دقت جائزة نوبل للآداب أجراسها، وأعلنت بورصتها اسم الفائز الروائى الفرنسى باتريك موديانو من بين 250 أديبًا من مختلف أنحاء العالم كمرشحين للجائزة، إلا أن "موديانو" التصق اسمه بنوبل ليس لكونه أهم كاتب فرنسى منذ بداية التسعينيات فحسب، بل بسبب تمكنه من فن الذاكرة، حيث إنه أنتج أعمالًا تعالج المصائر البشرية، وكشف العوالم الخفية للاحتلال. موديانو من مواليد سنة 1945 ونشر روايته الأولى ميدان النجم فى الثالثة والعشرين من عمره، وحصلت رواياته على أهم الجوائز الأدبية فى فرنسا وخارجها، منها الجائزة الأدبية الفرنسية، وجائزة المكتبات بفرنسا، وجائزة جونكور فى فرنسا، وجائزة الدولة النمساوية للأدب الأوروبى عام 2012م، وجائزة روجينى نيمييه. يعتبر باتريك موديانو الأديب الفرنسى الخامس عشر الذى حصل على جائزة نوبل للآداب. دعنى عزيزى القارئ أن أصطحبك إلى بستان جائزة نوبل كى نستنشق عطر المعرفة عن أهم جائزة عالمية. بدأ تقديم جوائز نوبل لأول مرة فى العاشر من ديسمبر عام 1901م فى ذكرى وفاة ألفرد نوبل (1833-1896) ذلك المهندس والمخترع السويدى، الذى اخترع الديناميت سنة 1867 ونال العديد من الجوائز العالمية، ومن المثير للدهشة أنه أوصى قبل وفاته بأن معظم ثروته التى جناها من الاختراعات تمنح للفائزين بالجائزة ويطلق عليها اسمه. وحسب الوصية التى تركها، أن حفل تسليم الجوائز يقام فى صالة الاحتفالات الموسيقية باستوكهولم، والصالة تتسع لألف وثلاثمائة ضيف، والضيوف هم عائلات الحاصلين على الجائزة وأفراد العائلة المالكة السويدية والسياسيون والدبلوماسيون وممثلو الحكومة السويدية وأعضاء البرلمان. ويُشْرِف ملك السويد بنفسه على تسليمها لأصحابها، وذلك فى تخصصات الكيمياء والطبيعة والأدب والطب. أما جائزة السلام فيتم تسليمها فى قاعة مجلس مدينة أوسلو بالنرويج وفقًا لبنود الوصية. بدأت قيمة الجائزة من ثلاثين ألف دولار فى السنوات الأولى، ووصلت إلى 700 ألف دولار فى أوائل التسعينيات من القرن العشرين، فى حين بلغت قيمتها المادية حاليًا نحو مليون دولار، ويقوم الفائز باستلام شيك بقيمة الجائزة، ويُمنح معه ميدالية ذهبية مرسوم عليها صورة ألفريد نوبل، وشهادة تقدير. حجبت جائزة نوبل فى الآداب فى 7 أعوام هى، 1914 و1918 و1935 و1940 -1943، لقلة أهمية الأعمال المرشحة وعدم استحقاقها الجائزة. الطريف فى الأمر أنه خلال عمر الجائزة الذى تجاوز قرنا من الزمان لم يحصدها العرب إلا 4 مرات فقط لعلماء وأدباء وسياسيين مصريين، حيث منح السادات عام 1978 جائزة نوبل للسلام، ثم نجيب محفوظ عام 1988 الذى حصل على الجائزة فى الأدب عن مجمل أعماله الأدبية التى تُصوِّر واقع الحارة المصرية فى القاهرة فى فترة ما قبل ثورة يوليو 1952 وما بعدها. أما المرة الثالثة فكانت فى عام 1999م عندما حصل عليها الدكتور "أحمد زويل" فى الكيمياء بعد توصله لاختراع كاميرا أطلق عليها "الفيمتوثانية"،وعام 2005 فاز محمد البرادعى بالجائزة فى السلام، وترجع أسباب عدم فوز أى عربى بعد نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب إلى ضعف المجتمعات العربية وانحدار تأثيرها الحضارى الذى ينعكس على مستوى اللغة وضعفها. وأن فوز نجيب محفوظ بالجائزة فى عام 1988 يرجع لاهتمامه بلغته العربية، موضحا أن محفوظ جعل الجميع يتحدثون العربية الفصحى حتى العاهرات وأبناء الطبقات الشعبية فى رواياته كافة. والغريب فى الأمر من كونها أعظم وأصعب جائزة فى العالم إلا أن هناك من رفضوها مثل الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر ففى عام 1964 منحت له الجائزة بما تعادل 300 ألف يورو. ولكنه قابل الخبر بالرفض وكان أول من يعترض على نيل جائزة نوبل فى العالم وفسرت الأسباب أنه خاف أن يدفن حيا قبل أن يتم مساره وكان ينظر إلى الجوائز على أنها «قبلة الموت». فكل أفكاره بنيت على نقد كل أشكال المؤسسات فكيف يقبل مثل هذه الجائزة لم يكن سارتر لوحده الذى دخل موسوعة رفض أعظم جائزة بل شاركه أيضا برنارد شو، حيث قدمت له الجائزة وقابلها بالرفض معللًا: أن هذا طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلا إلى بر الأمان. والغريب فى الأمر أن هناك العديد من الأدباء لم يحالفهم الحظ على نيل جائزة نوبل فى الآداب منهم من غادر ورحل مثل توفيق الحكيم وطه حسين، ومنهم من بقى فى انتظارها مثل إيزابيل اللندى وميلانو كونديرا وجورج أمادو.