجهد اتصل وامتد. ما أود توضيحه بتلك الإشارة إلي بعض الإسهامات البارزة للهيئة هو تأكيد أننا لا نبدأ من نقاط صفرية ولا نتحرك بعيدا عن منجزات وتواريخ مشهودة ومقدرة ، وذلك رغم ما نلاحظه جميعا من تراجع نسبي لدور الهيئة وأدائها الثقافي العام، فهذا في النهاية هو ما يجعل من تطويرها ضرورة ومن تغيير أنماطها الثقافية وبرامجها التنفيذية عملا لازما وحتميا. واقع الهيئة الآن يشمل ، كما أوضحت سابقا، المواقع والأبنية التي تشمل القصور والبيوت والمكتبات، والعاملين والكوادر، والهيكل الإداري والصيغ التنفيذية والبرامج الفنية والثقافية، وكما نعلم فإن معظم المواقع تفتقد إلي الأساسيات اللازمة لأداء دورها ، وكما نعلم أيضا فإنه هناك خططا متدرجة في إطار الهيئة والوزارة بشكل عام لتطوير تلك المواقع وتحديثها، وهو ما يجب استكماله والتركيز عليه حتي تكون لدينا في الأقاليم المختلفة مواقع ثقافية قادرة علي أداء دورها وآمنة ، تلك مسألة لا خلاف عليها قطعا، ولكني أود التركيز علي العامل البشري الذي أري أنه الأساس في العمل الثقافي، الأبنية الجيدة والآمنة ضرورة، ولكنها إطار جامد بدون فعالية البشر وطاقتهم المحركة، هذا العامل تم تهميشه وتجاهل احتياجاته وخطط تطوره بشكل عام في مراحل سابقة مما نتج عنه عمالة فائضة رغم احتياجات المواقع والعمل الثقافي المتنوع، ومهمشة تمتلأ بها المكاتب وطرقات الأبنية دائرة مع الأوراق والمستندات دون أن تتخطي ذلك إلي مبرر وجودها بل مبرر وجود الهيئة ذاته، وأعني الفاعلية والتأثير والوجود والتفاعل مع المجتمعات المحيطة بالمواقع. ولهذا فإن تحولا ضروريا في طريقة التعامل الإداري والثقافي مع كوادر الهيئة وخبراتها والعاملين بها هو ما يجب التركيز عليه في المرحلة المقبلة، وتجاوز التصور النمطي الضيق لما يسمي بإدارات شؤون العاملين إلي الآفاق التي تتيحها المناهج والنظم الحديثة في التنمية البشرية، بحيث نتجاوز اقتصار العمل الإداري بالهيئة علي الجزاءات والترقيات والتسلسل الوظيفي علي ضرورة ذلك قطعا، إلي اكتساب مهارات العمل الجماعي وتنمية القدرات والحوافز والاستجابات والفعاليات وترسيخ قيم الطموح وتحقيق الذات والإضافة وغير ذلك من المجالات التي أصبحت تتيحها الآن نظم التنمية البشرية ومناهجها المتطورة. بجملة مختصرة، فرغم الأهمية البالغة لتطوير المواقع وتحديثها، فإن الجوهري فيما أتصور هو العامل البشري وتنمية قدراته وتطويرها مع وضع نظام إداري ومالي صحيح يتيح الترقي الوظيفي والإطار المالي المناسب والعادل للجميع، ومن هنا ضرورة تغيير إدارات شئون العاملين بإطارها الضيق إلي الآفاق المفتوحة للتنمية البشرية، وهو ما يمكن الاستعانة لتحقيقه بخبراء الإدارة والتنمية البشرية. ومن هنا ، يمكن التطوير التدريجي لنظم العمل بالهيئة استنادا إلي: 1- وضع قاعدة بيانات تشمل المواقع والعاملين والأنشطة بحيث تتأسس ذاكرة موثقة للهيئة علي المستويين الإداري والثقافي، فبدون قاعدة بيانات وذاكرة موثقة لا يمكن صنع تراكم في الخبرات ولا اتصال في التجارب وحركة الأجيال. 