منتصر القفاش : المازنى خلدته " سخريته" .. و حقى "تساؤلاته" لنا عبد الرحمن : " الحرب " تطارد الأدب اللبنانى و كتابه يعانون " حرب نفسية " هيدرا جرجس : الكتابة الجديدة " وهم " عقد برنامج الموسم الثقافى العربى بقسم الحضارة العربية والإسلامية بالجامعة الأمريكية، بالتعاون مع مؤسسة بايارد دودج ندوة بعنوان "الكتابة الجديدة" ، بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وتحدث فى الندوة الدكتورة لنا عبد الرحمن، روائية وقاصة وناقدة؛ ومنتصر القفاش، قاص وروائى؛ هدرا جرجس، روائى وقاص؛ ونهى محمود، روائية وقاصة ، و أدار الندوة الناقد د. حسين حمودة . فى بداية الندوة أكد د. حسين حمودة أن " الكتابة الجديدة " ذكرت فى فترات مختلفة من التاريخ ، و لا تتعلق بجيل معين ، رافضا جملة " نحن جيل بلا أساتذة " مشيرا أن الأجيال تعبر عن التواصل لا الانقطاع . و أكد د. منتصر القفاش أن مصطلح " الكتابة الجديدة " قضية قديمة جديدة ، و أنها تشمل أجيال مختلفة ، فكل كاتب لديه " عائلة أدبية " ، و ضرب مثالا بالكاتب إبراهيم عبد القادر المازنى و " سخريته " التى تعد منظورا للحياة أكسبت كتاباته سمة الاستمرارية ، و كذلك المبدع يحيى حقى الذى اثار أسئلة مازالت تؤرقنا حتى الآن ، منها علاقى الكتابة بالواقع . و كذلك عمل بدرى الديب " حرف الحاء " الذى لم ينشر فى الأربعينات وقت كتابته ، و نشر فى الثمانينات ، لأنه قدم فى عمله كتابة " مخالفة " لما تعارف عليه فى ذلك الوقت ، فكان مشغولا بالتأملات الفلسفية . أما عن سمات الكتابة الجديدة قال القفاش ، أن كل شئ فيها ليس بعيدا عن التشكيك ، و من سماتها الأساسية " السخرية " كمنظور حياة ، و حولت السيرة الذاتية من مجرد حكى إلى تشكك فيما توارثه الكاتب من عائلته و بيئته و إعادة لاكتشاف الذات ، و من سمات الكتابة الجديدة أن الكاتب يشرك القارئ معه . و شدد القفاش أن علينا النظر إلى الكتابة كتيارات لا أجيال ، لنتخطى صراع الأجيال بالتركيز على الإبداع . من جانبها تحدث لنا عبد الرحمن عن التجربة الروائية فى مصر و لبنان فى الكتابة الجديدة ، مشيرة إن إيقاع الحياة اثر على إيقاع الأدب ، ففى القدم كان يجزل الكاتب فى الوصف و لا يشعر الكاتب بالملل ، اما الآن فمن السهل إصابة القارئ بالملل ، فنجد رواية اليوم تواكب سرعة العصر ؟. و فى مصر بدأت فى التسعينات موجة تشكك للأفكار التى أعدوها مسلمات فى الستينات و السبعينات ، و أنتج جيل المدونات جيلا جديدا متمردا و أكثر جرأة ، جعل كتابات العنف و الجنس و الفرضيات فى المقدمة و تطورت كتابة المرأة لتقابل كتابات الرجل فى الفرضيات و التساؤلات و الواقعية السحرية ، كما عبرت لنا عبد الرحمن . و لفتت عبد الرحمن نظر النقاد لأهمية دراسة التيار الجديد من الكتابات التى حققت الانتشار و أصبحت تنافس فى الجوائز كرواية الفيل الأزرق ، فهل تقدم تلك الروايات الإيقاع السريع الذى يناسب القارئ العشرينى ؟ أما فيما يخص لبنان فتحدثت الناقدة عن أن " الحرب " كانت التيمة الأساسية حتى مطلع التسعينات ، أما الجيل الذى تلاه فشغلته قضية إعادة الإعمار و الشعور بالغربة و الرغبة فى الفرار، و التشكك فى كل الأفكار التى طرحت وقت الحرب ، و دخول الكاتب مع نفسه فى " حرب نفسية " . و أشارت لنا عبد الرحمن أنها اكتشفت أن الحرب وردت فى كافة أعمالها ، و عندما حاولت التحرر منها ، إعادتها حرب 2006 لنقطة البداية من جديد . أما عن حكر جيل بعينه للكتابة الجديدة ، فاستشهدت الناقدة بمثال ، قارنت فيه بين أدب رشيد الضعيف ، و ربيع جابر ، قائلة أن برغم أن الضعيف ينتمى للكتاب القدامى ، لكن رواياته حداثية جدا و عناوينه صادمة ، و لكن ربيع جابر فمن الجيل الجديد و لكن كتابته مستغرقة فى الكلاسيكية ، لتثبت بذلك أن " الجيل ليس قاعدة " . و عن التقاطع بين الرواية اللبنانية و المصرية ، قالت لنا أنهما اشتركا فى " التحرر من الماضى و تفكيك العالم " ، و لكنها أكدت أن المشهد السردى فى مصر أوسع من لبنان و أكثر تنوعا . من جانبه خالف الكاتب هيدرا جرجس أراء النقاد الحاضرين ، مؤكدا عدم اعترافه بمصطلح الكتابة الجديدة ، فهذا اللفظ يوحى بأنه علينا التخلص من الكتابة القديمة ، مؤكدا أن الكتابة فى حد ذاتها اختراع ، و أن التجديد ليس سوى فى اختلاف النسب ، فالكتابة عبارة عن لمسة فكرية و مشاعر و قضية و حكاية و سرد و لغة ، و ان اختلاف تلك النسب يصنع لنا كتابة جيدة إن توفر لها لمسة خلود ، تصبح " عابرة للأزمنة " . و أوضح جرجس أن الروايات البوليسية و روايات الإثارة و الخيال العلمى ليست بجديدة ، و أن ما أحدثته الوسائل التكنولوجية الجديدة ليس نوعا جديدا من الكتابة ، بل وسيلة جديدة للكتابة ، لم تخرج عن أصل الكتابة التى تعد مادته الأساسية " الإنسان " مؤسس العالم و ضحيته الأولى . و فى النهاية عقب المبدع يعقوب الشارونى أن التغيرات المختلفة حكمت على الكاتب أن يغير كتابته ، لتفرض وسائل الإتصال الحديثة ، شكلا جديدا فى السرد و التلقى أعطته " نغمة حوارية " ، و أصبحت الصورة هى البطل ، حتى أصبح الكتاب الكبار يحلمون بتحول كلماتهم إلى صورة ، و هذا ما تمناه " غابو " غابرييل غارسيا ماركيز الذى نشر له مؤخرا سيرته الذاتية" ساحر الصحراء " مصورة .