هل تسعي وزارة الآثار إلي سفر قطع فريدة في المعارض الخارجية بعد وضع توصيف غير متعارف عليه لمعني القطعة الفريدة؟ وهل تخالف الوزارة أحكام القضاء بالإصرار علي سفر معرض توت عنخ آمون إلي اليابان؟، وهل بالفعل لم تحدث من قبل أي تلفيات أو فقد لقطع سافرت إلي المعارض الخارجية؟ وهل يجب تغيير القوانين الحالية ؟، وهل يكون ضعف الموارد المالية للوزارة مبررا كافيا لقبول تلك المعارض؟ أسئلة ومخاوف ومفاجآت توالت بمجرد تعرض أخبار الأدب لقضية معارض الآثار الخارجية التي تطرحها من جديد إقامة معرض توت عنخ آمون باليابان في سبتمبر القادم. علي مدونته،يعترف الدكتور زاهي حواس أشهر وزراء الأثار السابقين بتحطم قطعة أثرية أصلية جميلة وذلك ضمن لقائه مع قناة تليفزيونية بسان فرانسيسكو فيقول"بعد جولة المعرض في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، قررت الحكومة المصرية أن القطع الأثرية من مقبرة توت لا ينبغي أبدًا أن تسافر مرة أخري؛ للضرر الذي أصاب تمثال خشبي مذهب جميل من مقبرته بكسر العقرب الموجود فوق رأسه في ألمانيا". وفي اجتماعه بالصحفيين الخميس قبل الماضي أكد الدكتور ممدوح الدماطي وزير الاثار إقامة معرض اليابان، موضحا أن حكم المحكمة الذي اوقف معرض كليوباترا هو حكم يخص حالة معرض كليوباترا فقط لأن الأحكام القضائية لا تعمم، وموضحا الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها وزارته بسبب الركود السياحي وانها بحاجة للمال لإتمام عمليات الترميم والمشروعات القائمة حاليا، ولا يتفق مع وجهة نظر الوزير عدد من النشطاء والأثريين كما تتعارض مع وجهة النظر تلك حيثيات حكم الإدارية العليا غير القابل للطعن وبين تباين وجهات النظر قد تنسف فكرة المعارض الخارجية من أساسها بحكم قضائي جديد يسعي نشطاء للوصول إليه من خلال مذكرة تحاول شق طريقها للمحاكم. و في تصريحاته لأخبار الأدب وفي إطار دفاعه عن المعارض الخارجية يؤكد الدكتور احمد شرف رئيس قطاع المتاحف أنه من غير المعقول ألا تعظم مصر الاستفادة من تراثها الحضاري والثقافي خاصة وان ذلك يحقق عدة أهداف منها الاستفادة المادية لمشروعات الاثار والمتاحف والاستفادة في عملية التنمية البشرية والقدرة علي تنمية الوعي الأثري حيث تبلغ عوائد المعرض نحو عشرة ملايين دولار إضافة إلي مليوني دولار "لصالح مصر تفرض علي كل تذكرة دخول" و10 بالمئة من قيمة مبيعات النماذج الأثرية. ويؤكد شرف عدم إمكانية حدوث تلفيات حيث تتوفر بالمعارض الخارجية كافة الاحتياطات الواجبة سواء في اعمال النقل او الصيانة أو العرض المتحفي مشيرا أنهم علي مستوي تقني غير متاح في مصر في نقل الآثار من اماكن الاكتشاف إلي المخازن المتحفية،كما ان عملية التأمين علي الاثار بمبالغ باهظة تضمن حرصهم علي تلك الآثار، مؤكدا ان قيمة التأمين علي معرض اليابان تصل إلي 900 مليون دولار علي عدد 128 قطعة. ويضيف شرف:علي مسؤوليتي الخاصة أؤكد إستحالة حدوث استبدال لأي قطعة بأخري مقلدة نظرا للإجراءات الأمنية الكبيرة وعمل بصمة جنائية للأثر يتم تحريزها ووضعها في خزانة مدير المتحف ولا يفتح الحروز إلا بلجنة ثلاثية بعد عودة الأثر، ولا يعرف شرف ما إذا كان هذا النظام مطبقا من قبل لكنه يؤكد أنه منذ جاء إلي إدارة المتاحف وهذا الإجراء هو المتبع. ويفجر شرف مفاجأة حول سفر القطع الأثرية الفريدة،فيقول: هناك جدل حول مايعنيه مصطلح أثر فريد،وانا اصر علي ان القطعة الفريدة هي القطعة التي لايوجد سواها لصاحبها بمعني أن وجود قطع مختلفة وغير متشابهة لنفس الشخص لا يعني أن اي منها فريدة! وحول إمكانية ان تعرض مصر مستنسخات للقطع الأثرية في المعارض الخارجية يقول شرف: من وافق علي تصنيع مستنسخات وبيعها بمقابل زهيد لمن يقيمون بها معارض في الخارج ويكسبون منها أموالا طائلة هو شخص أحمق، مشيرا إلي ان جميع دول العالم تقيم معارضا لأثارها في الخارج. ويعارض الدكتور محمد حمزة عميد كلية الآثار جامعة القاهرة قكرة المعارض الخارجية مصرا علي انها تؤثر سلبا علي السياحة التي لا تحقق الأرباح لقطاع الآثار فقط بل تدعم قطاعات أخري كثيرة، مشيرا إلي ان عوائد الاهتمام بالأثار قد تصل إلي أضعاف عوائد محور قناة السويس بالنظر إلي دول اقل أثريا من مصر مثل تركيا وأسبانيا،ويرفض حمزة تماما تعريف د. شرف