د.حسين حمودة، منتصر القفاش، هدرا جرجس، لنا عبد الرحمن ونهى محمود أقام برنامج الموسم الثقافي العربي بقسم الحضارة العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية، بالتعاون مع مؤسسة بايارد دودج، ندوة تحت عنوان "الكتابة الجديدة"، بالقاعة الشرقية في الجامعة الأمريكية السبت الماضي، ناقشت الندوة أشكال الكتابة الجديدة في ظل العولمة والفكر الحداثي وسيطرة التكنولوجيا بكل أشكالها، شارك فيها: د. لنا عبد الرحمن، والكتًّاب: منتصر القفاش، هدرا جرجس، نهي محمود، وأدارها د. حسين حمودة؛ الذي استهل الحديث مؤكدا علي أن الكتابة الجديدة لا تتعلق بجيل معين، حيث رفض مقولة "جيل بلا أساتذة" لأن الأجيال من وجهة نظره تعبر عن التواصل لا الانقطاع. بدأ الكاتب منتصر القفاش حديثه بعنوان الندوة ومصطلح "الكتابة الجديدة"، مشيرا إلي أنه ليس مستحدثا، فهو موجود في كل جيل، وكل كاتب لديه عائلة أدبية مستقلة، قال:"لابد أن ننظر إلي الكتابة بتياراتها لا بأجيالها، ولنتخطي صراع الأجيال بالتركيز علي الإبداع" واستشهد في ذلك بالكاتب إبراهيم عبد القادر المازني قائلا: "لقد كانت سخريته بمثابة منظور للحياة، مما جعل كتاباته تستمر، لقد كان يسخر من كل أشكال الكتابة حوله، ولا يرتبط بأسلوب معين". ولأن أسلوب منتصر القفاش ينتمي إلي هذه النوعية من الكتابة، فقد تحدث عن سماتها، فقال: "أهم ما يميز الكتابة الجديدة أن الكاتب يشرك القارئ معه، فهي محاولة للتخلص من أي شيء يقيد حرية الكاتب داخل السرد، فالسخرية دائما ما تحرر من يستخدمها من أي إلتزامات، ويجد حرية أكبر في التخلص من أي معوقات". د. لنا عبد الرحمن، تحدثت عن الرواية وتجربة الكتابة الجديدة في مصر ولبنان، موضحة أن المصطلح جديد بالفعل ولكن ذلك مرتبط بالتحديث، فقالت: "لا يمكن فصل الكتابة الجديدة عن الزمن وأيديولوجيته، فإيقاع الحياة وسرعتها كان له تأثير علي إيقاع الأدب والكتابة، فقديما كان الكاتب يسترسل في الوصف ولا يشعر القارئ بالملل، بينما اليوم، القراء يملون بسرعة، ولابد أن تواكب الرواية سرعة العصر". واستطردت عبد الرحمن متحدثة عن ظهور الموجات الجديدة في الكتابة: "في التسعينات ظهرت بمصر أشكال جديدة للكتابة بدأت تكسر الأشكال النمطية والتقليدية، وبدأت موجة تشكيك تدعو للتخلي عن أفكار كان الناس يعتبرونها مسلمات فيما قبل بالستينيات والسبعينيات، ونتج بعدها أيضا جيل جديد أكثر جرأة وتمردا، استخدم المدونات وحطم القيود، فظهرت كتابات تناولت العنف والجنس، كما خرج إبداع المرأة عن فكرة الندية مع الرجل، وأصبحت أكثر اتساعا وتحررا، فنجد ذلك مثلا في روايات كهدوء القتلة لطارق إمام، استقالة ملك الموت لصفاء النجار، ومؤخرا ظهرت الروايات البوليسية مثل الفيل الأزرق لأحمد مراد، فحققت انتشارا واسعا ونافست علي جوائز مهمة، كل تلك أشكال جديدة للكتابة، لابد من دراستها جيدا لمعرفة ما تقدمه للقارئ الشاب، وإن كانت حقا تواكب الإيقاع السريع لحياته". وعن الأدب في لبنان، أوضحت عبد الرحمن أن الكتابة هناك كانت مرتبطة بالحرب، قائلة "لقد كانت الحرب هي السمة الأساسية حتي مطلع التسعينات، أما الجيل التالي فشغلته قضايا الإعمار والغربة والرغبة في الفرار، والتشكيك في كل الأفكار التي طرحت من قبلهم، فأصبحت الكتابة أحد أشكال الحرب النفسية، حتي أعمالي جميعها وردت فيها الحرب، وعندما حاولت التحرر منها جاءت حرب 2006 لتعيدها مرة أخري". وعادت "لنا" تؤكد مرة أخري أن الحداثة في الكتابة لا ترتبط بجيل أو زمن، ومثالا علي ذلك قارنت بين أدب رشيد الضعيف وربيع جابر، موضحة أن الضعيف رغم كونه كاتبا قديما إلا أن رواياته تتسم بالحداثة والعناوين الصادمة، في حين أن جابر من الجيل الجديد ولكن كتاباته كلاسيكية إلي أقصي حد، واختتمت حديثها قائلة: "الرواية اللبنانية والمصرية مشتركتان في فكرة التحرر من الماضي وتفكيك العالم، ولكن المشهد السردي في مصر أكثر اتساعا وتنوعا من لبنان". من جهتها تري الروائية والقاصة نهي محمود، أن الميراث الذي تركه جيل الثمانينات والتسعينات "ضحل" لذا اختار الجيل الجديد -بإتفاق غير معلن- أن يعبر فوق نقطة السرد التقليدي، وتضيف: "لقد تمكن الجيل الحالي بالفعل من خلق تيمة مميزة لكتاباته، واستطعنا أن نصنع تاريخنا الخاص وعبرنا عن واقعنا كما نراه وكما نعيشه، فعلي إختلاف اتجاهاتنا وأذواقنا أري أننا جيل قادر علي صنع أسطورته الخاصة بشكل يضاهي جيل الستينات، ربما لأننا جميعا نعرف كيف نتواصل ونتحاور، لدينا إيمان مختلف ويقين صادق بسحر الكلمات، ذلك الذي يصنع نفقا في أرواحنا حيث العبور من النور وإليه". بينما اختلف الكاتب الروائي هدرا جرجس مع آراء الحاضرين من النقاد والكتاب، وأكد أنه لا يعترف بهذا المصطلح "الكتابة الجديدة"، حيث يوحي بأن هناك كتابة قديمة علينا التخلص منها، وأكد: "الكتابة في حد ذاتها اختراع، وإنما التجديد يكون فقط بنسب مختلفة، فالكتابة لمسة فكرية ومشاعر متداخلة، وحكاية وسرد ولغة، اختلاف النسب بين تلك العناصر هو من يصنع لنا كتابة جيدة، تحتاج فقط للمسة خلود لتصبح عابرة للأزمنة، فالروايات البوليسية والخيال العلمي والإثارة ليست جديدة، وما أوجدته وسائل التكنولوجيا الحديثة ليس نوعا جديدا من الكتابة، بل هو وسيلة جديدة، في حين أن الكتابة لم تخرج عن أصلها". أخيرا عقب الكاتب يعقوب الشاروني قائلا: "إن التغيرات المختلفة هي من حكمت علي الكاتب بتغيير كتابته، ففرضت وسائل الاتصال الحديثة شكلا جديدا في السرد والتلقي، فأصبحت الصورة هي البطل، حتي الكتاب الكبار باتوا يحلمون بتحويل كلماتهم إلي صورة".