2- التنمية البشرية، وهو ما أشرت إليه سابقا ومتصلا بتغيير الصيغة الإدارية في الهيئة من شؤون عاملين إلي تنمية بشرية قائمة علي المهارات المكتسبة والدافعية للعمل وطموح الإنجاز وتحقيق الذات، وهذا يساعد حتما علي تحويل الأنشطة الورقية للهيئة إلي أنشطة فعلية. 3- خرائط الأزمات، بمعني وضع خرائط بشكل منهجي وعلمي للمواقع الأقل قدرة علي أداء مهامها سواء علي مستوي البناء والتجهيزات أو علي مستوي العنصر البشري ، بحيث نصل تدريجيا بها إلي الحد الذي يسمح لها بأداء وظائفها، وتلك نقطة أساسية، لأن الاهتمام يجب أن يبدأ بالموقع الأقل كفاءة وتنظيما لرفع مستواها الإداري والبشري وتحويلها من مجرد رقم إلي إدارات منتجة ، بحيث يمكن أن ننهي تدريجيا الفشل الوظيفي لكثير من مواقع الهيئة وبرامجها. 4- معايير الجودة وقياس الأداء الثقافي، بحيث تخضع الأنشطة كلها لمعايير الجودة وتكون قابلة لقياسات متعددة تسمح بمراجعة الأنشطة التي لا تؤدي وظيفتها وتأكيد وتطوير الأنشطة التي تمتلك القدرة علي التأثير والتفاعل في محيطها الاجتماعي والثقافي ، وبهذا ينتقل تقييم النشاط من مجرد أحكام قيمة ودرجات نهائية مثلما هو حادث في لجان المتابعة والتحكيم في المسرح إلي قياسات مستندة إلي الجودة وتحقيق الوظيفة، وتلك نقطة شائكة، لأن كثيرا من أنشطة الهيئة وبرامجها شكلية وصورية لأنها غير مستندة لمعايير وغير خاضعة لقياسات تختبر أداءها لوظائفها وتحقيقها لأهدافها ، فلا تحدث مراجعات للتقييم، ولا توقف ضروري لدراسة العائد الثقافي واختبار فعالياته. وهكذا ، لكي لا تكون الأنشطة دائرة في فراغات ومعلقة في أوراق مكتبية، يجب أن تعد استنادا إلي معايير وتنفذ في إطار قياسات علمية ومنهجية. 5- الإدارة بالأهداف ، ومجددا ، بدون وضع أهداف كلية للخطط والبرامج كل عام، ستظل إدارات الهيئة ومواقعها منفصلة ، كل إدارة مركزية أو عامة تعمل في إطارها الذاتي دون اتصال وتفاعل مع الإدارات الأخري وتظل الأنشطة كذلك جزئية ومبعثرة في مساراتها الخاصة ، وهو وضع يجب تجاوزه كليا، بحيث تعمل الإدارات كلها في منظومة واحدة متصلة، مع إدراك وتمييز لنوعية كل إدارة ونشاط، فهذا التنوع يعطي الهيئة طبيعة نوعية متميزة ، ولكنه يمكن أن يكون تنوعا شكليا إذا استمرت الإدارات في عملها منفصلة عن الأخري ومجتزأة عن السياق العام للهيئة، ويمكن أن يكون إضافة كيفية إذا انتظمت الإدارات رغم اختلافها النوعي في منظومة كلية تسعي لتحقيق أهداف موحدة. هذه الكلية في عمل الهيئة لا الانفصال والتجزؤ هو ما يمكن أن يصنع أفقا حقيقيا للتطوير بحيث يكون قياس العمل بالأهداف المطلوب تحقيقها، وفي تصوري ، فإن هذه النقطة يبررها ويحتمها الواقع المصري الراهن بكل تحولاته وفواجعه وطموحاته، فبدون أهداف متصلة بترسيخ قيم الثقافة الحديثة واحتياجات الناس وقضاياهم، سيصبح أي عمل هدرا للوقت والطاقة والجهد والمال أيضا ، وتصبح الهيئة مجرد دوران آلي يتحرك كل عام بلا أهداف تنظم الحركة وتحقق الغاية منها. 6- يرتبط بالنقاط السابقة كلها ، ضرورة إضافية وهي تحويل المواقع بإطاراتها الإدارية الموروثة (قصور بيوت مكتبات) إلي مراكز ثقافية متصلة بالبيئة المحيطة بها ومرتبطة بخصوصية المكان والموقع. إن الواقع الاجتماعي والثقافي تغير جذريا ولم يحدث تحول مواكب أو مصاحب في الهيكل الإداري للهيئة، فظلت المواقع ملحقة بإدارات مركزية في القاهرة ومرتبطة بها وفق نظام المركز والأطراف، وهو ما يجب تجاوزه الآن إلي فكرة المركز الثقافي الذي يعد برامجه وخططه اتصالا بالموقع ذاته وليس بالمركز وارتباطا بحركة الناس في المكان وليس بآلية اتخاذ القرار في العاصمة. والأساس في المركز الثقافي أن يستند إلي وحدتين: أ- وحدة الأبحاث ، ب-وحدة التدريب. الوحدة الأولي تصل النشاط الثقافي بالمكان وتربطه بالمحيط الاجتماعي وفق دراسات واستطلاعات الرأي وطرق البحث الاجتماعي المعروفة بحيث يستند المركز الثقافي قدر الإمكان إلي معرفة لازمة بالمكونات الأساسية لمتلقي الخدمة الثقافية والمتفاعل معها، الوحدة الثانية تختص بالتدريب المستمر وفق برامج دائمة وليست موسمية لمرتادي المركز من المبدعين الشباب في المجالات المختلفة (مسرح أدب فن تشكيلي، وغير ذلك). وهكذا يمكن تجاوز الثنائيات (العاصمة ، المواقع المرسل ، المتلقي) إلي نوع من التعدد والتأثير والتأثر بشكل تفاعلي حيث لا يكون هناك إرسال خطي يمتد من مركز متوهم إلي أطرافه التابعة. إننا ندرك جميعا وتلك نقطة ختامية هنا الصعوبات والمعوقات في الواقع العملي ، ومن هنا ضرورة الإطار التدريجي والخطوات المتسلسلة لإحداث هذه الانتقالات في صورتها الإدارية والفكرية. وبشكل مجمل ، فإنني ألخص النقاط التي أوردتها فيما يخص الوضع الراهن للهيئة وممكنات تطوره يما يلي: وضع قاعدة بيانات تشمل المواقع والعناصر البشرية والموارد والبرامج بحيث تتأسس ذاكرة توثيقية يمكن البناء عليها. إحلال مناهج وطرق وأساليب التنمية البشرية تدريجيا كبديل لإدارات شؤون العاملين النمطية. خرائط الأزمات ، بحيث نبدأ بالمواقع الأقل تجهيزا وكوادر من أجل تنمية إمكاناتها لتصبح قادرة علي أداء وظائفها. معايير الجودة والقياس الثقافي بحيث تخضع الأنشطة لقواعد ومعايير منظمة وقياسات الأداء والنتائج. الإدارة بالأهداف، فمع تأكيد خصوصية كل نشاط وتميز كل إدارة، فإن وجود أهداف كلية وعامة للبرامج والأنشطة يجعلها إدارات وأنشطة متناغمة ومتجانسة وليست منفصلة عن بعضها ومجزأة. الإنشاء التدريجي لمراكز ثقافية بالأقاليم متنوعة الأنشطة والفعاليات ومرتبطة بشكل وثيق بالمكان ومحيطها الثقافي مع التركيز علي وحدتين خاصتين بالرصد الميداني لظواهر المكان الاجتماعية والمعرفية، مع وحدة تدريب دائم ومتصل