للقطع الفريدة ويبدي تخوفه مما قد يترتب علي هذا التعريف موضحا أن القطعة الفريدة هي القطعة التي لا يوجد مثيل لها حتي وإن كانت واحدة من قطع تخص نفس الشخص أو نفس العصر او نفس المكان، وأن التفرد أحيانا يكون بسبب الندرة ومن ذلك وجود دينارين فقط لشجرة الد،ر،ويصر حمزة علي تعديل القوانين بما يمنع الالتباس في المصطلح ويسمح لمصر بالحصول علي حقوق الملكية الفكرية في معروضات العالم من الاثار المصرية وإعادة النظر بقوة القانون في استفادة الذين اشتروا المستنسخات وتربحوا منها علي ان تقوم مصر بإقامة معارض المستنسخات،ويؤكد حمزة أن قرار مجلس إدارة المجلس الأعلي للآثار الذي انعقد الأحد الماضي منع بالفعل سفر 15 قطعة فريدة كانت مطلوبة لمعرض اليابان!. المذكرة التي كتبها مجموعة من المتخصصين في الآثارو حصلنا عليها تشير إلي نصوص الدستور في المواد رقم 33 ،34 ،49 ،167 ،168 ، والتي تتضمن حماية الدولة للملكية العامة والتراث والآثار وفي ذات السياق صدر قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 كما نصت اتفاقية حماية التراث العالمي لمنظمة اليونسكو علي أن تتكفل كل دولة بحماية آثارها ،وقد وقعت مصر علي هذه الإتفاقية. وترد المذكرة علي مزاعم تعزيز موارد وزارة الأثار "حيث أنه من الثابت أن احد المسئولين عن الأثار قد قام بالإشتراك مع شركة فاكتيوم آرتي السويسرية بعمل مستنسخات لبعض آثار توت عنخ آمون بالمتحف المصري" وعرضت بعدة مدن عالمية وبلغ عدد زائريها 4 مليون شخص بربح أكثر من نصف مليار جنية مصري ولم تحصل مصر علي أي عائد بالمخالفة لقانون حماية الملكية الفكرية 82 لسنة 2002 والمادة 36 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 وكان الأحري بالمسؤول الحرص علي حق مصر في هذه المعارض. وقد تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا برفض سفر أثار مصر أو تاجيرها خارج مصر أو داخلها حيث ورد في حيثيات الطعن رقم 943 و 1640 لسنة 40 ق.ع: "حيث أن عرض نفائس أثرية من تراث مصر خارج أراضيها وسط حراسة لشركة أجنبية خاصة دون أدني ولاية أمنية مصرية البتة علي المعروضات الأثرية الأمر الذي يعتبر بلا جدال تخلياً جلياً عن ملكية الشعب المصري لهذه الآثار ونقلاً لهذه الملكية لشعب آخر ولدولة أخري وهو أمر لا تملكه سلطة مصرية". و تشير المذكرة إلي حيثيات حكم محكمة القضاء الاداري في الدعوي رقم 8052 لسنة 47 قضائية بتاريخ22/1/1994 حيث تضمنت مذكرة دفاع هيئة الآثار المصرية المقدمة للمحكمة بجلسة 19/10/1993 أن "الآثار المصرية بصفة عامة تعتبر آثاراً فريدة وكل أثر في حد ذاته منفرد وفريد لأنه لا يوجد أثر واحد يشابه الآخر ويماثله تماماً فلم يصرف الفنان المصري القديم آلة لتصنيع آثار متماثلة فكل أثر له قيمته الفنية والتاريخية والعلمية " ومن ثم تنتفي مقولة أن بعض الأثار المصرية متشابهة ومكررة وهو ما يجمع عليه جميع علماء الآثار المصرية في جميع أنحاء العالم. كما ثبت تعرض قطع أثرية لتلف شديد خاصة التي عرضت في كندا والولايات المتحدةواستراليا وعلي الأخص في استراليا كما ورد في حيثيات حكم محكمة القضاء الاداري في الدعوي رقم 4052 لسنة 47 ق، وهي امور لا تعوضنا عنها أموال الدنيا. ويؤكد الأثري نور الدين عبد الصمد صاحب قضية معرض كليوباترا عدم صحة مقولة أن خروج الأثر يمثل دعاية للسياحة لأن متاحف العالم تعج بالآثار المصرية وهذا دليل دامغ علي أننا لسنا بحاجة الي عرض المزيد منها هناك، ويطالب ببطلان الاتفاقية مع اليابان لاحتوائها علي مادة تخل بمبدأ ولاية وحيازة الدولة المصرية علي آثارها حيث نصت علي قيام المؤجر"بتدبير الحراسة اللازمة داخل اليابان" وكذا اعتبار أن هذه الآثار أصبحت من الأشياء المؤجرة حيث انتفت عنها صفة المنفعة العامة وأصبحت منفعة خاصة كما نصت المادة 558 من القانون المدني مشيرا إلي حكم محكمة القضاء القضاء الإداري الدائرة الأولي بجلستها المنعقدة في 8/9/2012 في الدعوي رقم 14159 لسنة 66 ق بعودة عدد 142 قطعة أثرية من مقتنيات الملكة كليوباترا وهو الحكم الذي أوضح احتمال تعرض الآثار للتلف أو الفقد أو الاستبدال بالإضافة إلي أن نزوح السائحين من شتي بلاد العالم لمشاهدة هذه الأثار في موطنها ومنشأ حضارتها لهو المبتغي منها لما في ذلك من تكريم لها ولمبدعيها.