أعلنت وزارة الثقافة التشيكية عن أسماء الفائزين بحائزة الدولة في الأدب لعام 2014 والتي تمنح للأديب الذي يساهم في إثراء الحياة الأدبية بأعماله عن العام السابق لمنح الجائزة وكذلك الحال في مجال الترجمة إلي اللغة التشيكية. وتمنح أيضًا الجائزة عن مجمل الأعمال الأدبية أو الأعمال المترجمة للفائزين. يحصل الفائز علي شهادة ومبلغ بقيمة حوالي 14 ألف دولار. يعود تاريخ هذه الجائزة إلي عام 1920 مع فترة توقف خلال الحقبة الشيوعية وحتي عام 1995. من بين أشهر من حصل علي تلك الجائزة الأديب العالمي التشيكي ميلان كونديرا عن رواية "كائن لا تحتمل خفته". تُسّلم الجائزة للفائزين في الثامن والعشرين من أكتوبر من كل عام، وهو التاريخ الذي يوافق العيد القومي للجمهورية التشيكية. تتمثل أهمية الجائزة في أنها تمنح في بلد أنجب العديد من الأدباء الذين أثروا بشكل كبير في الحياة الأدبية علي مستوي العالم، ولا ننسي هنا فرانز كافكا الذي عاش في تلك البيئة الثقافية كمواطن تشيكي، وأحد الأدباء التشيك الذين كتبوا أعمالهم ببراغ باللغة الألمانية. ونذكر أيضًا الشاعر التشيكي ياروسلاف سايفرت (1901-1986) الذي حصل علي جائزة نوبل في الأدب عام 1984. حصل علي الجائزة هذا العام في مجال الأدب الأديب التشيكي باتريك أورشادنيك عن مجمل أعماله الإبداعية كأديب ومترجم وشاعر. ولد باتريك في مدينة براغ عام 1958 ثم هاجر إلي فرنسا عام 1984 كما فعل كونديرا قبله بتسعة أعوام ربما لنفس الأسباب السياسية التي منعته من مواصلة الدراسة بعد توقيعه علي وثيقة في عام 1979 تطالب السلطات بالإفراج عن المسجونين السياسيين في تشيكوسلوفاكيا السابقة. لكنه علي العكس من كونديرا الذي أصر دائمًا علي أن تصدر أعماله منذ عام 1981 باللغة الفرنسية ويعتبر نفسه أديبًا فرنسيا، فإن باتريك أورشادنيك يكتب أعماله باللغة التشيكية وينشرها في بلده الأم. حصل أورشادنيك علي الجائزة عن مجمل أعماله التي من أبرزها رواية "عام أربعة وعشرون" والتي صدرت عام 1995. جاءت الرواية علي شكل سرد ذكريات وأحداث سياسية واجتماعية من تلك الفترة في مقاربة مع ما حدث في الفترة من 1965 وحتي 1989 وهو العام الذي حدثت فيه الثورة المخملية التشيكية وقضت علي النظام الشيوعي هناك. وفي عام 2001 صدر له عمل بعنوان "أوروبيانا - التاريخ المختصر للقرن العشرين" وهي بمثابة قراءة تاريخية مغايرة للثوابت التاريخية وتأويلاتها النمطية في المجتمع الغربي. إنها محاولة مستفزة لنقل صورة عن أكثر القرون دموية في تاريخ البشرية، وما حمله من حروب، وعمليات قتل، وتيارات فكرية، واكتشافات. حصل في استطلاع أجرته إحدي الجرائد التشيكية وأكثرها شهرة (ليدوفا نوفيني) علي لقب كتاب العام عن عام 2001. يُعدّ الكتاب موسوعة مختصرة عن كل ما تميز به القرن العشرين بدءًا من حمالات الصدر النسائية وحتي نظرية المعلومات. يتحدث فيه أورشادنيك عن متوسط طول الجنود الأمريكيين الذين شاركوا في جبهة الحلفاء، وعن عدد القتلي الأمريكيين في مقاطعة نورماندي الفرنسية الذين لو اصطفت جثثهم كانت لتبلغ 38 كيلوا مترًا. إن الإحصائيات من أهم الوسائل التي يحتاجها المؤرخ، لكن علم النفس يستخدم وسائل أخري، وهو ما حاول أورشادنيك تجنبه. لهذا السبب جاء كتابه صادمًا وجاذبًا أيضًا. كتبه بنغمة طفولية بريئة. لقد استعمل أورشادنيك من مخزونه اللغوي الثري أولي أدواته، وهي الطرافة والتهكم عندما يتحدث عن اكتشاف ورق التواليت، أو حمالات الصدر النسائية. يبلغ قمة التهكم وهو يتحدث عن عمليات التطهير العرقي للأقلية الأرمينية في تركيا عام 1915. وبنفس لهجة التهكم يكتب أورشادنيك علي أول قانون إخصاء الأقليات المهمشة الذي صدر في الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1907. يجوب أورشادنيك بنا وسط أمواج القرن العشرين بلهجة سهلة ومسترسلة، نكاد معها أن ننسي الكم الهائل من المعلومات في ثنايا حديثه. بنفس السهولة يطوف بنا في أرجاء الفلسفة، وعلم النفس، والعلوم الطبيعية والسياسية، وفنون الحرب، وعلم الأجناس الخ. وبعد كل تلك الأهوال والمصائب التي حلت بالبشرية يختتم أورشادنيك كتابه بالحديث عن نظرية نهاية التاريخ التي ربما نتمني أن تحدث بعد أن نجوب معه وسط أحداث القرن العشرين. ترجم "أوروبيانا" إلي أكثر من خمس وعشرين لغة، ومنها اللغة العربية، حيث صدرت العربية هذا العام 2014 في دار العربي للنشر والتوزيع. صدرت له في عام 2006 رواية بعنوان "اللحظة الملائمة، 1855"، يواصل فيها الكشف عن حقائق العصر وإعادة قراءته بطريقة مغايرة. ويتناول في هذه الرواية الأوضاع الاجتماعية في القرن التاسع عشر من خلال رحلة مجموعة من الفوضويين الأوروبيين إلي البرازيل بغرض تأسيس "مستعمر الإخاء" حسب وصية "الأخ الأكبر". وفي رواية (مرفقات) التي صدرت عام 2006 اتجه الأديب إلي أسلوب الروايات البوليسية. حصل باتريك أورشادنيك علي أكثر من عشرين جائزة أدبية في الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا، والاتحاد الأوربي. منها جائزة أفضل عمل أدبي لعام 2005 عن كتابة أوروبيانا في الولاياتالمتحدة.