أكتب هنا عن المكتبات ودورها من وجهة نظري كناشرة وبائعة كتب. عندما بدأت من ثماني سنوات كنت أبحث بنفسي عن الناشرين والذين لم يكونوا بهذا العدد. آمنت أنني مكانٌ لتوزيع كتبهم، كتب الناشرين، منفذ لهم. كنت أقبل أي ناشر مهما كان حجمه أو اسمه أو عدد الكتب المنشورة لديه محكومةً بقيم تنحاز للإبداع والتنوير وتبتعد عن كتب الغيبيات والدجل. من هنا كنت أعمل ومازلت. قد يكون ما حدث بعدها وبشكل تلقائي هو انتقائي لكتب بعينها والتي فعلا تكرس للقيم التي نعمل من أجلها خاصة عندما تجدين بعض دور النشر تنشر عشرة أعمال كل شهر وبعد قراءة العينات تكتشفين الكارثة أن الكتب بها الكثير من الأخطاء الإملائية وتحتاج إلي العمل عليها قبل نشرها ناهيك عن الشكل النهائي الذي يخرج به الكتاب وأن الكاتب يتحمل في كثير من الأحيان تكلفة نشر كتابه. وقتها بدأنا نحرص وهذا في عدة دور قليلة أن ننتقي الكتب الجيدة. ثم بدأت تنتشر بعض المكتبات وبدأت الكتب خان للنشر. أكبر مشكلة حقيقية هي التوزيع لأن الناشر عليه القيام بكل الأعمال بما في ذلك التوزيع. أنا حريصة علي تواجد الكتب تقريبا في كل المكتبات المختصة ببيع الكتب. فالموضة الآن هي أن تفتح مقهي وبه خدمة إنترنت وتزينه ببعض الكتب علي الأرفف وتقول إننا مكتبة وهذا ليس صحيحاً، هي موضة فقط وتبقي المكتبة مكتبة والمقهي شيء آخر. أجد صعوبة في توزيع كتبي نعم، أجد صعوبة بدعوي أن القدرة الشرائية ضعيفة أو الأماكن داخل المكتبات مزدحمة أو أن الكتب قد لا تكون موجودة لأن هناك جرداً أو لأن الموظف لا يعرف أين يجد الكتاب علي الرف. ما ساعدني الي حد ما هو وجود فروع للكتب خان في المعادي وقريباً في وسط البلد، حتي أتخلص من السؤال الأبدي: أين أجد كتبك في وسط البلد؟ هل تتحكم المكتبات في انتشار كتاب معين؟ نعم. بعض المكتبات تفعل ذلك وفقط تسعي لبيع الكتاب الأكثر مبيعا مثلا وهذا بالتأكيد يؤثر علي الكتب الأخري الجيدة التي تستحق فرصتها. للأسف ليست هناك قواعد تنظم وتحكم العمل عندنا في مجال النشر والتوزيع ولا قواعد تنظمه بشكل واضح. أي ناشر من الممكن أن يتحكم في الموزع ونسبة الخصم وطريقة الدفع طالما معه كتاب يبيع والمكتبة تضطر أحيانا أن ترضخ لأن الكتاب لابد أن يكون موجودا حتي لو لم يحقق ربحية عالية. هناك الناشر الذي يبيع في مكتبته كتبه والتي هي الأكثر مبيعا ولمدة شهر قبل أن يوزع هذا الكتاب علي المكتبات الاخري وهناك الموزع الذي يجبرك علي أخذ نسبة خصم تصل إلي 40٪ حتي يسمح لك بالدخول في مكتبته أو يطلب منك عناوين بعينها لأسماء بعينها دون الاخرين. هل علي المبدع والكاتب أن يعمل علي تسويق نفسه ؟ أن يكون لديه معجبين وتابعين علي صفحته حتي يروج لنفسه ولكتابه؟وفي هذه الحالة، هل هو في حاجة الي ناشر ؟ هناك أسئلة لابد من الإجابة عليها بداية من تعريف "المكتبة" إلي دور الناشر الذي هو ليس مطبعة بالتأكيد ، إلي دور المكتبة في عصر الكتاب القادم ebook هذا العصر الذي نحن فيه. شخصيا أجد أن السوق يعمل الآن وفق صرعات في غياب حقيقي لدور نقدي وتحليلي للقائمين علي الشأن الثقافي ومؤسسات تتعامل مع الكتاب مثل مساحيق التجميل والمنظفات من حيث الميزانيات الضخمة للدعاية والإعلان والتي لو تم توجيها لفتح مكتبات في الأقاليم والقري لكان أفضل كثيرا. المكتبات دورها سوف يتغير ولابد أن تجد طرقا مختلفة لخدمة المنطقة التي تعمل بها، المكتبة لن تكون مكان لبيع الكتاب فقط ولكن عليها دور أكبر في ظل التغيرات التي تحدث الآن حتي تبقي. انتشار المكتبات وبقائها شيء ضروري وصحي ومتحضر. والكتب الجيدة سوف تبقي مهما حدث حولها من صراعات وموضات، الزمن فقط سوف يبرهن ذلك وتاريخ الكتاب حافل بمثل هذه القصص؛ البقاء دائما لقيم التنوير والخلق.