فى اليوم الثانى من مؤتمر أدباء مصر الثالث والعشرين بمحافظة مطروح، مساء يوم الثلاثاء 23 ديسمبر الجارى، أقيمت المائدة المستديرة بعنوان "الكتابة الجديدة ومساءلة الواقع السردى"، وتحدث فيها: سهى زكى فى موضوع "سبوبة الأدب فى القرن العشرين"، طارق إمام فى "أسئلة الرواية الجديدة"، عمر شهريار فى "الإنترنت ساحة التعبير عن الذات"، محمد عبد النبى فى "التدوين والحراك الثقافى"، ومنى الشيمى فى "السرد التدوينى من...إلى"، هدرا جرجس فى "ما وراء الكتابة الجديدة"، هويدا صالح فى "الكتابة التدوينية". رأس الجلسة د. سعيد الوكيل، الذى أشاد بفكرة حضور الشباب، وكونها رائدة فى هذا السياق، ذلك لأن هناك تهميشاً لكتابات بعينها وخاصة من الكتابات الجديدة، التى تحمل رؤى الشباب. وأشار إلى أن أهمية هذه الجلسة هى التعامل مع رؤى الشباب مباشرة دون الحديث عن غائب اسمه كتابات الشباب الجديدة، كما لاحظ أن الأوراق المقدمة بشكل عام تنصب على القراءة الثقافية للمنتج الأدبى. أما محمد عبد النبى فى مداخلته، فأكد أنه لا توجد لديه أفكار مسبقة أو نتائج نهائية حول موضوع المؤتمر بقدر ما توجد لديه مجموعة من الهواجس والتساؤلات حول هموم السرد الراهنة: كالإنتاج والتلقى والصحافة والنشر، وتحويل الكتابة إلى سلعة استهلاكية زائلة، وتهميش الأنواع الأدبية لصالح الرواية وتأثر الكتاب بذلك، ودور الصحافة الثقافية فى ذلك، ومدى ما حققته تجربة التدوين فى الحياة الأدبية والثقافية. وبالانتقال إلى كلمة هدرا جرجس، فقد رأى أن الكتابة الجيدة كلها على نحو ما هى كتابة جديدة لأن كل عمل متميز هو مختلف، ولتحديد مدى جدية الكتابة، لابد من الاحتكام إلى الإبداع نفسه دون الإغراق فى المصطلحات الجوفاء. وعن أسئلة الرواية الجديدة يرى طارق إمام أنه من الأنسب الحديث عن المناخ الجديد الذى تشهده الحياة الثقافية والذى يمكن تحديده فى: دخول المدونات ساحة الأدب، تكاثر دور النشر المهتمة بالأدب، وبروز قيم تسويقية جديدة مثل حفلات التوقيع، وانسحاب سلطة التقييم من يد النقاد إلى القراء، وأكد أن الروايات الجديدة فى مصر يمكن مقاربتها بمنطق فردى حسب الكاتب وجدته ورؤيته الخاصة. وتناولت هويدا صالح الكتابة التدوينية مشيرة إلى أن المشهد السردى يقبل ذلك التعدد الواضح فى طرائقه الذى تجاوز حتى حدود النوع الأدبى، وناقشت المدونات بوصفها رافداً سردياً هاماً يمكن أن يؤدى فى رأيها إلى تحول المشهد الكتابى وكذلك الصحفى. ورأى عمر شهريار فى الإنترنت متنفساً يمارس فيه المصريون ودول العالم الثالث دور السارد، وذلك لما تعانيه هذه الذات من قهر وإقصاء، ولهذا وجدت فى الفضاء الإلكترونى فرصة ذهبية للحضور والمشاركة بعيداً عن السلطة، والسؤال المحورى فى هذا الصدد: هل نمارس هذا السرد الإلكترونى وفق مواصفاته هو أم وفق تصوراتنا القديمة؟ أى هل استطعنا أن ننجز جدة فى الوعى تلائم هذا الفضاء؟ كما ترى منى الشيمى فى الأدب التدوينى والنشر الإلكترونى محاولة لظهور كتاب جدد دون الوقوع تحت أسر المؤسسات الثقافية والإعلامية، ودون الحاجة إلى التواجد فى العاصمة الثقافية، وأدى كل ذلك إلى ميلاد ألوان جديدة من السرد التدوينى. ثم علق د. أحمد مجاهد على أن هذه الجلسة تُعد أحد أهم وقائع هذا المؤتمر وكانت ذات فائدة جمة لكل المستمعين والمشاركين، ولكن فَرق بين مصطلحات ثلاثة هى: الرواية الجديدة (وهى نوع أدبى)، والكتابة الجديدة (وهى كتابة عبر نوعية)، والسرد الجديد (وهو عدة تحولات مختلفة فى السرد)، كما أثنى على الجلسة د.حسين حمودة، ورأى أن فكرة الجدة قائمة دائماً، مما أدى إلى خلل فى فكرة الأنواع الأدبية، ولكن ثمة كتابات جديدة علينا الكشف عن ملامحها، والكشف كذلك عن تصوراتنا عن الجدة الآن وسابقاً. وقد رأى الروائى حمدى أبو جليل أن جيل المتحدثين فى المائدة المستديرة هو جيل حقق رواجاً نسبياً فى سوق الرواية المصرية، كما أنه نجح فى التحرر من سطوة اللغة الأدبية العتيقة والانفلات من سطوة تقنيات الرواية.