باحتياجات وقدرات ومهارات مرتادي المركز والمتعاملين معه. ثالثا: خطة وسياسة العمل: اتصالا بالنقاط السابقة ، تتأكد ضرورة انتقال إدارة الهيئة من المنهج الحالي المستند إلي فكرة الموسم الثقافي في المجالات المختلفة (المسرح النشر) الثقافة العامة الفنون الشعبية ..... وغير ذلك) إلي الإدارة بالأهداف ، وفق المنهج الأول القائم الآن يتم إعداد برامج وخطط وأنشطة علي مستوي المركز في القاهرة وعلي مستوي الأقاليم والفروع في المحافظات، ولكن المنهج الثاني يعتمد علي تصور مختلف وذلك بوضع مجموعة من الأهداف المرتبطة بالمشروع الثقافي للهيئة، ويتم وضع البرامج والخطط وفقا لتلك الأهداف المحددة، ويتم أيضا تقويم الأداء والكفاءات البشرية وفقا لذلك، كما أن هذا المنهج أي الإدارة بالأهداف سيجعل إدارات الهيئة ومواقعها كلا منسجما ومتجانسا، كل موقع يقوم بأنشطته السنوية وفق برنامج وتصور، وكل إدارة تؤدي عملها وفق أهداف مشتركة مع الإدارات الأخري ، وليس ، كما هو حادث الآن، مواقع منفصلة وإدارات متباعدة لا تعرف الواحدة عن الأخري شيئا. رابعا: البرنامج التنفيذي وضبط النظام الإداري: يمكن تكوين مجلس تنفيذي يترأسه رئيس الهيئة ويتكون من رؤساء الإدارات المركزية والأقاليم ومديري العموم والفروع (أو مجموعة مختارة منهم) يجتمع مرة كل شهرين لتقويم العمل التنفيذي بالهيئة والتنسيق بين الإدارات والمواقع والحل الفوري المباشر للإشكاليات التي تعوق الأداء وتنفيذ الخطة ، وذلك وفق التصور السابق الذي يضع أهدافا كلية للهيئة، وعلي الإدارات والفروع أن تعمل وفق تلك الأهداف من خلال طبيعة نشاطاتها الخاصة، بمعني عدم انفصال الإدارات في التخطيط والتنفيذ عن بعضها البعض. وكمثال توضيحي: يمكن وضع برامج الندوات الأدبية والنقدية التابعة للثقافة العامة وفقا لإصدارات إدارة النشر، فتقام ندوات نقدية في الفروع المختلفة لمناقشة ديوان شعري أو مجموعة قصصية أو كتاب نقدي صادر عن الهيئة، مما يحقق رواجا للإصدارات وتفعيلها في الحركة الثقافية، ويمكن وضع خطة إدارة المسرح أو جزء منها علي الأقل وفق الأهداف العامة للهيئة، فيتم صياغة تجارب مسرحية تستلهم تاريخ الاتجاهات التنويرية ورؤاها وشخصياتها، وغير ذلك. وهكذا عبر الانتقال الكيفي في عمل الهيئة إلي الإدارة بالأهداف، مع وضع تصور كلي لعمل الإدارات والفروع وإنشاء مجلس تنفيذي ذي طبيعة إجرائية وعملية، يمكن صياغة مشروع ثقافي للهيئة وتفعيل دورها التنويري، فكرا وممارسة. وفي إطار البرنامج التنفيذي ، يمكن طرح عدد من التصورات في نقاط مجملة هي: في مجال المسرح: تأسيس ورش ومعامل مسرحية قائمة علي منهج علمي في عدد من المواقع يتم اختيارها بشكل مدروس، ويمكن البدء بثلاثة معامل أو ورش، تختص كل منها بجانب معين من جوانب العمل المسرحي (الارتجال مسرحة الحكاية أو التاريخ، تقنيات الممثل.. وغير ذلك) وتعمل الورشة علي مدار العام بشكل منظم ومنهجي قائم