أكد روائيون قدموا شهادتهم الابداعية حول تجربتهم مع الكتابة الروائية وحرية الابداع ؛ أن الإبداع لا يمكن أن يندثر تحت أي ظروف وأنه سيستمر وسيظل بدون سقف، وأن أي محاولة لفرض رقابة أو حواجز ضد الإبداع ستبوء بالفشل، وأكدوا أنه لا خوف من تقييد حرية الإبداع ولا يوجد تيار واحد يستطيع السيطرة على مصر، وأن الثقافة والقراءة هي التي تخلق التغيير الحقيقي داخل الأفراد. وجاءت الندوة التي عقدت بمعرض فيصل للكتاب وشارك في الندوة عدد من الروائيين منهم : محمد إبراهيم طه، ومنتصر القفاش، وأمينة زيدان، وميرال الطحاوي وأدارها الكاتب والناقد شعبان يوسف، الذي قال في بداية الندوة : نستمع في هذه الندوة لمجموعة شهادات لروائيين بعد أحداث كبيرة مرت بها مصر من حيث الزمن والوقع والتأثير، ونلمس تغييرا في مصر في كل شيء، وهل ما يحدث سيؤثر على الفنون أو على الكتابة والأدب بشكل عام وخاصة على الرواية أم أن الرواية ستستطيع ان تمتزج مع الأحداث.. وعندما ننظر لثورة 1919 كان هناك صخب كبير فى الرواية، وكذلك ثورة يوليو 1952، وكان يوسف إدريس يحتكر القصة القصيرة ونجيب محفوظ يحتكر لرواية، وفى جيل الستينات كان هناك اندماج بين الكتاب وبعدها اشتهرت فكرة الكتب الجماعية في الشعر، وفى الثمانينات أصبح كل كاتب يشكل ظاهرة منفردة، ولذلك التجربة ثرية جدا". وأضاف شعبان "الإبداع تحت أي ظروف لا يمكن أن يندثر، والإبداع هو أقصى ما يمكن أن تصل إليه الحرية، والتاريخ عموما لم يقل لنا ان هناك فترة لم يكن فيها إبداع رغم محاولات السلطات لتقييده، ونحن لا نخشى من تقييد حرية الإبداع لأن ليس هناك تيار سيستطيع السيطرة على مصر، نحن المصريين قادمون ولا خوف على حرية الإبداع ولا يوجد عصر في مصر لم يكن فيه قمع وبالرغم من ذلك الإبداع موجود". وقالت الروائية أمينة زيدان "نواجه تيارات مختلفة وينبغى أن يكون هناك فكرة واحدة نجتمع عليها في الأدب والكتابة، وأتصور أن تكون فكرة الجمال في مقابل القبح الذي نراه في معظم الأحداث، وبالتالي نستطيع فرض الجمال، عندما اكتب عن شيء سيء أو سلبي أتصور أن الكتابة ستحول دون حدوثه ثانيا، ولكنه يحدث مرات ولكن لن أتوقف عن الكتابة، في السويس كنا نعلم أن لنا عدوا واحدا ومراقبة هذا العدو كانت تشكل ميثاق وحدة بيننا كمجتمع والآن انضم لهم أطراف أخرى، نواجه الآن مارد توحش بشكل قوي يمثله القوى الرأسمالية وما نحتاجه الآن أن نستعيد قوتنا، كما نحتاج للقراءة والوعي ولا يوجد شعب يتطور إلا بوجود عمل حقيقي". ماذا يقول الروائي ؟ وقال الروائي محمد إبراهيم طه "مشروع أي روائي يرتكز على عنصرين أساسين الأول ماذا يقول الروائي؟ والعنصر الثاني كيف يقول أي امتلاكه لأدوات الكتابة، ومن خلالهما نستطيع ان نعرف مسيرة كل كاتب ونتنبأ إذا كان سيستمر أو سيتوقف وكل المتغيرات التي تطرأ عليه تؤثر قربا وبعدا على مشروع الروائي، نشأتي ومهنتي وفرت لي مزيدا من التجارب الإنسانية، وقد ظهر ذلك في كتاباتي سقوط النوار وغيرها، وتفترض أن هناك ازدواجية في الشخصية المصرية، ولكن من خلال تعاملي مع الشخصيات اكتشفت أن هذا نوع من تقبل وجود الاختلاف والتعايش بينها مثل السنة والصوفيين، وجميع أعمالي تدور حول هذا العالم الشخصيات تتسم بنوع من التصوف والتسامح، أحرص على بناء روائي متناسق ودقيق بالغ العناية، والعنصر الثاني الذي اهتم به هو اللغة لأنها تؤثر على القارئ، ثم فكرة الإيقاع الروائي وأميل إلى الإيقاع المتمهل الهادئ وهذه العناصر هي التي تتحكم في مشروع الروائي ككل". وأكد الروائي منتصر القفاش على أن الإبداع المصري سيستمر وسيظل بدون سقف، مؤكدا أن أي محاولة لفرض رقابة أو حواجز ضد هذا الإبداع ستبوأ بالفشل. وقال القفاش "للكاتب الكبير يحيى حقي تعريف قصير للقصة القصيرة، يقول عنها أنها فن حذف المقدمات، والورشة التي تعلمت فيها فن الرواية هي كتابة اليوميات، وكانت قاصرة على تسجيل الأحداث اليومية، وتدريجيا أصبحت سردا لما يحدث، ثم أصبحت روايات، واليوميات أقصد بها اليوميات التي تخص صاحبها فقط، ولا يقرأها أحد ومن خلال كتابة اليوميات كانت تتكشف لي أشياء كثيرة في مجال الكتابة والتجربة الروائية، وبالتدريج انتبهت إلى جمال وسحر ما نطلق عليه شيء عادى، ودائما أتوقف عند ما يبدو عاديا وأحاول كشف ما به من غرابة، وعن مفهوم الجمال". وقال القفاش "هو سؤال يطرحه دائما الكاتب، وهو طاقة تدفع الكاتب إلى أن يتحدث ويكتشف أشياء جديدة ويضيف إلى كتاباته ولا أستطيع أن أتخيل أن هذا الجمال توضع له حدود أو يفرض عليه قيود". كيف يحلمون ؟ وقالت الروائية ميرال الطحاوى "أفكر الآن في الحلم والأمل أكثر مما أفكر في القمع، كان والدي يحلم أن نصبح جميعا أطباء، وبعد وفاته أكملت أمي هذا الحلم، وأصبح جميع أخوتي أطباء، أما أنا فقررت أن أدخل كلية الآداب قسم اللغة العربية، وأن احصل على الدكتوراة، وفكرة أن الفرد يصبح كاتبا لم أدركها إلا عندما سافرت الى أمريكا واكتشفت عظمة فكرة أن أصبح كاتبة". وأضافت "في أمريكا يعلمون الأطفال كيف يحلمون، وكل أسبوع يعطون الطفل في المدرسة رواية صغيرة، واكتشفت أن الواجب المنزلي في مدارس أميركا، هو القراءة فهي التي تعطيهم القدرة على الكتابة وفكرة الحلم، كما يهتمون أيضا بالتاريخ وكذلك كل الشعوب المتقدمة، فالقراءة هي التي تخلق تغييرا حقيقيا داخل الأفراد، وليس من خلال برامج التوك شو لأن القراءة هي التي تعطى الفرد قدرة على الفهم واحترام اختلاف الآراء فلكل كلمة مكتوبة قيمة، وهذا ما تعلمته وما فتح لي طرقا وافقا كثيرة".