علي تراكم الخبرات وتفاعلها وتحاورها مع الواقع الاجتماعي المحيط بها. وتنتج تلك الورش عروضا مرتبطة بالجزئية التي تعمل عليها وتبحثها وتستقصي أبعادها المختلفة ، بحيث يصبح لدينا ظواهر مسرحية مدروسة قادرة علي التحاور الإبداعي مع واقعها . وقابلة لانتقال الخبرة وتفاعلها. الخروج في جزء أساسي من الخطة من مسرح الأماكن المغلقة (مسرح العلبة الإيطالي القاعات) إلي مسرح الأماكن المفتوحة والمتعددة. تطوير مسارح الهيئة وقاعات العروض بها علي نحو يجعل العرض المسرحي متقنا وآمنا في الوقت نفسه، وتلك النقطة ينعقد عليها الإجماع الآن، بحيث لا يقتصر ذلك التطوير علي المكان والمنشآت وإنما يمتد إلي البشر والكفاءات المهنية، فتعقد لهم دورات تدريبية علي كيفية التشغيل الأمن والمتقن للمسرح (الإضاءة المؤثرات الصوتية، السينوغرافيا تنظيم المشاهدة ذ وغير ذلك). وضع الحركة المسرحية الإقليمية في إطار إعلامي يتيح للحركة الثقافية معرفتها والتجاوب معها. إنشاء وحدة أبحاث مسرحية يتوفر لها مجموعة من الباحثين والمبدعين، تبحث بشكل علمي ظواهر المسرح الإقليمي ومشاكله وآفاق تطويره، وذلك عبر أشكال مختلفة (أبحاث ندوات مصغرة) قياس الاستجابات المختلفة للمسرح... وغير ذلك) لأن هناك ضرورة للانتقال بالعمل المسرحي من وضعيته الراهنة إلي التخطيط العلمي المبني علي قاعدة بيانات ومعلومات موثقة ودراسات استرشادية. تطوير قاعة منف لأنها المكان المسرحي الوحيد الآن للهيئة في القاهرة، وهي بموقعها والإمكانات البشرية العاملة بها يمكن أن تكون نشاطا مسرحيا هاما في العاصمة. تأسيس وحدات تدريبية في الأقاليم تختص بإعداد برامج وخطط لتقويم العاملين وتطوير خبراتهم المهنية، مما يكسر المركزية ويحقق التحديث الدائم لآليات العمل. في النشر: يجب الاهتمام أكثر بالمجلة والنشرة بحيث يصبح لكل محافظة مجلة تستوعب حركة الكتابة في المجالات المختلفة (الشعر، القصة ، الرواية ، النقد ، المسرح) ويكون لكل قصر أو بيت نشرة دورية تؤدي الوظيفة ذاتها، أي استيعاب حركة الكتابة في محيط الموقع واجتذاب الأدباء والنقاد الشباب بحيث تصبح الهيئة هي الأرض الأساسية لحركتهم وتواجدهم. وضع تصور مختلف لسياسة النشر بالهيئة بحيث يكون هناك تصور كلي وعام لجميع السلاسل، مع إعادة النظر في تقسيم سياسة النشر إلي مركزي وإقليمي باعتبار أن النشر خاضع لسياسة واحدة في الهيئة. إيجاد روابط عمل قائمة علي تبادل الخبرات والأنشطة مع الجامعات، النقابات، منظمات العمل المدني. توظيف التطور الهائل في مجال ثورة المعلومات والنشر الرقمي لتوصيل الفعاليات والمنجزات الثقافية والفنية للهيئة وترويجها عبر إتاحتها في تلك الوسائط الحديثة. إنشاء مجلس استشاري لكل فرع ثقافي يضم عدداً من المثقفين للمساهمة في التخطيط للأنشطة وتقويمها ، بالإضافة إلي تشكيل مجلس استشاري مركزي. إنشاء صناديق اقتصادية خاصة بالمحافظات تتلقي مساهمات المواطنين ورجال الأعمال لدعم الأنشطة الثقافية والفنية في مختلف المواقع. تنشيط دور جمعيات الرواد في المحافظات والجمعية المركزية وكذلك جمعية أصدقاء قصور الثقافة. تأسيس مركز دراسات خاص بمفهوم الثقافة الجماهيرية واختلافها عن الثقافة الشعبية والثقافة الرسمية، ويدرس هذا المركز البيانات الثقافية المختلفة وتنوعها الجغرافي والبشري والتاريخي وأنماط استجابتها للفنون وتلقيها للثقافة، بحيث يصبح التخطيط للأنشطة مستندا إلي قاعدة بيانات ودراسات علمية ومفاهيم إجرائية، تراعي الخصوصيات الثقافية للمواقع والأقاليم. تطوير الأزياء الشعبية للفرق الفنية باعتبارها تعبيرا عن الخصوصية القومية وتأكيدا علي التنوع الجمالي النابع من التعددية الثقافية للأقاليم المختلفة. في إطار تفعيل الدور الثقافي للهيئة وضبط هيكلها الإداري بحيث يصبح قادراً علي الاستجابة لمتطلبات العمل الثقافي والفني، يمكن اتخاذ الإجراءات الآتية: تفعيل إدارة القياس الثقافي بحيث تختص هذه الوحدة بالقيام بقياس معدل الأنشطة الثقافية والفنية وتقييمها لتساعد علي تعظيم دور هذه الأنشطة وتقويم السلبيات أولا بأول وقياس استجابة الجمهور من خلال شرائحه المختلفة عن طريق استبيان شامل لمناطق التفاعل واستقبال الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة. تنشأ وحدة إدارية تسمي مركز التسجيل المرئي والسمعي وتختص هذه الوحدة بتسجيل جميع العروض المسرحية والفنون الشعبية بالأسلوب التقني العلمي والحرفي وتصميم برنامج لهذه التسجيلات ليحول إلي (V.H.S D.V.D CD) ليساعد في التطوير بما يتلاءم مع احتياجات المسرح أو السينما أو عروض الفنون الشعبية. تنشأ وحدة إدارية تسمي مركز الرسوم المتحركة وتختص هذه الوحدة بإنتاج الأفلام الخاصة بالطفل علي المستوي التعليمي والتثقيفي وبالتقنيات الحديثة والمتنوعة المتعارف عليها. تنشأ وحدة إدارية تسمي مركز تكنولوجيا المعلومات الثقافية والفنية وتختص هذه الوحدة بتحويل جميع المواد الموثقة والمرصودة ببنك المعلومات الثقافية والفنية ويحولها إلي منتجات V.H.S D.V.D CD) لعرضها في المنافذ الثقافية علي المستويات المحلية والعربية وأيضا مصاحبتها للأسابيع الثقافية. تنشأ وحدة إدارية تسمي مركز الفيديو كونفرانس وتختص هذه الوحدة بتحقيق الربط بين أقاليم مصر والمشاركة المباشرة في صناعة القرار والمداخلات الفكرية والثقافية وينفذ علي ثلاث مراحل كالتالي:- أ علي مستوي مواقع قيادات الأقاليم ب- علي مستوي مواقع القصور الرئيسية بالمحافظات. ج علي مستوي البيوت المجهزة. تنشأ وحدة ادارية تسمي بنك المعلومات الثقافية والفنية وتختص هذه الوحدة برصد وتوثيق الحركة الفنية والثقافية: المسرح - السينما ، الفنون الشعبية ،الأدب والشعر ، الحرف التقليدية ، الفنون التشكيلية). تنشأ وحدة إدارية تختص بتسويق منتجات الهيئة وتختص هذه الوحدة باتخاذ كافة الإجراءات الخاصة بتسويق منتجات الهيئة.